عن المخاطر البيئية: الجفاف وارتفاع منسوب البحار
المياه الجوفية مهددة في جميع أنحاء العالم ويزداد الطلب عليها في جنوب الولايات المتحدة وفي شمال الصين وسهول نهر السند.
تضاعفت الممارسات المضرة بالبيئة على مر القرن الماضي والعقدين الأخيرين من القرن الحالي، نتيجة انبعاثات غازات الدفيئة، وتدمير طبقة الأوزون، واختلالات مناخية، وارتفاع منسوب مياه البحار المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري، وانخفاض موارد المياه العذبة، وتدمير واسع النطاق للنظم البيئية، وصيد مفرط للحيوانات، والنمو الديموغرافي والتوسع الحضري المطرد، وإزالة الغابات وغيره الكثير التي تناولها الكاتب لوييك شوفو في كتابه "المخاطر الطبيعية في العالم" الصادر في الرياض.
الغلاف الجوي المسمم
تأثير الغازات الدفينة: ربما لم تكن الحياة ممكنة على كوكب الأرض من دون انبعاثات غازات الدفينة، لكننا نعرف أن لارتفاع نسبة هذه الغازات في الغلاف الجوي عواقب وخيمة.
من هذه الغازات ثاني أوكسيد الكربون المتسبب الأساسي في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري إضافة الى خمسة غازات دفينة أخرى موجودة بكميات قليلة الميثان، والأوزون، وأوكسيد النيوز والكلوروفوروكوبون وهو "يكون إما بحالة غازية أو سائلة يستعمل في دارات التبريد وصناعة المواد البلاستكية".
ومنذ بداية عصر الصناعة وزيادة استخدام الإنسان للطاقة الأحفورية ساهم ذلك في تصاعد نسبة انبعاثات الكربون وكذلك الميثان وأوكسيد النتروجين مُسبباً في اختلال التوازن الحيوي.
عواقب الاحترار العالمي
يعد ارتفاع منسوب البحار من أحد أهم نتائج ارتفاع درجة الحرارة الناجم عن الذوبان الجزئي للجليد في المناطق القطبية واتساع طبقة المياه السطحية للمحيطات. فالجزر ذات الارتفاع المنخفض تكون مهددة، هذا هو حال المالديف وأكثر جزر المحيط الهادئ المرجانية.
تلوث المدن:
تجاوز نمو المدن الآسيوية الكبير كمدينة هونغ كونغ نمو المدن الأوروبية والأميركية الكبرى مما يؤدي الى زيادة تلوث الهواء بفعل الأنشطة البشرية.
وهناك نوعان للملوثات: ملوثات أولية تتكون من غازات الاحتراق الأساسية أوكسيدات الكربون والنيتروجين.
ملوثات ثانية: نتيجة لتفاعل كيميائي لاحق لعملية الانبعاث مثال طبقة الأوزون التروبوسفيرية الناتجة من تفاعل أوكسيدات النيتروجين تحت تأثير الشمس.
التلوث الناتج من الأنشطة البشرية:
-تعد الصناعة الباعث الأساسي لثاني أوكسيد الكبريت.
-وسائل النقل التي هي السبب في أكثر من ثلث انبعاثات الغازات.
-الزراعة: مثال على ذلك: كانت لعملية زراعة الأرز في آسيا آثار سلبية لأنها تأتي على مساحات واسعة تؤدي إلى تكاثر البكتريا المُنتجة لغاز الميثان.
الذهب الأزرق في خطر:
تلوث المياه العذبة: الماء هو قضية العالم ومورد نادر يجب الحفاظ عليه ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجغرافيا. فبضعة كيلومترات تكفي أحياناً للانتقال من الندرة في الماء الى الوفرة لأن المياه مورد محلي من الصعب نقله غير قابل للضغط.
يمتلك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى موارد محدودة من المياه. فالشرق الأوسط يمثل أكثر من 5% من سكان العالم لكن لديه 1% من الاحتياطي المائي، في حين أن شمال الصين يعاني من موجات جفاف تزداد حدة، حتى إن نهر "هوانغ هي" أو "النهر الأصفر" لم يعد قادراً على التدفق حتى مصبه في الصيف، في حين أن نهر يانغ تسي كيانغ "النهر الأزرق" في الجنوب يعاني من فيضانات مدمرة وأكثر تواتراً.
الأخطار المحدقة بالمياه الجوفية
المياه الجوفية مهددة في جميع أنحاء العالم. يزداد الطلب عليها في جنوب الولايات المتحدة" تكساس، أريزونا، ونيومكسيكو" وفي شمال الصين وسهول نهر السند.
يضم مرصد الصحراء الكبرى والساحل الأفريقي الغربي 16 دولة مطلة على الصحراء، وذلك من أجل دراسة المياه الجوفية وإدارتها والتي تعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة مثل المياه الجوفية للصحراء الشمالية والتي تستغل في ليبيا وتونس والجزائر، وكذلك الأمر بالنسبة لحوض النوبة الواقع تحت حدود ليبيا، وتشاد، ومصر والسودان.
خطر على المحيطات
الموت الأبيض للشعاب المرجانية: تعد البيئة المرجانية ملجأً للتنوع البيولوجي، مما يجعلها في المرتبة الثانية بعد الغابات الاستوائية، و40% منها تقع في المحيط الهادئ، وعلى مدى العقود يخضع المرجان لانتهاكات جراء الأنشطة البشرية، إضافة إلى دور ظاهرة الاحتباس الحراري وبالتلازم مع ظاهرة النينو المتصاعدة بالتأثير على موت هذه الشعاب.
الصيد الجائر للأسماك:
تعد آسيا أكبر مستهلك للأسماك، لكن الصين تغطي حالياً ثلث إنتاج الأسماك نتيجة التطور الكبير للإستزراع المائي.
إن الانخفاض الهائل الذي لوحظ في أعداد وأنواع الأسماك خلال القرن العشرين وخاصة شمال المحيط الأطلسي نتيجة الصيد الجائر خاصة من قبل الإسبانيين والبرتغاليين.
فقد انضمت أنواع من الأسماك الى اللائحة المهددة بالانقراض منها سمك القد حيث تعد محزونات خليج غاسكونيا في أدنى مستوى لها واختفت تماماً من سواحل الباسك.
وهناك مخاوف كبيرة لدى العلماء بشأن التونة الحمراء في البحر المتوسط أيضاً لأنها المكون الرئيسي للسوشي.
الساحل المهدد: في ستينيات القرن الماضي بني منتجع "لاغراند موت" في فرنسا فوق مستنقعات، ما سبب أضراراً لايمكن اصلاحها لهذه البيئة الطبيعية وتشويها للساحل.
وتعد الموانئ الصناعية النقاط الرئيسية لتلوث مياه البحر. ويبدو الوضع أكثر خطورة في باكو، وهي ميناء نفطي يلقي مخلفاته في بحر قزوين.
تقلبات النينو:
ظاهرة النينو: هي تذبذب طبيعي للمناخ تسبب بصفة منتظمة في اختلالات كبيرة على طول خط المحيط الهادئ، والتي تزداد بفعل ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
إن الحد الفاصل بين المياه السطحية الدافئة والمياه العميقة الباردة يطلق عليه اسم "منطقة الهبوط الحراري" وهي تمتد على عمق أكثر من 150 متراً في جنوب شرق آسيا وأستراليا.
وهذه ظاهرة ناتجة عن الرياح الشرقية "التجارية" التي تدفع المياه الدافئة نحو آسيا وتسمح بصعود المياه الباردة الغنية بالعناصر المغذية" الأسماك" على طول سواحل الأميركيتين. وبسبب هذا الدفع للمياه الدافئة الى الغرب يكون مستوى المحيط الهادئ وفي استراليا أعلى مما هو عليه في البيرو، والرياح التجارية المحملة بالرطوبة تلقي على جنوب شرق آسيا أمطاراً غزيرة.
وعندما تضعف هذه الرياح تهاجر كتلة المياه الدافئة من آسيا الى أميركا لاستعادة توازنها.
هذه الظاهرة تظهر كل خمس سنوات وتستغرق 18 شهر تقريباً والكوارث الناتجة عن هذه الظاهرة فاتورتها باهظة فيضانات، وموجات حر، وأعاصير، وحرائق ضخمة نتيجة الجفاف في إندونيسيا والبرازيل والإكوادور وأستراليا.
التلوث الكيميائي للتربة
لا يلوّث النشاط الصناعي الماء والهواء فقط بل غالباً ما تكون التربة وعاء للنفايات والخطيرة منها خاصة ما ينتج عن صناعة (الزئبق، والرصاص، والنحاس، والنيكل، والكادميوم). فهي أكثر الملوّثات خطراً وأقلها اندماجاً مع الطبيعة، إضافة الى "PAH" الهيدروكربونات العطرية ناجمة عن تكرير البترول الخام والعديد منها سرطاني جداً.
ومثال ذلك في شمال باريس كان لزاماً غلق المجمعات التي تغذّي البلديات القريبة من مطار رواسي الدولي بسبب التلوّث بالسيانور.
مصدر التلوّث: كانت أرضية مصنع قديم أغلق في ستينيات القرن العشرين من المستحيل تنظيفه.
وتم تدمير مدينة قريبة من شيكاغو لأنها مبنية فوق موقع قديم لدفن النفايات الكيميائية. وفي عام 1988 صوت البرلمان الأوروبي على قرار يدين أي تصدير ضخم من النفايات الخطيرة إلى العالم الثالث.
الإنسان وهاجس التقدم
تدهور المناطق الحضرية: من المتوقع عام 2030 أن يتمركز 60% من الناس في المدن، إن التدفق من الريف إلى المدن بدأ منذ ثلاث عقود على الأقل وأدى الى اتساع البناء العشوائي بشكل هائل. فالمدن لم تكن مهيأة لهذه التدفقات.
الإنسان المبتدئ الساحر
بعض الخيارات التقنية والسياسية الهادفة لتحسين مصير الإنسان كانت لها آثار عكسية تماماً لأنها لم تراعِ القيود البيئية مثل بحر آرال الواقع على الحدود بين كازاخستان وأوزبكستان الذي سبّب جفافه تدمير التوازن الإيكولوجي وتهديد اقتصاد جمهوريات آسيا الوسطى.
وكذلك انفجار تشرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا، وسد الخوانق الثلاثة على مجرى نهر اليانغستي جيانغ له خطر على بعض القرى وعلى مجموعة نادرة من الدلافين إضافة إلى الرواسب الكبيرة المتراكمة في خزانه (39.3م3).
المجتمع الإيكولوجي
الإيكولوجيا السياسية
أولى السياسيين موضوع التغيّرات البيئية أهمية قصوى في نقاشاتهم وتشكلت الأيديولوجيا التي تدعم التحرك الحالي للأحزاب السياسية المدافعة عن البيئة من تيارات فكرية متنوعة.
ففي أوروبا توحدت الأحزاب الخضراء في الكفاح ضد الطاقة النووية. وخرج مناصرو البيئة من الفرنسيين والألمان تدريجياً من التهميش. واليوم جميع البلدان المتقدمة لديها ممثل للبيئة على مستوى مشهدها السياسي.
تأسست منظمة "غرينبس" (منظمة السلام الأخضر) في ستينيات ن القرن العشرين وهي أولى المنظمات البيئية التي تتدخل مباشرة على الأرض.
حماية البيئة: كانت هناك اتفاقيات دولية قيّدت البلدان المتقدمة والنامية لحماية البيئة منها:
- اتفاقية واشنطن حظر تجارة الحيوانات الفريدة بصفة عامة والعاج خصوصاً.
- بروتوكول مونتريال "حظر جميع منتجات مركبات الكلوروفلوروكربون".
- بروتوكول كيتو" للحد من انبعاث غازات مسببة للاحتباس الحراري.
ولاحظ الأوروبيون الاضطراب الكبير السائد في الاتفاقات الدولية كالعجز في مؤتمر جوهانسبورغ بجنوب افريقيا بسبب العرقلة التي تديرها أغنى البلاد وأكثرها تلويثاً في الكوكب ألا وهي الولايات المتحدة.
الإدارة العالمية للبيئة
الإدارة العالمية لموضوع المخاطر البيئية موضوعة من أوروبا وتشرف على الاتفاقيات بوضعها تحت هيكل يسمح بمواءمة التلوث، والفريق الحكومي الدولي ينظم لقاءات بشكل منتظم للمضي قدماً في فكرة الإدارة العالمية.
إدارة جديدة للمياه
للحصول على مياه صالحة للشرب بصورة أساسية من خلال وضع حد للهدر وخاصة تسريبات شبكة المياه، وكما نعلم أن عملية المعالجة مكلفة جداً وتتطلب تقنيات متطورة.
الإيكولوجيا علم دراسة البيئة
عالم الأحياء إرنست هايكل هو أول من أسس علم البيئة عام 1886. وأحيت الاتفاقيات الدولية حماية التنوع البيولوجي لهذا الفرع من العلوم.
وتبيّن حالة الأمراض الناشئة بوضوح الحاجة إلى تعاون واسع بين العلوم التي كان يتم تجاهلها سابقاً. فدراسة التجمعات البكتيرية التي تعد مصدراً للأمراض الجديدة تنطوي في الواقع على البحث في مجالات الطب وعلم الأوبئة، والاقتصاد، وعلم الإثينات. فيشهد علم البيئة كل يوم تراجعاً في حدود دراسته.
وأخيراً إذا كانت التوقعات قائمة، فالحلول موجودة. ولا بد من الإسراع في تنفيذها، فالتحدي كبير والأرض لم تعد مساحات تنتظر من يستحوذ عليها، بل هي مكان للحياة يجب المحافظة عليه وحمايته لأجيال المستقبل.