رحيل الياس الزيات أحد آباء التشكيل السوري

الفنان التشكيلي السوري الياس الزيّات يرحل في دمشق، بعد مسيرة فنية وأكاديمية حافلة، وهو الذي يُعتبر أحد الروّاد الأوائل في تأسيس البداية الحقيقية للتشكيل السوري.

  • مثّل الزيات جامعة دمشق في اتفاقيات مع جامعات أوروبية
    مثّل الزيات جامعة دمشق في اتفاقيات مع جامعات أوروبية

توفّي الفنان التشكيلي السوري الكبير الياس الزيّات، مساء أمس الإثنين، عن عمر يناهز 87 عاماً، وقد نعته وزارة الثقافة السورية.

سعى التشكيلي الراحل خلال حياته إلى إعادة توليد رموز التاريخ والحضارة في سوريا بشكل تجريدي، مستوحياً جمالياتها، وذلك وفق حس فني معاصر، فخاض أنواع الفنون كافة، واستقى من كل مدرسة من المدارس التشكيلية التي اطّلع عليها، ليصل في النهاية إلى صيغته الشخصية.

اشتغل الزيات من خلال أعماله على تصوير العالم بكل هواجسه وهمومه بأسلوب تعبيري رمزي عال، متمكّناً من أدواته بحرفية استنبطها من تجارب فنية، وأبحاث ودراسات طويلة، ومن ثقافة أدبية وموسيقية أبدع منها عوالم لونية أثّرت في التحولات التشكيلية، حيث تضمّنت لوحاته تمثيلاً وقصة وإخراجاً، كما برع في رسم الأيقونات والجداريات الكنسية.

حصل على "الجائزة الدولية التقديرية"، في حفل أقيم في "مكتبة الأسد الوطنية" في دمشق سنة 2013. تأثّر الراحل بالكتابات الروحانية للكاتب المهجري جبران خليل جبران، وأقام عدداً من المعارض النمطلقة منها والمستوحية إياها، مثل معرض "تحية إلى جبران"، الذي احتوى 15 لوحة تضمّنت مقاطع ونصوصاً من كتابات صاحب "الأجنحة المتكسّرة"، تميّزت بأسلوب فني تمايل ما بين الحرف واللون في بناء تشكيلي متنوع.

أما معرضه "ما بعد الطوفان"، الذي أقامه في دبي من وحي كتاب "النبي" لجبران أيضاً، فيتناغم في الهمس الفني ما بين جبران والزيات ضمن حوارية إبداعية، أنتجت تجليات شعرية مواكبة للرسم، واعتبر الزيّات أنَّ هذا اللقاء "امتدادٌ لتكوينه النفسي والثقافي، المتلاحمين بمسار فلسفة الإنسان والحياة والوجود".

ويعتبر الراحل الياس الزيات من الرواد الأوائل في تأسيس البداية الحقيقية للتشكيل السوري، حيث شارك في تأسيس كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، وقام بالتدريس فيها منذ تأسيسها، وحصل على رتبة أستاذ منذ العام 1980، وشغل منصب رئيس قسم الفنون، ووكيل الكلية للشؤون العلمية، أثناء عمله فيها، كما ألّف كتاب "تقنية التصوير ومواده".

ومثّل الزيات جامعة دمشق في اتفاقية التعاون مع جامعة لايدن الهولندية، التي هدفت إلى دراسة الفن في سوريا في الحقبتين البيزنطية والإسلامية، وذلك لمدة 4 سنوات، أصدر في نهايتها كتاباً في لايدن في العام 2000، باللغتين العربية والإنكليزية، وعمل خبيراً في هيئة الموسوعة العربية في سورية لتحقيق موضوعات العمارة والفنون، بين عامَي 1995 و2001.

ولد الياس الزيات في دمشق سنة 1935. درس الرياضيات في جامعة دمشق، ثم درس في أكاديمية الفنون الجميلة في العاصمة البلغارية صوفيا، بعد أن أوفدته الحكومة السورية. تعمّق بعد ذلك في دراسة تاريخ الفن، وتابع دراساته في كلية الفنون في القاهرة. تدرّب على ترميم اللوحات الفنية في أكاديمية الفنون الجميلة في بودابست، كما قام بدراسات على كيمياء الألوان وتحليل المواد في متحف الفنون التطبيقية فيها، وشارك في العديد من المعارض المحلية والعربية.