"إنترنت الأشياء".. حقيقة دخلت كافة تفاصيل حياتنا

هل كنت تتخيل أنَّ ساعة اليد يمكنها قياس نبضات قلبك والاتصال بالإسعاف لمساعدتك في حال توقُّف نبضاتك؟

يبدو أنَّ إنترنت الأشياء "Internet of Things"، المعروف اختصاراً بـ "IOT"، أصبح من أهم التخصصات المستقبلية، وقد انتشر هذا المصطلح بقوة في معظم الأبحاث العلميّة التي تتناول أسباب التحوّل الرقمي الذي نعيشه، وأبعاد الثورة الصناعية الرابعة وما رافقها من تغيرات على كافة الأصعدة، لارتباطها الوثيق بالتكنولوجية ومفاهيمها وتقنياتها. 

ما هو إنترنت الأشياء؟ ما هي مجالاته؟ وما هي آلية عمله؟ وكيف سيكون لهذه التقنية أثر في حياتنا المستقبلية؟ 

يُستخدَم "إنترنت الأشياء" في دمج أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الاستشعار والشّبكات في الأشياء اليوميّة من دون تدخّل البشر، وقد سهّلت هذه التقنية الحياة اليوميّة على الأفراد، فمن خلال "إنترنت الأشياء" أصبح بإمكانك تشغيل أيّ جهاز في المنزل أو إطفائه عن بُعد، وهذا ما يسمّى "المنزل الذّكي".

بتعريف آخر، فإنَّ "إنترنت الأشياء" هو عبارة عن شبكة افتراضية تجمع بين مختلف الأشياء المصنفة ضمن مجال الإلكترونيات، البرمجيات، أجهزة الاستشعار، المحرّكات، وتصل بينها عن طريق الإنترنت، الأمر الذي يُتيح لهذه الأشياء إمكانية تبادل البيانات في ما بينها. وهذا يدلُّ على مدى تأثير الشبكة العنكبوتية في العالم خلال المستقبل القريب. هل ستبقى الأجهزة الإلكترونية بحاجة إلى التدخّل البشري أم لا؟

من خلال تطوير مفهوم "إنترنت الأشياء"، ستصبح أغلب الأجهزة الإلكترونية مستقلّةً بذاتها، ولا تحتاج لأيِّ تدخّلٍ بشري، وسيكون بإمكان هذه الأجهزة الإبلاغ عن الأعطال التي تتعرّض لها، من خلال رسالةٍ ذكيةٍ ترسلها إلى هاتف الشخص المختصّ بذلك، أو عبر رسالةٍ إلكترونيّةٍ ترسلها إلى بريده الإلكتروني. ولا يقتصر "إنترنت الأشياء" على الأجهزة الإلكترونيّة فحسب، بل يتوسّع ليشمل كافة الأمور التي تتعلّق بحياتنا اليوميّة، ولديه العديد من الأنواع، أبرزها:

الشركات

يستفيد هذا القطاع من "إنترنت الأشياء" من خلال استخدام مراقبة خط الإنتاج، للوقاية الاستباقية من أي مشكلةٍ قد تتعرّض لها الآلات أو المعدات أو البرامج المستخدمة في التصنيع، من خلال تنبيهات أجهزة الاستشعار، وهذا يسمح للشركات بتخفيض تكاليف التشغيل، والحصول على وقت تشغيل أفضل، وتحسين إدارة أداء الأصول.

قطاع تصنيع السيارات

يحقق قطاع تصنيع السيارات مزايا كبيرة من خلال استخدام تطبيقات "إنترنت الأشياء"، التي تساهم في اكتشاف فشل المعدات الوشيكة في المركبات الموجودة بالفعل، ويمكنها تنبيه السائق بالتفاصيل والتوصيات، كما يُمكن اختيار الطرقات الأفضل من خلال الإشعارات التي يتم إرسالها، وأيضاً الاقتصاد في استخدام الوقود.

قطاع النقل

يوفّر "إنترنت الأشياء" طريقةً متقدمة وغير مكلفة لتحسين الأداء، بالاضافة إلى تحسين الخدمات. فلو أخذنا كمثال تأثيرها على سكة الحديد، لوجدنا بأنَّ تطبيقات "إنترنت الأشياء" تُساهم في تحسين أوقات النقل والموثوقية وإدارة مشكلات المعدات، وكذلك الاستجابة لاحتياجات العملاء. أما في ما يتعلّق بالطرقات، فنجد أنَّ الاهتمام الرئيسي في ما يتعلّق بذلك لأيِّ دولةٍ هو تنظيم حركة المرور، والتخفيف من الازدحام، وتقليل الحوادث، وإنشاء مواقف للسيارات. 

ويُتيح لنا "إنترنت الأشياء" مراقبة وتحليل تدفّق حركة المرور عبر الأجهزة في جميع نقاط المراقبة بشكلٍ أفضل. كما يساعد في وقوف السيارات، عن طريق جعل تدفّق التخزين شفافاً، لإبلاغ السائقين بالمواقف بشكل أفضل، ومنع الازدحام أو الحوادث.

البيع بالتجزئة

تتيح تطبيقات "إنترنت الأشياء" للشركات البيع بالتجزئة، من خلال إدارة المخزون، وتحسين تجربة العملاء، وتحسين سلسلة التوريد، وتقليل تكاليف التشغيل، ومراقبة المخزون، وإرسال الإشعارات للمعنيين عن نفاذ الكمية لمنتج ما أو كسادها.

 الرعاية الصحية

توفّر تطبيقات "إنترنت الأشياء" للأطباء والممرضين الوصول السريع إلى المعدات والآلات، التي يحتاجونها لمواجهة أي طارىء في المستشفى وأثناء الأزمات الصحية وحتى العسكرية، من خلال البحث عبر هذه التطبيقات عن النقّالات أو الكراسي المتحركة أو دواء معين، فيتم إرشادهم إليها من خلال الإشعارات التي ترسلها هذه التطبيقات. بالإضافة إلى إدارة مخزون المستشفيات من الأدوية والأدوات الطبية، ومراقبة مستويات مخزون الأكسجين، وتشغيل نظام الأكسجين الإحتياطي في حال حدوث خللٍ ما.

الأمان العام في قطّاع التصنيع

يمكن استخدام تطبيقات "إنترنت الأشياء" في قطّاع التصنيع لتحسين سلامة العمال. ففي بيئات العمل الخطرة، كالمناجم وحقول النفط والغاز ومحطات الطاقة والمصانع الكيميائية، يتم إخبار المعنيين عند حصول مشكلة ما، أو حدوث انهيار معين، أو تعطّل آلة تشكّل خطراً، وذلك عن طريق الإشعارات وتطبيقات إنترنت الأشياء، وبإمكان هذه التطبيقات أيضاً تنبيه الموظفين والعمال عند احتمال وقوع الخطر، مما يؤدّي إلى تفادي التعرّض له. كما تُستخدم هذه الإشعارات والتطبيقات في الأجهزة القابلة للارتداء، التي يمكنها مراقبة صحة الإنسان، والظروف البيئية السليمة لعمله. 

 المنازل الذكية

يمكن التحكّم بالمنازل الذكية، المجهّزة بأدواتٍ وأجهزة "إنترنت الأشياء" بكلِّ سهولةٍ. حيث يمكن التحكّم بالمنزل عن طريق الهاتف الذكي أو الساعة الذكية. وكمثالٍ على ذلك يمكن التحكّم بإنارة المنزل ودرجة حرارته، من خلال تشغيل أو إطفاء نظام التدفئة المركزية، أو نظام تكييف الهواء. فضلاً عن توفير الكهرباء عن طريق إيقاف بعض الأنظمة التي لا حاجة لها، عندما يكون المنزل فارغاً، بالإضافة إلى مراقبة أمن المنزل، وتنبيه صاحبه في حال محاولة أحدهم دخوله.


إدارة الكوارث الطبيعية بطرق أذكى

يحصل ذلك من خلال التنبوء بالأسباب التي تعزز حرائق الغابات، قبل أن تخرج عن السيطرة أو حتى تبدأ، مما يتيح لفرق الإطفاء الاستجابة بسرعة أكبر، والعمل على إجلاء الأماكن المستهدفة قبل وقوع إصابات. كما يُساهم "إنترنت الأشياء" في الكشف المبكّر عن بعض الظواهر الطبيعية، وإصدار الإشعارات عند حدوثها، مثل الانهيارات الطينية والانهيارات الأرضية والزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى.

بناء على ما تقدّم، يُمكننا القول إنّ "إنترنت الأشياء" أصبح جزءاً لا يتجزّأ من إدارة أمور حياتنا كافّةً. وإذا كنت تسأل نفسك حتى الآن عمّا إذا كان بهذه الأهمية، سأتركك تجيب على هذا السؤال من تلقاء نفسك، من خلال مثال ساعة اليد الذكية: هل كنت تتخيل في السابق أنَّ ساعة اليد يمكنها قياس نبضات قلبك، ويمكنها الاتصال بالإسعاف من تلقاء نفسها لمساعدتك في حال توقُّف نبضات قلبك؟