هل سيؤثر حرق نسخة من المصحف في موافقة تركيا على دخول السويد إلى "الناتو"؟
ما هو الرد العملي لأنقرة على عضوية السويد في "الناتو"، وهل يمكنها أن تبتعد عن الموقف الغربي في ظل حاجتها الاقتصادية؟
عندما أخبر كبير مستشاري الرئاسة التركية عاكف شاتاي كيليش محاوريه في اجتماع مع مسؤولين سويديين وفنلنديين وآخرين من "الناتو" في أنقرة 14 حزيران/يونيو أن المهم بالنسبة إلى تركيا هو رؤية "خطوات ملموسة" يتعين اتخاذها، وليس التسرع في الموافقة، حتى انعقاد قمة "الناتو" في 11و12 تموز/يوليو، كان يبلّغ المجتمعين موقف الرئيس إردوغان وشروطه من أجل قبول عضوية السويد في "الناتو".
استكمل الموقف في محادثات وزير الخارجية هاكان فيدان مع نظيره الأميركي أنتوني بلنكين ونظراء آخرين في "الناتو" خلال اجتماع بشأن أوكرانيا عقد في لندن في 21 حزيران/يونيو، وتركزت المحادثات على عضوية السويد، إذ تريد الولايات المتحدة موافقة أنقرة قبل قمة "الناتو". لم يكن اجتماع فيدان - بلنكين سهلاً، وقد صرّح بصعوبة الاتفاق مع "الناتو" على كل شيء، لكن التحالف الطويل مع الأطلسي سيتواصل، سيما بعد استماعه خطاب بلنكين القصير الذي لم يتضمن بيع أنقرة طائرات F-16 أو أي تنويه بالمكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن مع إردوغان، والتي ربط فيها موافقة تركيا على عضوية السويد ببيعها طائرات F-16أو وقف الدعم للمنظمات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في سوريا، وهو ما أرادت أنقرة سماعه.
من الواضح أن أنقرة توقعت خطوات ملموسة بشأن كل من حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن. لم تعدّ تركيا تغيير السويد قانون مكافحة الإرهاب كافياً من أجل تلبية مطالبها، وتريد رؤية نتائج ملموسة. تريد أن ترى الوفاء بالوعد الذي أكدته، ويتضمن تسليم المجرمين والمشتبه فيهم من حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن، على أساس اتفاقية مدريد في 28 حزيران/يونيو 2022. وتقول إنها لن توافق على العضوية إلا إذا أوفت السويد بمطالب مكافحة الإرهاب، قبل أو أثناء أو بعد فيلينيوس.
في إطار الضغوط على أنقرة، قام الأمين العام لحلف "الناتو" ستولتنبرغ بزيارة تركيا في 26 حزيران/يونيو من أجل الحصول على قبولها عضوية السويد قبل قمة "الناتو" التي ستعقد يومي 11 و12 تموز/يوليو في العاصمة الليتوانية فيلينيوس. تأتي هذه الزيارة في ظل ضغوط ورسالة الولايات المتحدة الأميركية والسويد وفنلندا للاجتماع في بروكسل في 6 تموز/يوليو، قبل أسبوع من القمة، لحضور اجتماع الآلية المشتركة الدائمة حيث ستتمثل تركيا بوزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالين..وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد أجرى محادثة هاتفية مع إردوغان. أخبر إردوغان ستولتنبرغ خلال اجتماع 25 حزيران/يونيو أن الولايات المتحدة، التي تريد أن ترى السويد عضواً لتعزيز "الناتو"، كانت تضر بأمن "الناتو" من خلال منع طلب تركيا لطائرات أف -16. علاوة على ذلك، حتى إذا قبل إردوغان هذه الصفقة ووافق على عضوية السويد من دون تلبية مطالب تركيا الأمنية، فليس هناك ما يضمن موافقة الكونغرس على طائرات. F-16
كانت الرئاسة التركية قد أصدرت بياناً قالت فيه إن التغييرات القانونية السويدية "خطوات في الاتجاه الصحيح" لكنها ليست كافية.
احتجاجات حرق نسخة من المصحف
توترت العلاقات مرة أخرى مع احتجاجات حرق نسخة من القرآن الجديدة في 28 حزيران/يونيو. رد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في 29 حزيران/يونيو، على تظاهرة حرق القرآن في ستوكهولم، عاصمة السويد؛ في تلميح إضافي إلى أن تركيا لن ترفع حق النقض (الفيتو) عن محاولة السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي قبل قمة فيلينيوس الحاسمة التي ستعقد في تموز/يوليو.
وأكد أن من ارتكب هذه الجريمة ومن سمح بها تحت غطاء حرية الرأي ومن تغاضى عن هذا العمل الدنيء لن يحقق طموحاته، وسوف يظهر رد فعل بأقوى طريقة.
من غير المتوقع أن تأتي موافقة تركيا على عضوية السويد في "الناتو" في قمة فيلينيوس يومي 11 و12 تموز/يوليو، على الرغم من الضغوط الشديدة من "الناتو". وقال وزير الخارجية هاكان فيدان إن "غض الطرف عن مثل هذه الأعمال يعني أن تكون شريكاً في الجريمة ". وفي إشارة إلى عضوية السويد في "الناتو"، قال مدير الاتصالات في الرئاسة التركية ألتون أيضاً إن "الحرب ضد الإرهاب هي شرط أساسي مسبق لتحالف جاد". كانت حكومة إردوغان صريحة بشأن توقعها لـ "خطوات ملموسة" من السويد في موقفها المناهض للإرهاب.
الخارجية الأميركية دانت حرق القرآن ووصفته بأنه "غير محترم" و "مؤذٍ، وما قد يكون قانونياً بالتأكيد ليس مناسباً بالضرورة." لكنها أصرت على تشجيع هنغاريا وتركيا على التصديق على بروتوكول انضمام السويد من دون تأخير وفي أقرب وقت ممكن. ركزت أنقرة على العمل ورأت أن الولايات المتحدة ودول "الناتو" بمعظمها أولت أهمية رمزية لمشاركة السويد في قمة فيلينيوس كعضو، لذا يمكن لواشنطن الضغط على السويد للوفاء بمطالب تركيا الأمنية.
لكن، لماذا تصعب تلبية هذه المطالب؟
منظمة غولن لا تزال ناشطةً في الولايات المتحدة، وحزب العمال الكردستاني كان ولا يزال منظماً على نطاق واسع في دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها ألمانيا والسويد، وذريعة هذه الدول أنها لا تريد بعد سنوات من الدعم لحزب العمال الكردستاني الإضرار بأمنها الداخلي، والحزب شريك تعاوني في سياساتها في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، تتعاون الولايات المتحدة حالياً مع المنظمات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا بذريعة محاربة "داعش"، الأمر الذي يجعل تركيا غير مرتاحة للغاية.
ما هو الرد العملي لأنقرة على عضوية السويد في "الناتو"، وهل يمكنها أن تبتعد عن الموقف الغربي في ظل حاجتها الاقتصادية؟