معاناة سوريا بعد الزلزال تفضح زيف ديمقراطية الغرب
ما جرى، وما يزال يجري أمام العالم، يفضح جوهر وحشية أميركا ولؤمها، ويفضح الشّر المتأصّل في سياستها وممارساتها الوحشية ضد الشعوب التي ترفض أن تكون تابعة وممتهنة الكرامة والحقوق.
هل هناك من راهن على أن يُحرج الغرب بقيادة أميركا وأوروبا التابعة بفعل مشاهد الدمار الذي أحدثه الزلزال في مناطق شاسعة في شمال سوريا، في حلب واللاذقية وحماه وإدلب، فتحركه "مشاعر" إنسانية يغطي بها جرائمه، فيبادر إلى تقديم العون لسوريا المحاصرة التي تعاني حرباً شرسة وحشية منذ 11 عاماً تُوجت بقانون "قيصر"، الذي شدد عملية الخنق الوحشي على الشعب العربي السوري؟!
بادرت أميركا، ومعها أوروبا فوراً، إلى تقديم التعازي لتركيا، وأرسلت طائرات تحمل كل أنواع الدعم والمساعدة لتركيا، رغم حقدها على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومشاكساته وعدم انضباطه وتنفيذه الأوامر في العلاقة مع روسيا، ولأخذه موقفاً لا يرضيها في الحرب الروسية الأوكرانية الغربية الأميركية...
ولكنَّ الغرب وقائدته أميركا لم يقدّموا التعازي لسوريا، ولم يوجهوا المساعدات فوراً لمن أوقعهم حظهم السيئ تحت الدمار، ولم يخففوا مصاب الجرحى وآلاف المشردين الذين تركوا بيوتهم ولاذوا بالشوارع والحدائق العامة والمساجد والكنائس والمدارس من دون غطاء وغذاء أو دواء...
العقوبات الأميركية على سوريا لم تخفف، وشعب سوريا لم يُنجد، ومصيبته الفادحة لم تحرّك مشاعر حكّام أميركا، وفي مقدمتهم بايدن، الرئيس الديمقراطي، لا عجب!
أمّا قادة الدول الأوربية الديمقراطيون، فهم يمشون كالقطيع. تأمرهم أميركا، فيطيعون وينفذون، وهم في الجوهر أعداء لسوريا التي لبعضهم معها معارك وحروب، وخصوصاً فرنسا، التي طردها شعب سوريا العريق وانتزع استقلاله منها بالدم.
ما جرى، وما يزال يجري أمام العالم، يفضح جوهر وحشية أميركا ولؤمها، ويفضح الشّر المتأصّل في سياستها وممارساتها الوحشية ضد الشعوب التي ترفض أن تكون تابعة وممتهنة الكرامة والحقوق.
ما جرى ويجري أمام العالم علناً يفضح أنَّ بعض الأنظمة العربية التي تنفق الملايين على شراء أندية كرة القدم واستئجار لاعبي كرة قدم، وبمئات الملايين من الدولارات، وعلى شراء أندية كرة قدم في أوروبا بالمليارات، ليسوا معنيين بالمصيبة التي ألمّت بسوريا العروبة، لأنهم ينتسبون إلى العروبة بالاسم، ولأنهم يطيعون أوامر أميركا سيدتهم، ولأنهم يطبعون مع الكيان الصهيوني، ويتآمرون على قضية فلسطين ومقاومتها، ويدمرون اليمن العربي الأصيل، ويحاولون الهيمنة على جُزره وموانئه ليضعوها في خدمة الكيان الصهيوني؛ حليفهم وراعي مشيخاتهم ودول عشائرهم!
لكن لسوريا أصدقاء في هذا العالم، تتقدّمهم إيران وروسيا والصين والجزائر. هؤلاء يجمعهم رفضهم للهيمنة الأميركية الصهيونية، وتجمعهم مواقف ورؤية ومشاعر إنسانية نبيلة أصيلة، وأخوّة إنسانية حقيقية ترى أن البشر جميعاً إخوة، وليس من حقّ دولة أن تستبد بالبشر وتفرض هيمنتها على البشرية، وأن السيادة للبشر جميعاً؛ للشعوب جميعاً في هذا العالم...
ما حدث ويحدث خلال هذه الأيام يزيد وعينا جميعاً كبشر، وتحديداً كجماهير عربيّة، ويفضح ويعرّي الوجه الزائف لكلِّ أعداء البشرية بقيادة أميركا...
ما حدث ويحدث يقدّم وجه الأخوّة الإنسانية الحقيقية الّذي تجلّى في الوقوف مع سوريا من جديد، والذي تمثله إيران وروسيا والصين والجزائر وكل الأحرار الذين يُعبرون عن مشاعرهم مع سوريا، وهو أقل ما يملكون...
سوريا ستصمد وتنهض من تحت الدمار، كما صمدت في وجه الحرب الأميركية الصهيونية الممولة من الدول النفطية التي لا هوية لها ولا انتماء.