دلالات رفض الجيش الأميركيّ شراء القبّة الحديدية الإسرائيليّة

يدلّ امتناع الجيش الأميركيّ عن شراء نظام القبة الحديدية للعدوّ على كذب الادعاءات الصهيونية التي أعقبت معركة "سيف القدس".

  • لا تزال معركة
    لا تزال معركة "سيف القدس" البطولية تكشف يوماً بعد يوم عن رصيد إنجازاتها.

كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أنَّ الجيش الأميركي قرَّر عدم شراء نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي الإسرائيليّ الَّذي يهدف إلى مواجهة التهديدات الجوية. أتى القرار الأميركيّ بعد أن أجرى الجيش الأميركي اختبارات وُصفت بالحاسمة للنظام الذي طوّرته شركة "رافائيل" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة.

وذكر موقع "ديفينس نيوز" أنَّ خيار واشنطن وقع على نظام "Dynetics"، المملوك لشركة "Leidos" الأميركية، بعد إجراء عدة اختبارات مقارنة بين النظامين، فما هي دلالات القرار الأميركي وانعكاساته؟

من حيث التّوقيت، جاء القرار الأميركيّ بعد مضي نحو 3 أشهر على انتصار المقاومة الفلسطينية في معركة "سيف القدس"، وهي المعركة التي تميزت بكثافة النيران ومعدل إطلاق صاروخي للمقاومة على العدو بشكل غير مسبوق منذ نشأة الكيان، إذ أطلق أكثر من 4000 آلاف صاروخ خلال 10 أيام.

يدلّ امتناع الجيش الأميركيّ عن شراء نظام القبة الحديدية للعدوّ على كذب الادعاءات الصهيونية التي أعقبت معركة "سيف القدس" بأن 90% من صواريخ المقاومة أسقطتها منظومة القبّة الحديدية. ولو صحَّ هذا الادعاء، لما تردَّد الجيش الأميركيّ في شرائها.

كانت الاستخبارات الأميركية مطّلعة على الأهداف العسكريّة والاقتصاديّة التي أصابتها الصواريخ الفلسطينية، وفشلت منظومة القبة في إسقاطها. ويبدو أنَّ العدو الإسرائيلي لم يعلن عن المواقع التي نجحت صواريخ المقاومة في استهدافها، ليس لأسباب أمنية فقط، وإنما لعدم المس أيضاً بقدرة العدو على تسويق منظومته الدفاعية التي نجح في بيعها للعديد من الدول، ومنها دول عربية، بمليارات الدولارات. 

القرار الأميركي سينعكس اقتصادياً على "إسرائيل"، وسيؤدي إلى خفض صادراتها العسكرية، نتيجة اهتزاز الثقة بقدراتها الدفاعية، بما يشمل كل المنظومات الصاروخية الدفاعية التي يمتلكها العدو، وليس فقط نظام القبة الحديدية، علماً أنَّ المصادر الإسرائيلية أعلنت أن شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية التي تصنع منظومة "القبة الحديدية" حقَّقت مبيعات قياسية في العام 2020 بلغت نحو 4.2 مليار دولار، وهو ما يعدّ انتكاسة غير مسبوقة لـ"إسرائيل"، ليس فقط في البعد الاقتصادي، إنما تكمن انعكاساته الأخطر في التّراجع الحادّ في قدرات الحماية الدفاعية الإسرائيلية من التهديدات الخارجية، ما يؤدي إلى اهتزاز عميق للجبهة الداخلية للعدو، والتي تعتبر أكبر نقاط ضعفه، ما سيشجّع أطراف المقاومة، دولاً وحركات، على مهاجمة "إسرائيل"، وسيقلص من الخيارات العسكرية العدوانية الإسرائيلية في المنطقة. 

سياسياً، يظهر القرار الأميركي أنَّ مكانة "إسرائيل" تتراجع في دوائر صنع القرار الأميركي، وأن المصلحة الأميركية هي المحدد في العلاقات معها، وأنَّ التقديرات التي ضخَّمت تأثير اللوبي الصهيوني في السياسة الخارجية الأميركية وصناعة القرار، هي تقديرات مبالغ فيها. وقد ساهمت الماكينة الإعلاميّة ودوائر الاستخبارات الإسرائيلية في ترويجها لتعزيز الردع، وهي الوسيلة نفسها التي لجأ إليها العدو في تضخيم قدراته العسكرية الدفاعية والهجومية، والتي أدّت إلى كبح دافعية النظام العربي لمواجهة "إسرائيل" وعقد اتفاقيات "سلام" وتطبيع العلاقات معه.

ستتأثّر "إسرائيل" بالقرار الأميركيّ عدم شراء منظومتها الدفاعية "القبة الحديدية"، والانعكاس الأخطر ليس الخسارة الاقتصادية المتوقعة، رغم أهميتها، بل في معركة الوعي والصورة التي بناها وراكمها العدو منذ نشأته، في مقابل بناء واستعادة الوعي والثقة لدى من يؤمن بمواجهة "إسرائيل" عسكرياً، لأن العدو يدرك أن فقدانه الردع يشكل تهديداً وجودياً لمستقبله.

لا تزال معركة "سيف القدس" البطولية تكشف يوماً بعد يوم عن رصيد إنجازاتها، ولن يكون فشل تسويق منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية آخر إنجازات المقاومة ومشروعها.