الأسير أحمد سعدات: مسار حياته المقاومة والاختفاء والاعتقال

ولد أحمد عبد الرسول سعدات في مدينة البيرة في 23 شباط/فبراير 1953، لأسرة هُجِّرت من قريتها الأصلية دير طريف في قضاء الرملة في العام 1948، إثر الاحتلال الصهيوني لفلسطين.

  • انضمّ سعدات إلى الجبهة الشعبية في العام 1969
    انضمّ سعدات إلى الجبهة الشعبية في العام 1969

قائد ثوري فلسطيني رفع راية المقاومة، وأمضى حياته معتقلاً في السجون الإسرائيلية والفلسطينية أو مطارداً من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وهو الأمين العام الوحيد الَّذي اعتقل لدى السلطة، وما زال معتقلاً في السجون الإسرائيلية. تحمَّل مسؤولية قرار الجبهة الشعبية بتصفية الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي في القدس في 17 تشرين الأول /أكتوبر 2001، رداً على اغتيال "إسرائيل" للأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى في مكتبه في رام الله في 27 آب/أغسطس2001.

بطاقة تعريف: ولد أحمد عبد الرسول سعدات في مدينة البيرة في 23 شباط/فبراير 1953، لأسرة هُجِّرت من قريتها الأصلية دير طريف في قضاء الرملة في العام 1948، إثر الاحتلال الصهيوني لفلسطين. عاش في مدينة البيرة، ودرس في مدرسة الأمعري التابعة للأنروا، ثم في مدرسة البيرة الجديدة، ومن ثم في مدرسة الهاشمية الثانوية، ودرس الرياضيات في معهد المعلمين في مدينة رام الله، وتخرج منه في العام 1975. 

من العمل الطلابي إلى الأمانة العامة: انضمّ سعدات إلى الجبهة الشعبية في العام 1969. وقبلها، كان منضمّاً إلى أطر العمل الطلابي. وفي المؤتمر العام الرابع للجبهة في العام 1981، انتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة فيها، في الوقت الذي كان عضواً في لجنة فرع الضفة. ومنذ العام 1994، أصبح مسؤولاً عن فرع الضفة. وفي المؤتمرين الخامس والسادس للجبهة، اللذين عُقدا في 1993 و2000 على التوالي، أعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية والمكتب السياسي. 

انتخابه أميناً عاماً: بعد اغتيال أبو علي مصطفى، اجتمعت اللجنة المركزيَّة للجبهة الشعبيَّة في تشرين أول/أكتوبر 2001، وتمَّ انتخاب سعدات أميناً عاماً بالإجماع من قبل أعضاء اللجنة المركزية. وفي العام 2006، ترشّح إلى انتخابات المجلس التشريعي. وفي المؤتمر العام السابع الذي عُقد في أواخر العام 2013، تمت إعادة انتخابه بالإجماع أميناً عاماً للجبهة، وهو في سجون الاحتلال. وسعدات عضو في المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية. 

الاعتقال والمطاردة من قبل الاحتلال: اعتقل سعدات مرات عديدة من قبل قوات الاحتلال، بسبب نشاطه المقاوم. كان أول هذه الاعتقالات في العام 1969، حين اعتقل لمدة 3 أشهر. وفي العام 1970، اعتقل لمدة 28 شهراً، وأعيد اعتقاله في العام 1973، ليمضي 10 أشهر في السجن. وفي العام 1975، اعتقل لمدة 45 يوماً. اعتقل في العام 1976 لمدة 4 سنوات. وفي العام 1985، اعتقل لمدة سنتين ونصف السنة. وبعد الانتفاضة الأولى، اعتقل إدارياً لمدة 9 أشهر في العام 1989. 

بدأت مطاردة سعدات من قبل الاحتلال في العام 1989 بعد خروجه من السجن ولغاية العام 1992، عندما اعتقل إدارياً لمدة 13 شهراً، مع العلم أنه كان ممنوعاً من الزيارات من قبل إدارة السجون ما بين 1989 و1992. وبعد خروجه من السجن، أعادت "إسرائيل" مطاردته، فترك مدينة رام الله التي كانت لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية، وانتقل إلى العيش في مدينة أريحا التي كانت من أوائل المدن الفلسطينية التي سلّمت للسلطة آنذاك. 

بعد استلام السّلطة مدينةَ رام الله، عاد سعدات إليها في ظل مطاردته من قبل قوات الاحتلال لحين اعتقاله من قبل "إسرائيل" في 14 آذار/مارس 2006 من سجن أريحا بعد انسحاب المراقبين الأميركيين والبريطانيين منه، إذ اقتحمت قوّة عسكرية إسرائيلية مدينة أريحا، وحاصرت السّجن لمدة 12 ساعة، وبدأت بإطلاق صواريخ في محيط السجن، ثم بدأت قوات الاحتلال بهدم أجزاء منه، وتم اعتقال سعدات ورفاقه المسؤولين عن اغتيال زئيفي والعميد فؤاد الشوبكي وغيرهم. وفي 25 كانون أول/ديسمبر 2008، حكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن 30 عاماً. 

العزل الانفرادي وإضرابه عن الطعام: تمَّ عزل سعدات طيلة العامين 2009 و2010 وحتى 2011، إذ كانت هذه أطول مدة قضاها في العزل الانفرادي. وقد حاول الاحتلال قتله في عزله في العام 2011، وذلك عبر وضع أفعى له داخل الزنزانة. وعندما اكتشفها، قامت مصلحة السجون بقتلها، ولكنه تفاجأ في الصباح بوجود أفعى أخرى.

أضرب سعدات عن الطّعام عدة مرات خلال فترة اعتقاله المتواصلة. ومن أبرز إضراباته، إضرابه في العام 2009 رفضاً لعزله، وإضرابه مع القائد الحمساوي جمال أبو الهيجا في العام 2011 احتجاجاً على عزلهم. وفي السنة نفسها، خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمرّ 21 يوماً لإنهاء ملف العزل. وأضرب في العام 2012 لمدة 28 يوماً. وقد انتصر الأسرى في هذا الإضراب الذي أخرج الأسرى المعزولين. وفي آب/أغسطس 2016، بدأ سعدات إضراباً عن الطعام دعماً للأسير بلال الكايد الذي أضرب رفضاً لاعتقاله الإداري. وفي العام 2017، أضرب سعدات عن الطعام تضامناً مع إضراب أسرى حركة "فتح".

الاعتقال والمطاردة من قبل السلطة الفلسطينية: بعد تأسيس السلطة وتسلّمها مهامها في العام 1994 بناء على اتفاق أوسلو، قامت باعتقال سعدات 3 مرات بين العامين 1995 و1996. وعلى أثر اغتيال الجبهة لزئيفي في العام 2001، قامت السلطة بمطاردته لمدة 3 أشهر قبل أن تتمكَّن من اعتقاله. 

وخلال فترة مطاردته، طلبت منه السّلطة عقد لقاء من أجل حلّ بعض القضايا العالقة عبر مدير المخابرات توفيق الطيراوي، فوافق سعدات على اللقاء. وبعد وصوله إلى مكان عقد اللقاء في منتصف كانون ثاني/يناير 2001، حاصرت قوات السلطة بمختلف أجهزتها الأمنية الفندق، واقتادته إلى مقر المقاطعة، وتم احتجازه هناك. 

الثأر لدماء الأمين العام أبو علي مصطفى: قامت خليّة تابعة لكتائب أبو علي باغتيال زئيفي بمسدس كاتم للصوت في أحد فنادق القدس المحتلة، ثأراً لدماء أبو علي بعد حوالى شهرين على اغتياله. وبهذه العملية، رفعت الجبهة الشعبية من سقف استهدافها، وكسرت معادلة حصانة قادة "دولة إسرائيل".

نستعرض المقابلة التي أجريناها بطريقة خاصّة مع سعدات في سجن ريمون الصحراوي. وقد حصلنا على الإجابة التالية: 

·        ما الذي أجبر السلطة على التورط في اعتقالك بعدما فشلت "إسرائيل" في الوصول إليك؟

بدايةً، لا بدَّ من التأكيد أنَّ هذه المسألة أصبحت بالنسبة إليّ وإلى الجبهة جزءاً من الماضي، وصارت خلف ظهورنا، فما يشغلنا اليوم، كما كان في الأمس، هو البحث عن نقاط التوافق والقواسم المشتركة الَّتي تجمعها مع القوى الأخرى لتحقيق وحدتنا الوطنية الأساس المتين وخروج شعبنا من مأزقه السياسي الراهن، ووضعه على طريق استنهاض عناصر قوته وتحشيدها في جبهة التناقض الرئيسي مع العدو. 

سأسمح لنفسي بالحديث عن هذه الممارسة المؤسفة، فأسباب إقدام السلطة على اعتقالي، ومعي رفاقي الأبطال منفّذو العمل البطولي غير المسبوق، هي رضوخ السلطة للضغوط الأميركية والصهيونية المستمدة من التزامات اتفاقيات أوسلو، ففي الوقت الذي عبرت جماهير شعبنا عن تمردها على اتفاق أوسلو وشروطه والتزاماته، ظلَّت السلطة رهينة لهذه القيود والالتزامات الأمنية في إطار استمرار مراهنتها على أوهام التسوية مع الكيان الصهيوني والمفاوضات العبثية، وأوصلتنا إلى المأزق والأزمة التي يعيشها شعبنا وقضيته الوطنية اليوم.

·        هل تتحمَّل السلطة مسؤولية اعتقالك واعتقال الرفاق والعميد الشوبكي من قبل "إسرائيل" من سجن أريحا؟

بالتأكيد، إنّ السلطة تتحمّل كامل المسؤولية عن اعتقالنا واعتقال العشرات من المناضلين في سجون الاحتلال، ومن المعروف أنَّ السلطة قامت بمطاردة الرفاق أثناء اجتياح الاحتلال مخيم بلاطة، وأطلقت عليهم النار بهدف قتلهم ما لم تتمكَّن من اعتقالهم.

المسؤولية تتحمَّلها بداية باعتقالنا واحتجاز حريتنا ومنعنا عن خياراتنا الكفاحية ووضعنا في سجونها، وثانياً عندما سمحت لنفسها بالمساومة علينا وتوقيعها صفقة أريحا لفكّ الحصار عن المقاطعة.

·        في اعتقادك، ما الأسباب التي دفعت "إسرائيل" إلى هدم سجن أريحا واعتقالك مع عدد من الرفاق الذين اتهموا بقتل الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي؟

إنَّ ما دفع الكيان الصهيوني إلى اعتقالنا من سجن أريحا هو الحقد الصهيوني تجاه شعبنا ومقاوميه أولاً، وخصوصاً من تركوا بصمات كشفت عجزهم وعدم مناعتهم الأمنية. ثانياً، إن العدو بعد توقيعه اتفاق أريحا لم يسقط مطالبه باعتقالنا. هذا الأمر مثبت بالأوراق التي تم تبادلها بين أطراف الاتفاق، الأمر الذي أخفته السلطة عنا. ثالثاً، إنَّ الحكومات الصهيونية اعتادت أن تحوّل دماء شعبنا وحرية مناضليه إلى أوراق دعاية في معاركها الانتخابية. وقد جاء الهجوم بعد تراجع حزب "كاديما" في استطلاعات الرأي. رابعاً، تسهيل المراقبين الدوليين الأميركيين والبريطانيين بانسحابهم من السجن عملية الاقتحام، الأمر الذي أخفته السلطة عنا قبل محاصرة قوات الاحتلال السجن في أريحا، وخامساً تكتيك الاحتلال الثابت على مدار مرحلة أوسلو بنقل التناقض إلى الداخل الفلسطيني وتوسيعه باستمرار. ومن المعروف أنّ الاقتحام جاء بعد فوز حركة "حماس" بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في كانون الثاني/يناير 2006.

·        كيف تصف الجانب التنظيمي في حياتك؟ وكيف أثّر في مسيرة الجبهة الشعبية؟

أنا واحد من المناضلين الَّذين تربوا تنظيمياً وفكرياً وسياسياً وكفاحياً في المدرسة الثورية. بدأت حياتي الحزبية كجزء من فريق ثوري منسجم مثَّلته منظمة الجبهة في السجون منذ بدايات الاحتلال. صقلت تجربتي فيها، والتي ظلَّت محصورة في إطار محددات العمل التنظيمي السري، فالشّكل الذي كانت تقتضيه ظروف العمل الثوري ضد الاحتلال، ولم يكن لديَّ دور مميز عن دور الجماعة القيادية التي عملت في إطارها، والتي حملت أعباء محاولات إعادة بناء منظمات الجبهة في الداخل منذ الضربات المتتالية التي قصمت ظهرها وأضعفتها في الأعوام 67 و68 و69، حتى تمكّنا من النجاح في العديد من المحاولات في بناء منظمة الجبهة في الأرض المحتلة التي تميزت بصلابتها وتماسكها، وأبدعت في مواجهة الاحتلال، وخصوصاً في الانتفاضة الأولى. 

وبعد توقيع اتفاق أوسلو ودخول بعض القيادات الجبهاوية من الخارج إلى الداخل، امتزجت تجاربنا، واتسعت آفاقنا نسبياً. وهنا، لا بد من الإشارة إلى الدور الذي أداه القائد الشهيد أبو علي مصطفى في إعادة استنهاض الجبهة وجمع شملها بعد دخوله إلى فلسطين وحتى استشهاده، أو الإرشادات والتوجيهات القيمة التي كانت تصلنا من المؤسس الحكيم. 

·        ما هي رؤيتك إلى مستقبل النهج الثوري الذي سلكته؟ وكيف أثرت عملية اغتيال زئيفي في مسار المقاومة الفلسطينية؟

منذ نشأتها، مثلت الجبهة منهجاً جدياً متماسكاً ومنسجماً مع التحديات والمهام التي تطرحها مرحلة التحرر الوطني. وعليه، لا يمكن حصر حدود الجبهة ومنهجها الثوري في مرحلة محددة، فحلقات تطور الجبهة وارتقاء منهجها الثوري مترابطة، شأنها شأن أي ظاهرة ثورية تميزت بمحطات متنوعة في مسارها.

صحيح أنَّ الجبهة مرت بظروف صعبة بعد توقيع اتفاق أوسلو الذي كانت له إسقاطاته السلبية على الكل الوطني، كما تراجع موقفها بشكل حاد لأسباب بعضها مرتبطة بالأزمة المالية الخانقة والأوضاع العربية المجافية بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي، لكن ذلك لم يؤثر في مسارها واستمرار دورها، وهي الآن تشقّ بثبات عملية استنهاض دورها لتقوم بمستوى المهام التي تطرحها عليها المرحلة.

أما عن عملية الرد على اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى، وإن كانت غير مسبوقة، فإنها جاءت استمراراً لمنهج الجبهة الكفاحي، وإن اغتيال الأمين العام لم يكن بالإمكان السكوت عليه من دون ردّ نوعيّ يعيد الاعتبار إلى الجبهة وشعبنا وأمتنا. 

·        ما هي نظرتكم إلى التطوّرات الحاصلة في السّاحة العربية؟

1.    الساحة العربية: والتي أطلق عليها ما يسمى بـ"الربيع العربي"، فإننا ننظر إلى قضايا حركة التحرر العربي من خلال الإطار القومي اليساري التقدمي، وليس من خلال المنظور القطري الضيق الذي يهيمن على مسار الحركة السياسية العربية، ويرسّخ تقسيم الأمة إلى دويلات بوجود الأمة العربية معطى موضوعي له سياقه التاريخي المترابط بالظروف، فالتجزئة التي فرضها التقسيم الاستعماري هي الطارئ الذي أصبح للأسف مرضاً دائماً أعاق وحدة أجزاء هذه الأمة ونهوضها وتقدمها، وما زلنا ندفع ثمن قصور أدوات العمل القومي، إذ أعادنا ما كان مفترضاً أن يكون ربيعاً عربياً ثورياً بسبب غياب الحوافز الثورية القومية سنوات طويلة إلى الخلف، وحمل أدوات الإمبريالية في المنطقة العربية إلى موقع القيادة والتنافس لإرضاء أميركا، حتى لو كلف ذلك سفك دماء شباب الأمة وشيبها وأطفالها ونسائها، كما يحدث الآن في حرب الإجرام التي يديرها التحالف العربي الإمبريالي ضد شعبنا في اليمن، وكما حدث في سوريا وليبيا والعراق .

2.    السياسة الأميركية: إنَّ التعبير الدقيق الذي يصف السياسة الأميركية ومواقف إداراتها المتعاقبة هو "البلطجة"، فهذه السياسة ليست جديدة أو مستحدثة أو خاصة بإدارة دونالد ترامب أو جو بايدن، بل هي مكوّن أصيل يعكس طبيعتها الإمبريالية الاستعمارية الاستعلائية العنصرية، ويجب رفض أيّ دور أميركي في أي تسوية للصراع العربي الفلسطيني الصهيوني، وهذا يعني فكّ الارتباط والقطع النهائي والكامل مع منهج "مدريد – أوسلو" والتزاماته السياسية والأمنية.

·        ما هو موقفكم من القضايا الأساسية التالية في الساحة الفلسطينية؟

1.    التنسيق الأمني والاعتقال السياسي: إنَّ سياسة الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني التي تمارسها السلطة الوطنية بحقّ المناضلين، والتي كنت أحد ضحاياها، إذ ما زلت أدفع ثمن هذا التنسيق، هي انتقاص وتجاوز لكلِّ قواعد العمل الوطني وأخلاقياته، إضافةً إلى أنها تمس بشرعية المقاومة. لذلك، على السلطة وقف الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني، لأن هذه السياسة ما تزال مستمرة وتوسّع نطاقها على خلفية الانقسام، لتأخذ أبعاداً جديدة.

2.    المصالحة الفلسطينيّة: إنَّ إنجازها هو الحلقة المركزية والمدخل لطيّ الانقسام وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وهو يتطلَّب تنفيذ جميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، وفي مقدّمتها اتفاق القاهرة 2005 و2011 ووثيقة الوفاق الوطني، كما أنَّ وجود إرادة سياسيّة لدى جميع الأطراف يجعل باقي ملفات المصالحة مجرد تفاصيل صغيرة، وأنَّ استعداد حكومة الوفاق الوطني لإنهاء الانقسام يلزمها بالإنهاء الفوري للإجراءات العقابية التي فرضت على القطاع، فالمصالحة يجب أن تنتج منها إعادة بناء البرنامج الوطني السياسي وصياغته على نحو يعيد الأولوية والاعتبار إلى النضال مع الاحتلال، وأن تخرج الشعب الفلسطيني من دائرة المفاوضات العبثية. 

3.    المجلس الوطني: يجب عقد "مجلس وطني توحيدي" ومنتخب يضمّ كلّ الفصائل والحركات الوطنية والإسلامية، فلا توجد مبررات لانفراد قيادة فصيل أو تحالف ضيق بعقد مجلس وطني يستثني حضور كل القوى السياسية وتمثيلها. 

4.    المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية: لقد فشلت المفاوضات على مدار أكثر من عقدين، فلم يبقَ من "أوسلو" سوى سلطتين في الضفة والقطاع لا تستطيعان العيش خارج غرفة الإنعاش، إضافةً إلى رزمة من الالتزامات الأمنية لحماية أمن الاحتلال. وفي المقابل، تستمر الإجراءات العدوانية لحكومة الاحتلال. لذلك، يجب مغادرة دائرة بناء الأوهام على التوقعات بإمكانية الوصول إلى تسوية تستجيب للحدّ الأدنى من الحقوق الوطنية، والتحرّر من التزاماته السياسية والأمنية والاقتصادية، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، والإعلان رسمي عن انتهاء ما سمي بالمرحلة الانتقالية في اتفاق "أوسلو".