تضارب المصالح النفطية بين فرنسا وإيطاليا في ليبيا
في الوقت الذي تعترف فيه باريس رسمياً بحكومة طرابلس،التي اعترفت بها الأمم المتحدة، فإنها تدعم سرا ومنذ سنوات، منافسها، خليفة حفتر ، شرق البلاد. كان "الرجل القوي في برقة" قادرًا على ترسيخ قوته وبناء الجيش الذي أطلقه للتو لمهاجمة العاصمة.
وقد أكّدت صحيفة "ليبيا أوبزرفر" هذه المعلومات، مضيفة أن باشاغا انتقد فرنسا للدعم الذي تقدمه للجيش الليبي التابع للمارشال خليفة حفتر. وقد كانت "أخبار ليبيا" قد أعلن في وقت سابق ، حسب شهود عيان ، أن طائرات الجيش الليبي (ANL) ، استهدفت مستودعًا للذخيرة وعدة مواقع أخرى في طرابلس في 28 نيسان/ أبريل.
ففي عهد القذافي، على الرغم من الطبيعة المتقلبة للعلاقات الدبلوماسية، نجح البلدان في الحفاظ على علاقات اقتصادية دائمة وظلت إيطاليا الشريك الاقتصادي الرئيسي للبلاد. في هذا الصدد، كان الاقتصاد النفطي تاريخياً ولمدة عقود، اسمنتا جيوسياسيًا دائمًا، لم يتغير أبدًا بسبب الأزمات الدبلوماسية المختلفة التي حدثت بين روما وطرابلس. بالنسبة لروما، كانت ثروة النفط الليبية تمثل تاريخياً استقرارا استراتيجيا ،لأنها مكنت إيطاليا من الحفاظ على استقلالية نسبية من الطاقة . إلى جانب شركة النفط الوطنية الليبية ، مثلت مجموعة إيني ÉNI الإيطالية أكبر منتج أجنبي للنفط في ليبيا. في عام 2011 ، بعد العمليات العسكرية ضد القذافي ، وانهيار الاقتصاد الليبي النفطي اضطرت مجموعة ENI إلى التوقف عن إنتاج النفط مع الاستمرار في استخراج الغاز ، وهو قطاع أقل تأثرًا بالعمليات العسكرية.
فرنسا والجغرافيا:
زعزعة استقرار الاقتصاد النفطي الليبي لم يكن كارثة على الجميع، فقد تمكنت شركة "توتال" الفرنسية العملاقة من الاستفادة من هذا الوضع -مما أثار غضب إيطاليا-لإعادة استثمار قطاع النفط من خلال الاستفادة من شغور السلطة الناجم عن العمليات العسكرية. بعد أيام قليلة من انتهاء قصف التحالف ، أثارت رسالة كتبها المجلس الوطني الانتقالي الليبي (NTC) إمكانية منح 35٪ من الامتيازات النفطية الليبية المستقبلية لمجموعة توتال. نعمة لهذا المستفيد الذي كان ، قبل سقوط القذافي ، يحصل على حصة متواضعة نسبيًا (55000 برميل يوميًا) مقارنةً بالمجموعة الإيطالية ( ENI 244،000 برميل يوميًا). وضع جيوسياسي جديد يمثل اليوم أحد العوامل الحاسمة في التنافس الفرنسي الإيطالي في ليبيا.
المستقبل السياسي لليبيا اليوم مشروط جزئيا بالنهج الجيوسياسي التنافسي بين فرنسا وإيطاليا. في بلد لا تزال فيه أكثر من عشرين جماعة سياسية مسلحة تتنافس من أجل السيطرة على الدولة و على آبار النفط ، تدافع روما وباريس عن رؤيتين متعارضتين تمامًا. اصطفت الحكومة الإيطالية وراء الموقف الرسمي للأمم المتحدة في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية لفايز السراج ، ومقرها طرابلس والتي تأسست في عام 2016 ، باعتبارها الشرعية الوحيدة. خيار يبدو متسقًا مع مصالح إيطاليا ونفوذها غرب ليبيا.
من خلال دعمها لقوة طرابلس ، تعمل إيطاليا أيضًا على تأمين محطة النفط الهامة في مليتة ، والتي تشترك في إدارتها شركة النفط الوطنية ومجموعة إيني. باستثناء بقية المدن الليبية ،والتي تتقبل دور ايطاليا ، تظل برقة تاريخيا أمقاومة للسلطة الإيطالية ، وترفض هويتها الاستعمارية.
موقف برقة استغلته فرنسا لتثبيت نفوذها وخدمة مصالحها شرق البلاد.
منذ عام 2016 ، يسيطر المارشال حفتر، الضابط السابق في جيش القذافي ، على شرق ليبيا وحقول النفط الرئيسية ، على الرغم من النكسة العسكرية التي سرعان ما تعافى منها في يونيو 2018 والتي قرر بعدها نقل إدارة الموارد النفطية ، على عكس السنوات السابقة ، إلى شركة النفط الوطنية بنغازي ، المنافسة لطرابلس مما زاد من تأزم الوضع وتقسيم البلاد. ومع ذلك ، لا يزال حفتر "مغريا" بشكل خاص لفرنسا ، التي تعتبره الرجل القوي في الشرق مما جعلها تدمجه في عملية التفاوض ، كما شهدنا في قمة باريس في مايو 2018 ، من أجل إقامة انتخابات حرة في ليبيا ، رغم انه قاطع قمة باليرمو التي نظمتها إيطاليا بعد بضعة أشهر.
زعزعة استقرار الاقتصاد النفطي الليبي لم يكن كارثة على الجميع، فقد تمكنت شركة "توتال" الفرنسية العملاقة من الاستفادة من هذا الوضع -مما أثار غضب إيطاليا-لإعادة استثمار قطاع النفط من خلال الاستفادة من شغور السلطة الناجم عن العمليات العسكرية. بعد أيام قليلة من انتهاء قصف التحالف ، أثارت رسالة كتبها المجلس الوطني الانتقالي الليبي (NTC) إمكانية منح 35٪ من الامتيازات النفطية الليبية المستقبلية لمجموعة توتال. نعمة لهذا المستفيد الذي كان ، قبل سقوط القذافي ، يحصل على حصة متواضعة نسبيًا (55000 برميل يوميًا) مقارنةً بالمجموعة الإيطالية ( ENI 244،000 برميل يوميًا). وضع جيوسياسي جديد يمثل اليوم أحد العوامل الحاسمة في التنافس الفرنسي الإيطالي في ليبيا.
استراتيجيات التأثير في قلب مستقبل ليبيا السياسي
المستقبل السياسي لليبيا اليوم مشروط جزئيا بالنهج الجيوسياسي التنافسي بين فرنسا وإيطاليا. في بلد لا تزال فيه أكثر من عشرين جماعة سياسية مسلحة تتنافس من أجل السيطرة على الدولة و على آبار النفط ، تدافع روما وباريس عن رؤيتين متعارضتين تمامًا.
اصطفت الحكومة الإيطالية وراء الموقف الرسمي للأمم المتحدة في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية لفايز السراج ، ومقرها طرابلس والتي تأسست في عام 2016 ، باعتبارها الشرعية الوحيدة. خيار يبدو متسقًا مع مصالح إيطاليا ونفوذها غرب ليبيا.
من خلال دعمها لقوة طرابلس ، تعمل إيطاليا أيضًا على تأمين محطة النفط الهامة في مليتة ، والتي تشترك في إدارتها شركة النفط الوطنية ومجموعة إيني. باستثناء بقية المدن الليبية ،والتي تتقبل دور ايطاليا ، تظل برقة تاريخيا أمقاومة للسلطة الإيطالية ، وترفض هويتها الاستعمارية.
في آذار/مارس 2018 ، أعلنت مجموعة توتال عن إعادة شراء ، 16.3 ٪ ، من الامتيازات النفطية التي تمتلكها Marathon Oil الأمريكية في حقول الواحة. تموقع فرنسي في شرق البلاد ، بالاضافة الى الجانب الاقتصادي له ايضا هدف عسكري ، حيث ترى باريس ،أن جنوب شرق ليبيا على وجه الخصوص منطقة "رمادية" غير مستقرة تتموقع فيها الجماعات الإرهابية المسلحة التي تهدد مباشرة قوة "برخان" المنتشرة في الساحل. ولا يمكن لفرنسا تحقيق هذه الخطوة وتثبيت مخالبها ، دون وجود حليف محلي يمكّنها من الحفاظ على الاستقرار النسبي لمصالحها في الشرق.
منذ عام 2016 ، يسيطر المارشال حفتر ، الضابط السابق في جيش القذافي ، على شرق ليبيا وحقول النفط الرئيسية ، على الرغم من النكسة العسكرية التي سرعان ما تعافى منها في يونيو 2018 والتي قرر بعدها نقل إدارة الموارد النفطية ، على عكس السنوات السابقة ، إلى شركة النفط الوطنية بنغازي ، المنافسة لطرابلس مما زاد من تأزم الوضع وتقسيم البلاد.
ومع ذلك ، لا يزال حفتر "مغريا" بشكل خاص لفرنسا ، التي تعتبره الرجل القوي في الشرق مما جعلها تدمجه في عملية التفاوض ، كما شهدنا في قمة باريس في مايو 2018 ، من أجل إقامة انتخابات حرة في ليبيا ، رغم انه قاطع قمة باليرمو التي نظمتها إيطاليا بعد بضعة أشهر.
في 27 شباط/فبرايراالفارط ، التقى فايز السراج وخليفة حفتر في قمة للأمم المتحدة في أبو ظبي. اتفق الرجلان على توجه جديد من حيث المبدأ لإجراء انتخابات حرة بحلول الصيف المقبل. ولا يبدو هذا الأمل في الأفق المنظور ستكون هذه الانتخابات بصيص أمل جديد لمستقبل ليبيا خاصة وان فرنسا وإيطاليا تواءمتا ، على الأقل ظاهريا حول هذا الملف ؟
فاتهامات حكومة السراج لفرنسا،بدعمها حفتر وزرعها الفتنة في لبيبا، على المسار الذي رسمته هذه الاخيرة والذي تظهر انها غير مستعدة للتخلي عنه رغم تقديم العديد من منظمات حقوق الإنسان طعونا قانونية ضد فرنسا بسبب تسليم ستة قوارب من قبل القوات المسلحة الفرنسية لخفر السواحل الليبي؟