حكمة النبي الأكرم في محاربة اليهود
سوف يُنطق لنا الحجر ، والشجر ، وكل المخلوقات غير الناطقة لتصيح في تلك اللحظة التاريخية ، " خلفى يهودى فاقتله " مما يؤكد أيضاً أن الحرب القادمة سوف تكون حرباً شاملة، ضارية ، لن تبقي ، وينبغي لها ألا تبقي صهيونياً فوق الأرض الفلسطينية والعربية.
في أجواء الصراع العربي الصهيوني ،وتطوراته المتلاحقة ، كنت دائما فيما مضي-ولازلت- من سني الصراع ، أتوقف أمام حديث نبوي شريف ،بتأمل وخشوع ، وهو قول النبي (ص) " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله) " رواه البخارى ومسلم "
هذه النبوءة التاريخية للنبي محمد (ص) ، من وجهة نظرنا ،أضحت اليوم (2019)حقيقة على الأرض الفلسطينية والعربية، رغم هوجة التطبيع الخليجي الجديدة ، وهي تؤكد بالمعنى التحليلي أنه لن تقوم القيامة حتى تعلن تلك الصيحة ، بل لعلنا نزيد في التفسير إلى الحد الذى نقول فيه أن يوم القيامة مرتهن حدوثاً وإكتمالاً بوقوع تلك الصيحة " خلفى يهودى فإقتله" إنها الصرخة التي تكتسب أكثر من معنى فى واقعنا العربي والاسلامي المعاصر وتقدم أكثر من نبوءة .
أولاً : لم يقل الحديث الشريف (أمامي يهودى) أو بينى يهودي " بل قال (خلفى يهودى) بما يعنيه ذلك من معان وإيحاءات تعكس طبيعة الحرب وطبيعة الخصم الذى سنقاتله فهى حرب مع عدو غادر لن يأتى أبداً من "أمامنا " ، ولن يجرؤ أبداً على العيش في " وسطنا " رغم كل محاولات الحكام العرب للهرولة من أجل التطبيع معه، ولكنه دائماً سوف يأتي من خلفنا ، من الظهر ، ليطعننا دون أن ندري ، إلا أن الله العالم بكل شىء، سوف يُنطق لنا الحجر ، والشجر ، وكل المخلوقات غير الناطقة لتصيح في تلك اللحظة التاريخية ، " خلفى يهودى فاقتله " مما يؤكد أيضاً أن الحرب القادمة سوف تكون حرباً شاملة، ضارية ، لن تبقي ، وينبغي لها ألا تبقي صهيونياً فوق الأرض الفلسطينية والعربية .
ثانياً : إن ما نعيشه اليوم على امتداد ساحة العالمين الإسلامي والعربي منذ زيارة السادات للقدس عام 1977 ثم توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد 1978 وحتى اليوم 2019 ، من أحداث وهزائم ، ووقائع طاحنة ، يؤكد بوضوح أنه يقف خلفها ، دائماً " اليهود الصهاينة " داخل فلسطين أو خارجها ولا فرق عندنا بين صهاينة الداخل وصهاينة الخارج فكلهم سواسية ، وكلهم في العداء لهذه الأمة سواء ، وما الأمر إلا توزيع للأدوار بين صهاينة غلاة فى داخل الوطن المحتل ، وصهاينة سيكونون غلاة خارج الوطن المحتل بل وحلفاء غير يهود أشد غلوا وعداء ،مثل الادارة الامريكية في عهد ترامب علي سبيل المثال .
بل إن تفاصيل قصة " التطبيع " السياسي والثقافي والاقتصادي والعسكري بين الكيان الصهيونى وبين انظمة الحكم فى مصر وبعض مشيخيات الخليج العربي حتى اليوم ، ، ليكفى وحده ليقم كدليل حي على أن لا فرق يذكر بين يهود الداخل ويهود الخارج وأن الأمر فقط مجرد " توزيع أدوار " ، ويؤكدها أكثر دور من يمكن تسميتهم (المتهودين) من نخب عربية في مجالات التطبيع المختلفة بدءأ بالثقافة وانتهاء بالاقتصاد مرورا بالساسة وغيرها
ثالثاً : إن المقولة النبوية " خلفى يهودى فاقتله " تنبئنا بأن الرغبة في الهيمنة والسيطرة السياسية والثقافية والاجتماعية والتي تعد في تصورنا المعنى الأدق في التعبير عن كلمة (التطبيع) – حيث الأخيرة تعنى أن ثمة علاقات كانت موجودة سلفاً فقطعت ، ثم عادت لتكون طبيعية وهو ما لم يحدث أصلاً بين مصروبعض دول المنطقة والكيان الصهيونى – إن هذه الرغبة في الهيمنة ، سوف تمتد إلى كافة النواحي ، من اقتصاد وزراعة ، وتجارة ، وثقافة ، وفن وآثار .. إلخ ، ومجرد نطق الحجر بتلك الصيحة ، فإنه نبوءة نبوية كريمة ، بأنهم سوف يتغلغلون داخلنا في كل شىء وسوف يحاولون اختراق كل الحدود والحواجز وسوف يمسحون المجتمع ، وينفذون إلى أحشائه ، حتى الحجارة سوف يحاولون التسلل إليها ، والتمركز خلفها ، بل ونسبتها إليهم ، ألم يقل بيجين – رئيس وزراء العدو الصهيونى الأسبق – ذات يوم أن هذه (الأهرامات المصريةالثلاثة) من صنع أجداده اليهود (!) ، وكان ذلك فى أواخر عهد الرئيس الأسبق أنور السادات الذى ابتسم ساعتها بطريقة تليفزيونية كعادته، وكأن الأمر لا يعنيه .
إذن الرغبة في الهيمنة اليهودية على كل مقدرتنا وأحشاء مجتمعنا ، سوف تكون شاملة وعلى نفس الدرجة من الرغبة ، يحثنا الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أن تكون الرغبة فى القتال والمقاومة ، والجهاد أكبر وأشد ، فساعتها سوف تتكاتف معنا كل مخلوقات الله ، وستقاتل إلى جانبنا حتى الحجر سيقاتل معنا من خلال إخبارنا بمواقع الخصم ونقاط وجوده وتسلله ، إن الوطن الإسلامي كله سيقاتل ساعتها ، كل بأسلوبه وطريقته .
ولكن ، سوف يوجد في ذلك اليوم – والذى قد يكون يومنا هذا – من سيكون أحط من الحجر، ومن سيخون ، ومن سيكون يهودياً أكثر من اليهود أنفسهم ، نعم سيكون هؤلاء بيننا ، بل هم بالفعل موجودين ، ولعل خير نموذج يحدد مواقعهم ويعرى أماكن تواجدهم فى زم داعش والكيان الصهيوني هذا هم المقاومون بالسلاح من فلسطين الى لبنان وسوريا ،والمقاومون بالكلمة والموقف ضد التطبيع ورجاله .أما من إلتحف بالعدو أو تحالف معه،تحت أسماء زائفة من قبيل السلام واللتنسيق الامني والسياسي ، هؤلاء ساعتها سوف يكونون أحط من الحجر ، وأدنى مرتبة ، وهو أمر طبيعي ، ومنطقي في سياق التاريخ والأحداث ولابد من وجود منافقين ، وآفاقين ، ومرتزقة ليتزين بهم كل عصر وربما على سبيل العبرة والعظة. وهذة النوعية كما بات معلوما عربيا أضحت موجودة بكثرة في أروقة نخبة ودعاة التطبيع الصحفى والثقافى والسياسى والاقتصادى فى بلادنا .
رابعاً : إذن القضية التى يفجرها الحديث النبوى (خلفى يهودى فاقتله) هي هذا الوجود اليهودي ، وتلك الرغبة في الهيمنة الشاملة (سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعسكرياً) ، وهي هذا التغلغل في كل شىء ، ومحاولة تصديره خارج الوطن ، بل محاولة تصدير الوطن ذاته خارج نفسه، إلى واشنطن ، أو تل أبيب ، والقضية إذن ، التي ينبغى إعادة الاهتمام بها في أجواء الإرهاب الداعشى الذى هو الوجه الآخر للإرهاب الصهيونى هى "هذا التطبيع" – مع التحفظ الكامل على اللفظ ومدلوله ومحاذير استخدامه – الذى جرى خلال قرابة الاربعة عقود (1979-2019) بين بعض أنظمة الحكم العربية ، ولايزال مستمراً، وبين الكيان الصهيونى ، هى قضية شائكة ومعقدة ، ومتداخلة الحلقات والأحداث والوقائع ، وهى قضية تحتاج إلى جهاد بالكلمة وبالسلوك تحتاج إلى مواقف حقيقية رافضة ، تليق بدماء الشهداء وتضحيات الاسري ، وبدون هذه المواقف الجادة الحازمة من التسوية المزعومة والقائمة علي ماأسماه ترامب بصفقة القرن ومن التطبيع ورجاله وسياساته وكوارثه ، سوف يستمر الزمن الصهيوني ويتوحش ، مهددا في طريقه مستقبل هذة الامة بثقافتها وأمنها وبوصايا قرآنها ونبؤات نبيها الكريم( ص).والله اعلم.