اتفاق أضنة طوْق نجاة أردوغان أمْ حبل يخنق مشروعه العثماني

الابتسامات وعبارات المديح المُتبادلة (صديقي العزيز) لم تكن كافية لإخفاء خيبة الأمل التركية من قمّة موسكو (بوتين - أردوغان) الأربعاء 23 كاونو الثاني/ يناير 2019.

خيبة أمل تركية من قمّة موسكو (بوتين - أردوغان)

ولم تكد تمضي ساعات على عودة أردوغان إلى تركيا حتى تجلّت خيبة الأمل التركية بوضوح عبر الخطاب الذي ألقاه الرئيس التركي أردوغان في مهرجان انتخابي في ولاية أرضروم، ناهيك عن العصبية والانفعال اللتين بدا عليهما أردوغان، فإن ذاك الخطاب مرشّح لدخول كتاب غينيس الأرقام القياسية من كثرة التناقضات الواردة فيه.

فعلى سبيل المثال: الحديث عن إنشاء منطقة آمنة (تركية مستعدّة لدفع ثمن إنشاء منطقة آمنة في سوريا)، وبذات التوقيت التذكير باتفاقية أضنة (لسنا بحاجة إلى دعوة أحد نحن ضَمِنا بالفعل حق التدخّل ضد الإرهاب في سوريا عبر اتفاقية أضنة 19). والذي يريد أردوغان البناء عليها للقيام بعمل فردي ومن دون الرجوع لحلفائه في الناتو، أو شركائه في اجتماعات الآستانة.

دعونا نُفكك هذه المعادلة التركية (منطقة آمِنة - اتفاقية أضنة):

  • العودة إلى اتفاقية أضنة يعني أنه يحقّ لتركيا القيام بعملياتٍ عسكريةٍ داخل الأراضي السورية بعُمق 5 كم، القيام بعملياتٍ عسكريةٍ خاطفةٍ عبر التنسيق مع دمشق، وليس بقاء القوات التركية على الأراضي السورية، وبالتالي إن أراد أردوغان العودة إلى تطبيق إتفاقية أضنة فعليه الانسحاب من الأراضي السورية وتسليم المناطق التي أعلنت تركيا أنها أصبحت خالية من الإرهابيين إلى الدولة السورية (جرابلس - أعزاز - الباب - مارع - الراعي - عفرين )، وإغلاق الحدود وتنسيق الجهود لتطهير إدلب وريف حلب الغربي من الجماعات الإرهابية. 
  • العودة إلى إتفاقية أضنة يكفل للدولة السورية أن تقدّم شكوى إلى المؤسّسات والمنظمات الدولية ضدّ تركية باعتبارها خرقت إتفاقية أضنة عبر قيامها بالأول داخل الأراضي السورية في عُمق أكثر من 5 كم، واقع الحال أن الجيش التركي توغّل حتى منتصف أراضي الدولة السورية، فهو يتواجد في ريف حماه الشمالي (حماه تُعتَبر جزءاً من المنطقة الوسطى لكونها تتوسّط الخارطة السورية). 
  • أيضاً استناداً إلى إتفاقية أضنة وتحديداً الفقرة التالية (إن سوريا وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، لن تسمح بأيّ نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا، كما لن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها). يحقّ للدولة السورية استناداً إلى "مبدأ المعاملة بالمثل" أن تتقدّم بشكوى ضدّ تركيا لكونها دعمت وسلّحت واحتضنت وروّجت لجماعات وفصائل ومنظمات وشخصيات تعتبرهم الدولة السورية إرهابيين ويشكّلون خطراً على أمنها واستقرارها، مُطالبة تركيا بطرد تلك الشخصيات والفصائل والمؤسّسات السياسية والإعلامية والعسكرية أو تسليمهم للدولة السورية. 
  • العودة إلى إتفاقية أضنة تعني تسهيل مهمّة الجيش السوري للانتشار على الحدود واستلامه للمعابر الحدودية. 
  • العودة إلى اتفاقية أضنة تعني تفعيل العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في أنقرة ودمشق.
  • العودة إلى إتفاقية أضنة تعني تنفيذ حُكم الإعدام بمشروع المنطقة الآمِنة كخطوةٍ تركيةٍ على طريق تحقيق ما ورد في الميثاق الملّي التركي 1920 الذي يعتبر حلب وريفها منطقة تركية.                                                               

دمشق تلقّفت التخبّط التركي، فسارعت السبت 26 كانون الثاني/يناير لزيادة الضغوط على أنقرة عَبْر تصريح الخارجية السورية تؤكّد من خلاله دمشق أنها مازالت مُلتزمة اتفاق التعاون المشترك مع تركيا، أو ما يُعرَف باتفاق أضنة والاتفاقيات المُتعلّقة بمُكافحة الاٍرهاب بأشكاله كافة من قِبَل الدولتين.

وبالتالي رَمي الكرة في ملعب الرئيس التركي أردوغان واضعةً إياه بين خيارين أحلاهما مرّ: 

1- الإصرار على سياساته السابقة العدوانية التوسّعية (التذكير بالميثاق الملّي - إنشاء منطقة آمنة - الاستمرار بدعم الجماعات التي تعتبرهم دمشق جماعات إرهابية). وهذا بالتالي يعني انتهاء مفعول إتفاقية أضنة، وتحميل تركيا مسؤولية ذلك وتبعاته. 

2- العودة إلى اتفاقية أضنة وبالتالي انتشار الجيش السوري ودخول مؤسّسات الدولة السورية إلى كامل الأراضي السورية، ناهيك عن تنسيق عمل عسكري استخباراتي يُطهّر إدلب من الجماعات الإرهابية، وإغلاق المؤسّسات السياسية والعسكرية والإعلامية المتواجدة داخل تركيا والتي تشكّل خطراً على أمن واستقرار سوريا. وإن انتشار الجيش السوري على الحدود يعني أن على قوات سوريا الديمقراطية الانضواء تحت مظلّة الجيش السوري لسحب الذريعة من تركيا.