مؤتمر وارسو تعويض عن فشل العقوبات

في إطار التحريض المستمر ضد إيران، بدأ الإعداد لعقد مؤتمر دولي في بولندا، محوره استهداف إيران بإجماع دولي، قد يعضد الجهود الأميركية، في الحصول على دعم يقوّي حظوظها في مواجهة إيران، بعد استنفاد الأمل في فعالية العقوبات الاقتصادية المسلطة عليها.

ظريف:"بولندا تستضيف سيركاً موجهاً ضد إيران، فيما كانت إيران تنقذ بولنديين إبان الحرب العالمية الثانية

اختيار تاريخ انعقاد المؤتمر يومي 13 و14 شباط 2019، يؤكّد أنّه متعلّق مباشرة بالذكرى الـ40 لانتصار الثورة الإسلامية، وقيام النظام الإسلامي في إيران، والتي تصادف 11/2/1979، وفي إطار من التشويش عليها.

في الحركة الدبلوماسية الإيرانية حيال هذا المؤتمر، المزمع عقده في العاصمة البولندية "وارسو"، نشر وزير الخارجية الإيراني على صفحته في تويتر تذكيراً بالمؤتمر الذي عُقد سنة 1996 بشرم الشيخ المصرية تحت عنوان: التسوية في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب. وبعد أن نشر صورة للمشاركين فيه كتب: "أذكّر مَن سيستضيف وسيشارك في المؤتمر ضد إيران: هؤلاء الذين حضروا العرض الأميركي الأخير الموجّه ضدّ إيران إما ماتوا أي وُصِموا بالعار أو هُمّشوا، في وقتٍ أصبحت فيه إيران أقوى من أيّ وقتٍ مضى".

وحتى لا تمرّ إجازة الحكومة البولندية لإقامة المؤتمر في عاصمتها من دون ردّ مناسب، ثنّى محمّد جواد ظريف ما أدرجه على صفحته، بنشر صوَر للاجئين بولنديين، فارين من القوات النازية، إبّان الحرب العالمية الثانية، قد احتضنتهم محافظة أصفهان في مخيّم، وكتب تعليقاً في الصميم، بين الواجب الذي حدا بالشعب الإيراني القيام به إنسانياً، وبين ما تقوم به بولندا باستضافتها لمؤتمر يُسيء للشعب والنظام الإيراني: "بولندا لن تمحو عارها: هي تستضيف سيركاً موجهاً ضد إيران، فيما كانت إيران تنقذ بولنديين إبان الحرب العالمية الثانية".

أميركا تسعى في هذا الإطار جاهدة، وقد سخّرت طواقمها الدبلوماسية، متنقّلة من عاصمة إلى أخرى، للحصول على موافقة أكبر عدد ممكن من حكوماتها، على المشاركة في المؤتمر المذكور، كأنّما لسان حال دبلوماسييها يرثي العقوبات، التي لم تفلح في فعل الكثير ضدّ إيران، يثنيها عن المضيّ قدماً نحو أهدافها في النموّ والإعداد، وتحقيق معادلة القوّة والرّدع، في مواجهة أعدائها.

وقد علّق أمين المجلس الأعلى لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، على المسعى الأميركي بقوله: "إن تبديل الحظر من أعلى مستوى من الضغوط، إلى ندوة أو مؤتمر فمعنى ذلك الفشل".

ويبدو أن بولندا ستبقى في المربّع الذي اتّخذت منه مغنماً، قليل العوائد- بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تمرّ بها، في مقابل ما ستخسره من جانب إيران، في صورة احتضان المؤتمر، وقد ألمح وزير الخارجية الإيراني، أنه عار على بولندا، وعلى كل مَن سيشارك فيه، طمعاً في ما ستتفضّل به أميركا على كل منهم من عطاء.

أميركا تعمل دبلوماسياً لحشد أكبر عدد من دول العالم، من أجل مواجهة إيران، وإدانتها وفق الرؤية الأميركية المعادية لها وضبط مواقف الدول المُستجيبة للمؤتمر، على أساس موقفها، وهو مسعى لا يخفي نوايا أميركا العدائية، من أجل تغيير النظام الإسلامي، أو بما أطلقوه من تغيير سلوكه، ولا قصد لها من كل ذلك، سوى ثنيها عن هدفها الأساس، إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، الرازِح تحت نير كيان موغل في عنصريّته، لا قيمة للإنسان لديه، ما لم يكن صهيونياً.