ما قصة بير طويل؟

كٌثر الكلام على بير طويل وتناولتها الصحف على أنها أرض بلا صاحب ومن حق أية دولة ضمّها إليها. أين تقع منطقة بير طويل؟ وهل هي سودانية أم مصرية؟ وما قصة المغامر الهندي والإنجكليزي؟

بير طويل (بئر طويل) منطقة صغيرة المساحة بين مصر والسودان تماثل شبه منحرف ضلعه الطويل هو حدّها الشمالي الذي يتماس مع خط عرض 22° شمالاً بطول 95 كم، و ضلعها الجنوبي طوله 46 كم، ويتراوح طولها من الشمال إلى الجنوب ما بين 31 كم و 26 كم ومساحتها 2060كم². وقانونياً هي أرض بلا صاحب terra nullius. وهي المنطقة الوحيدة التي يمرّ فيها الخط الإداري لعام 1902 جنوب الحدود السياسية لعام   1899المتماسة مع خط عرض 22° شمالاً. وقد وضعت تحت الإدارة المصرية لأنها كانت في ذلك الوقت مرعى لجماعة من العبابدة يتمركزون قرب أسوان، بينما يقع مثلّث حلايب شمال خط عرض 22° شمالاً ، وقد وضع تحت الإدارة السودانية لأن سكان تلك المنطقة في ذلك الوقت كانوا امتداداً لجماعات يتمركز أغلبها في السودان. تبلغ مساحة بير طويل عُشرَ مساحة مثلّث حلايب وهي أرض داخلية، والمنطقتان تتماسان في نقطة واحدة. يقع إلى شمال المنطقة جبل طويل ارتفاعه 459 متراً، وإلى شرقها جبل حجر الزرقا وارتفاعه 662 متراً، وإلى جنوبها وادي طويل (يعرف كذلك باسم خور أبو بَرْد)،  وأوجه الخلاف بين مصر والسودان تتمسّك مصر بحدود عام 1899 السياسية الممثلة في خط عرض 22° شمالاً وهو ما يضع مثلّث حلايب داخل الحدود المصرية ويضع بير طويل داخل الحدود السودانية، بينما تطالب السودان باتفاقية الحدود الإدارية لعام 1902 وهي التي تضع مثلّث حلايب داخل الحدود السودانية وتضع بير طويل داخل الحدود المصرية. من نتيجة ذلك أن كلا البلدين تطالبان بحلايب بينما لا تطالب أيّ منهما ببير طويل، ولا يوجد في القانون الدولي أيّ أساس يمكن بناء عليه لأيّ من الدولتين أن تطالب بكلا المنطقتين في الحين ذاته، مما يجعل هذه المنطقة هي الوحيدة التي لا تطالب بها أيّة دولة في العالم، باستثناء أرض ماري بِرد في القارة القطبية الجنوبية، ومن العسير - إن لم يكن مستحيلاً - على أية دولة غيرهما أن تطالب بالسيادة على المنطقة لأنها محصورة بين مصر والسودان.

ومع ذلك تنشر بعض المواقع أن مغامر هندي (سوياش ديكسيت )أعلن نفسه حاكماً على شريط من الأرض يقع بين مصر والسودان، وشجّع الأطراف المهتمة بالتقدُّم بطلب للحصول على الجنسية. وسافر الهندي سوياش ديكسيت مئات الأميال إلى منطقة بير طويل، وهي قطعة أرض غير مأهولة تبلغ مساحتها 2060 كيلومتراً مربعاً تقريباً وتقع بين مصر والسودان ولا يدَّعي أيّ الطرفين تبعية المنطقة له، بحسب صحيفة “التليغراف” البريطانية. وأدّى نزاع على الحدود بين السودان ومصر إلى أن تصبح هذه القطعة من الأرض واحدة من بين أواخر المناطق التي لا يدّعي أحد ملكيّتها على كوكب الأرض، وتعرف المنطقة أيضاً باسم “مثلّث بارتازوجا” وهي خالية من الموارد، وترفض الدولتان المطالبة بالمنطقة، أملاً في ضمّ مثلّث حلايب وشلاتين المُتنازع عليه. والسبب في هذا الوضع الغريب أن مصر تطالب بحدود عام 1899 السياسية المتماسة مع خط عرض 22° شمالاً، وهو ما يضع مثلّث حلايب داخل الحدود المصرية ويضع بير طويل داخل الحدود السودانية، بينما تطالب السودان باتفاقية الحدود الإدارية لعام 1902 وهو ما يضع مثلّث حلايب داخل الحدود السودانية ويضع بير طويل داخل الحدود المصرية. وخاض “الحاكِم” الجديد رحلة محفوفة بالمخاطر إلى بير طويل، وذلك بعد قضائه ليلتين في التخطيط لرحلته إلى الصحراء وإقناع سائق محلّي بتوصيله إلى تلك المنطقة النائية. وأوضح ديكسيت قائلاً: “يخضع الطريق الذي سلكتُه للجيش المصري (فهي منطقة حدود دولية)، وهي منطقة ينشط فيها الإرهابيون، ولذا فإنّ لدى الجيش أوامر بإطلاق النار بمجرّد رؤية أيّ هدف”. وأضاف: “إنك بحاجة لإذن تصريح حتى لمجرّد دخول الطريق المؤدّي إلى هذا المكان. وكان لدينا 3 شروط: لا تصوير للمناطق العسكرية، والعودة في نفس اليوم، وعدم اصطحاب مقتنيات ثمينة”. استقلّ المستكشِف الجريء السيارة لمدذة 6 ساعات حتى يتمكَّن من رفع علم ونثر بعض البذور في أرض صحراوية، وتأسيس “مملكة ديكسيت”، وإعلان نفسه ملكاً عليها. وأضاف: “وفقاً لأصول وقواعد الحضارات الأولى، إذا كنت ترغب في السيطرة على أرض، فإنّك يجب أن تزرع فيها نباتات. إنها ملكي”. وليس “الملك ديكسيت” أول شخص يعلن سيطرته على المنطقة،  وفي 2014 سافر والد أميركي إلى الأرض الصحراوية بهدف جعل ابنته أميرة “مملكة شمال السودان”. ومع ذلك، قال الخبير القانوني أنتوني أريند لصحيفة “واشنطن بوست: “إنه بموجب القانون الدولي، وحدها الدولة يمكنها ممارسة السيادة على الإقليم”.

والحقيقة أن ما نشر عن بير طول كلام خيالي كونها أرضاً بلا صاحب طبقاً للقانون الدولي كلام عارٍ عن الصحة فهذه الأرض سودانية والدليل على ذلك أنه في القمّة الأفريقية في القاهرة 1964 أكد الزعماء الافارقة – أبرزهم جمال عبدالناصر في هذه القمّة أن الحدود بين الدول الأفريقية التي صنعها الاستعمار تظلّ كما هي لأن محاولة تغييرها ستُدخل القارة في حروب لا نهاية لها. وبناء على ذلك فإن اتفاقية 1899م التى رسمت بها بريطانيا الحدود بين مصر والسودان التي تتمشي مع دائرة عرض 22 شمالاً وهو خط مستقيم تأكّد أن مثلّث حلايب مصري وبير طويل سودانية. أما اتقافية 1902  بخصوصهما فهي اتفاقية إدارية.