اعتراف فرنسا من رؤوس الشفاه عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر

خلافاً لفرنسا تحمّلت ألمانيا المسؤولية من دون أي تردد وارتباك بشأن ماضيها في زمن هتلر، لكن فرنسا تجرجر محاولات إخفاء ماضيها ويُخيّل إليها أنها أذكى من ذاكرة الشعوب والحقيقة التاريخية.

فرنسا تجرجر محاولات إخفاء ماضيها ويُخيّل إليها أنها أذكى من ذاكرة الشعوب

بعد أكثر من 61 عاماً على هذه الواقعة المأساوية، تعترف فرنسا بذنبها بسبب اغتيال الشاب الرياضي والشيوعي موريس أودان المناهض للاستعمار الفرنسي في الجزائر، الذي خُطف ومات تحت التعذيب، مشكّلاً إحدى الصفحات السوداء للاستعمار استمرت. 61 عاماً و3 أشهر.
خلافاً لفرنسا تحمّلت ألمانيا المسؤولية من دون أي تردد وارتباك بشأن ماضيها في زمن هتلر، لكن فرنسا تجرجر محاولات إخفاء ماضيها ويُخيّل إليها أنها أذكى من ذاكرة الشعوب والحقيقة التاريخية.
بعد 63 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تواصل فرنسا الخوض في غمار أعمالها الشائنة.
• 50 عاماً للاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية بإبادة اليهود في ظل حكم فيشي.
• 50 عاماً للاعتراف بحق الحركيين بممارسة مواطنيتهم الفرنسية.
• 50 عاماً على حرق و"كربنة" (أي التحويل إلى كربون) سطيف الجزائرية. يشار إلى أنّ 8 أيار/ مايو تاريخ انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، التي ساهم بها الجزائريون والشعوب الاستعمارية بشكل كبير.
ففي بداية القرن العشرين، كانت فرنسا على رأس واحدة من الإمبراطوريتين العالميتين العظيمتين بالتساوي مع المملكة المتحدة. لكنها
في القرن الـ21، تراجعت إلى سابع قوة اقتصادية بالعالم، ليحل مكانها الصين والهند - مستعمرتان أوروبيتان سابقتان- كذلك اليابان وألمانيا، اللتين تعرضتا لهزيمة كبيرة في الحرب العالمية الثانية.
الأسوأ من ذلك، أنّ فرنسا تعمل الآن كبديل لألمانيا، مع اقتصاد راكد وافقار متزايد للسكان وتفكّك اجتماعي.
وفي هذا السياق، قال وزير الدولة لشؤون المحاربين القدامي جان مارك توديشيني إنه قام برحلة تذكارية إلى الجزائر لإيصال رسالة من قبل الحكومة الفرنسية مفادها "لا ننسى الذاكرة".
توديشيني كان قد وضع إكليلاً من الزهور أمام ضريح بوزيد سعال، هذا الشاب الذي قُتل في 8 أيار/ مايو 1945 لأنه لوّح بالعلم الجزائري. في ذاك اليوم، بينما كانت فرنسا تحتفل بالنصر ضد النازية، كانت الاحتجاجات غارقة بالدماء بالجزائر. وخلال بضعة أسابيع، آلاف الجزئريين، ما بين 10 آلاف و45 ألفاً، قُتلواً، فضلاً عن مئات الأوروبيين.
وزير الدولة لشؤون المحاربين القدامي قال إنه "من خلال عودتي إلى سطيف، أوكد اعتراف فرنسا بمعاناة جزائريي وأوروبيي سطيف وقالمة وخيرتة".
وتابع قائلاً "باسم الذاكرة المشتركة بين البلدين... أدعو إلى المضي قدما معاً نحو ما يجمعهما".
وفي عام 2005، وصف السفير الفرنسي لدى الجزائر ما حصل بالجزائر بـ"مأساة لا يمكن تبريرها". وفي عام 2008، لفت سفير فرنسا الجديد لدى الجزائر برنارد باجوليه إلى المسؤولية الثقيلة التي تقع على عاتق السلطات الفرنسية حيال سلاسل الجرائم، مضيفاً "وقت الإنكار قد انتهى".


ترجمة غادة سعد