تحركات فرنسا بشأن اليمن، من طرف اللسان حلاوة

ظاهرة مثيرة وتحركات ليست معتادة من الحكومة الفرنسية بشأن الأزمة اليمنية. لقد كان المؤتمر الإنساني حول اليمن محاولة فرنسية لإيجاد حلول سياسية لصراع معقد تدور رحاه في اليمن منذ أكثر من 3 سنوات بحسب تعبير إيمانويل ماكرون. ولكن بعد الهجوم على مدينة الحديدة، هَوَت طموحات الحكومة الفرنسية إلى الدرك الأسفل، وعادت الشكوك حول الدور الفرنسي في الملف اليمني تظهر من جديد.

ظاهرة مثيرة وتحركات ليست معتادة من الحكومة الفرنسية بشأن الأزمة اليمنية

التحالف السعودي يخوض حرباً ضروساً منذ العام 2015، بينما يعيش اليمن "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" منذ الحرب العالمية الثانية، مع ما يقرب من 8.4 مليون شخص على حدود المجاعة، وفقا للأمم المتحدة. وبمبادرة فرنسية-سعودية؛ تم اقتراح عقد المؤتمر الإنساني حول اليمن -خلال زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى باريس في نيسان/ أبريل الفائت -وكان من المنتظر أن يتضمن قرارا سياسياً مهماً، مع خطاب لايمانويل ماكرون. لكن الهجوم الذي شنته القوات الحكومية يوم 13 حزيران/ يونيو بالحديدة بدعم وتغطية جوية وبحرية من التحالف، هزت جدول باريس وبعثرت أوراقه.

طموحات تسير في عد تنازلي

على الرغم من ذكر "المخاطر الإنسانية المتكبدة"، إلا أن باريس رغبت في عقد "مؤتمر إنساني" بشأن اليمن خلف الأبواب المغلقة، مقتصرة على لجنة من الخبراء تجمع ممثلي الدول والوكالات الدولية الأكثر مشاركة في اليمن من أجل إيجاد حلول للأزمة الإنسانية. الوزراء وممثلي أطراف الصراع كانوا غائبين عن الاجتماع. طموح منقح إلى حد كبير، والذي يخبرنا بالكثير، يخبرنا عن فوضى السلطات في نزاع يصعب تصور الخروج منه على المدى القصير. وقد كان هدف فرنسا الرئيسي من عقد اللقاء، كما صرّحت الخارجية الفرنسية، هو تحديد طرق لإزالة الحواجز التي تحول دون وصول المساعدات وتوزيعها عبر المنافذ البحرية والجوية، وكذلك إزالة الحواجز في المناطق الداخلية. وفي هذا السياق؛ تتطلع فرنسا مع السعوديين والإماراتيين تسهيل عمليات التفتيش الصارمة عند مدخل ميناء الحديدة، فضلاً عن زيادة الحركة الجوية انطلاقا من صنعاء وإليها، لتخفيف الخناق الذي يشل حركة المساعدات الإنسانية.
بالإضافة إلى السعودية في تنظيم "المؤتمر الانساني"، وهي المتهمة "الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني على الأراضي اليمنية"، وفق المنظمات غير الحكومية. وقد انتقدت المنظمات الانسانية الحكومة الفرنسية بتهمة مساعدة الرياض وأبوظبي بالسلاح والعتاد. فقالت هيلين ليجاي، رئيسة منظمة "ACAT" غير الحكومية المسيحية: "من المحتمل جدا أن هذه الأسلحة تم استخدامها في اليمن". وفي تغريدة نشرتها الثلاثاء في 26 حزيران/ يونيو؛ دعت منظمة العفو الدولية إلى فتح لجنة تحقيق برلمانية بشأن مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى البلدان المشاركة في الصراع داخل اليمن.
بالنسبة لجان فرانسوا كورتى- من منظمة أطباء العالم- فهو يرى أنه من الضروري "العمل بشكل مطلق على حل الصراع"، فبغض النظر عن الجانب الإنساني، فإن "فرنسا تحتل مكانة قيادية تخول لها اتخاد قرارات ديناميكية لحلحلة الصراع في اليمن، لأنها متورطة في ما يحدث هناك".

السعودية والسلاح الفرنسي

زار ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) بعد توليه منصب وزارة الدفاع "عاصمة الأنوار" والتقى بالرئيس الفرنسي حينها فرانسوا أولاند. وشهدت الزيارة التوقيع على عدة صفقات عسكرية شملت مدرعات وصواريخ مضادة للدروع وزوارق خفر السواحل وطائرات ومروحيات بقيمة مليارات اليوروهات. وأبدت السعودية كذلك اهتماما كبيرا بدبابات لوكليرك الفرنسية، التي تميزت أثناء مشاركتها في صفوف الجيش الإماراتي في حرب اليمن ضمن التحالف العربي. رغم ضراوة الحرب واتساع حجم الانتهاكات في اليمن؛ تستمر فرنسا في بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية، حيث استلمت فرنسا ما يزيد عن مليار وثلاثمائة الف يورو قيمة أسلحة للعربية السعودية خلال سنة 2017، حسب التقرير السنوي الذي قدمته وزارة القوات المسلحة للتو لأعضاء البرلمان الفرنسي، قدم الصناعيون الفرنسيون أكثر من 1.3 مليار يورو من الأسلحة للسعودية، وهي التي تقود التحالف العربي المنخرط في هذا الصراع، بينما كانت العواقب الإنسانية للحرب في اليمن دراماتيكية، ويُتَّهم هذا الائتلاف باستمراره في عرقلة المساعدات الانسانية وقصف المدنيين. في المقابل تصدرت السعودية قائمة أفضل خمس زبائن لفرنسا للعام 2017، فيما يتعلق بشراء الأسلحة (أكثر من 600 مليون يورو)، تتقدمها الإمارات العربية المتحدة ب(700 مليون يورو)، والتي تشارك ايضا في الحرب اليمنية.

"قنابل ، طوربيدات ، صواريخ ..." للسعودية

في خضم الجدل حول مبيعات الأسلحة التي تغذي الحرب في اليمن، يركز التقرير المرسل إلى البرلمان الفرنسي على "مسؤولية سياسة تصدير فرنسا الدفاعية". كما تضيف الوثيقة أيضاً أن الحكومة الفرنسية وافقت على 174 ترخيصاً جديداً لتصدير الأسلحة إلى السعودية في عام 2017 ، بما في ذلك 12 ترخيصاً بقيمة (4 مليارات يورو) للمعدات من هذه الفئات "القنابل، الطوربيدات، الصواريخ، أجهزة أخرى، عبوات ناسفة ومعدات ذات صلة وملحقات".