ملحمة الفلسطيني
سبعون سنة وفلسطين محتلّة، لكنها في انتفاضاتها المستمرة التي تصل ذروتها مع إجهاز الإدارة الأميركية على آخر أمل بالتسوية، من خلال نقل سفارتها إلى القدس، هذه الفلسطين تتحوّل إلى واحدةٍ من ألمع ملاحم التحرّر الوطني العالمي وأقساها.
ملحمةٌ ممتدّةٌ بين قرنين من الزمن تستقي مُفرداتها ممّا يُسطرّه الشعب الفلسطيني من مقاومةٍ ونضالٍ وصمود، عَبَر بالقضية الفلسطينية حدود الوطن الصغير، وفرضها في ساحات العالم رقماً صعباً على أجندات الدول والحُكّام، بالرغم من كل محاولات ومخطّطات تفتيت الشعب الفلسطيني وضرب قِواه المقاوِمة الحيّة، مرة بمشاريع استسلام أميركية غربية، ومرة بتنازُلات فاضِحة عربية وخليجية على وجهِ التحديد.
لم تكن فلسطين لتبقى متُّقدة ونابِضة، لو لم يرتقِ الفلسطينيون بوعيهم ببلادهم وقضيّتهم إلى مستوى ثقافي إنساني ووجداني يجعل من كل تخلٍ عن واحدة من مُفردات فلسطين خيانة واستسلاماً.
على مدى عشرات السنوات علَّم الفلسطينيون أطفالهم معنى ألا يساوموا أو تهون بهم المواقف، حتى وإن كان الثمن إعدامهم على الحواجز وبين الأسلاك الشائِكة، أو خنقاً في المناطق المُحاصَرة وجوعاً في الأزقّة المحرومة من فتات الحياة.
في نكبتها التي تفرّعت إلى نكبات عربية هنا وهناك، بفعل عجز الأنظمة والحكومات العربية عن مواجهة قضية التحرّر الوطني بكل فروعها ومفاصلها، يعود الشعب الفلسطيني ليُقاتل أمام فِرَق الإعدام الصهيونية، على حدود غزَّة وفي داخل أسوار القدس والأراضي المحتلّة، بما يؤكّد استحالة القضاء على نَفَسِ المقاومة النابِض في صدور مئات الآلاف من الذين يفتحون الباب للأمل ولو كان عبر استشهادهم الكثيف.