صور الأقمار الاصطناعية الروسية تكشف تورط تركيا في خرق الهدنة في سوريا
صور وأفلام سجلتها طائرات الاستطلاع والأقمار الاصطناعية تظهر عملية القصف التركي لموكب صحفي في كنسبا شمال شرق اللاذقية. صور وخرائط ميدانية، وتسجيلات صوتية رصدها الروس باللغتين التركية والشيشانية بين الجانب التركي خلف الحدود ومجموعات مسلحة في المنطقة المستهدفة ومع ذلك، رفض المندوب التركي الاعتراف بمسؤولية بلاده.
وقد برهن الخبراء العسكريون الروس والأميركيون الذين يحققون بكل ما يصلهم من شكاوى ومعلومات عن الخروقات عبر آلية مراقبة فعالة جداً، تُستخدم فيها تقنيات عالية، من رصد المكالمات بين القوى والمجموعات العسكرية المختلفة، وصولاً إلى أفلام الفيديو التي تصورها عشرات الطائرات من دون طيار التي تحلق على مدار الساعة في الأجواء السورية، وإلى صور الأقمار الصناعية، أن معظم هذه المعلومات مضخم.
لكن في حال التأكد من وجود خرق، فإن التوصل إلى هوية مرتكبه لا تواجه أي صعوبة، ويعمل الخبراء العسكريون الروس والأميركيون الذين يتناوبون على المداومة طيلة ساعات الليل والنهار في غرفة عمليات جنيف، على التحقق من صحة ما يصلهم، وتعود إليهما مهمة التبليغ عن الخرق وتحذير الطرف المسؤول، فإذا كان خرق الهدنة من قبل المجموعات المسلحة يتولى الأميركيون مهمة إبلاغ المجموعة المسلحة بذلك، ولكن بشكل غير مباشر، أي عبر مرجعية المجموعة الإقليمية (السعودية أو القطرية أو التركية)، كل بحسب مرجعيته، أما إذا كان الخرق من الجانب الحكومي فتقوم روسيا بإبلاغ القيادة العسكرية السورية بذلك، لكن حتى الآن تقتصر ردة الفعل الدولية على الخروقات على التحذير فقط، وليس في نية القوتين الكبريين، حالياً على الأقل، اللجوء إلى استخدام القوة لمنع الخروقات "طالما أنها لا تزال ضمن المعقول والموضعي ولم تتوسع لتتحول إلى اشتباك دائم يعرض قرار وقف النار إلى الأنهيار" بحسب الاوساط الأممية. ويمسك الروس والأميركيون بخيوط اللعبة كافة في غرفة العمليات التي تقتصر المتابعة فيها على خبراء عسكريين من الطرفين ومن الأمم المتحدة، وينحصر دور الدول الأخرى ومن بينها الدول المؤثرة في المنطقة بحضور اجتماعات المجموعة الدولية للحصول على المعلومات على ما يجري في الميدان السوري من خروقات وكيفية معالجتها، والاستماع إلى مداخلات موظفي الأمم المتحدة من دمشق، كيعقوب الحلو والسيدة خولا مطر وإبداء الملاحظات وطرح الاسئلة للاستيضاح.
استهداف الصحافيين في كنسبا
الأدلة الروسية قاطعة ولا يمكن إنكارها، صور وأفلام سجلتها طائرات الاستطلاع والأقمار الاصطناعية تظهر عملية القصف التركي، صور وخرائط ميدانية، وتسجيلات صوتية رصدها الروس باللغتين التركية والشيشانية بين الجانب التركي خلف الحدود ومجموعات مسلحة في المنطقة المستهدفة قامت بمهمة رصد التحركات في المنطقة وتحركات الصحافيين، ومع ذلك، رفض المندوب التركي الاعتراف بمسؤولية بلاده. وكرر أن تركيا لم تدخل في الحرب السورية "إلا من زاوية ضرب الارهابيين المنتمين إلى داعش والى المجموعات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذي تعتبره تركيا ارهابياً. حدة النقاش ارتفعت بين الجانبين الروسي والتركي، في حين التزم الأميركيون الصمت وعملوا جاهدين لتهدئة الأجواء، "المهم هو الحفاظ على التوافق بين المجموعة الدولية من أجل استمرارية وقف الاعمال العدائية في سوريا" من وجهة نظر واشنطن.
انتهى النقاش عند هذا الحد بعد تدخل الحانب الأميركي، فلا أحد يريد استفزاز تركيا، حتى روسيا التي طالبت مؤخراً على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف من جنيف بإقفال الحدود التركية - السورية "إذا أردنا محاصرة الارهابيين والقضاء عليهم"، وكما الجانب الأميركي، وربما أكثر منه أيضاً، يجهد الروس للمحافظة على خيوط الاتصال مع انقرة "التي تمون على قسم كبير من المجموعات المسلحة"، منها من دخل في منطق وقف الأعمال العدائية ومنها من بقي خارج المعادلة، كما تمون على عدد كبير من قيادات الهيئة العليا للمفاوضات الذين يستعدون للمجيء الى جنيف قريباً من أجل المشاركة في حوار سوري يقوم الروس بالمستحيل لإنجاحه.
وفي الإطار ذاته، ومنعاً لاستفزاز تركيا، ورغم المساعدات العسكرية الهائلة التي يتلقاها الكرد في الشمال السوري من الروس والأميركيين معاً، لن يشارك ممثلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في بداية المحادثات، بل بعد 12 يوماً على الأقل من استئنافها، وربما في الجولة اللاحقة "عندما يبدأ الحديث عن الملف الدستوري ووضعية المناطق الكردية في الخارطة السياسية والجغرافية لسوريا المستقبل"، بحسب أحد ممثلي الدول الكبرى في المجموعة الدولية.