الخطة الروسية الأميركية: البحث عن العصفور الضحية
ليس مهماً أن يأتي أحدهم وينقذك من ورطة. الأهم لماذا أتى؟ ليس كل من يقسو عليك يكون عدوك. ليس كل من يوافقك الرأي ويجاملك يصبح صديقاً. ليس الحليف من يدعمك بشروط وأهداف مستقبلية.
أن تقر موسكو وواشنطن خطة لتقاسم النفوذ لا يعني أن تطبق
اشتد البرد وتكتل
الثلج. افتقد العصفور ملكته الأساسية: الطيران. وقف عند ضفة شارع ترابي. تجمد ريشه
وارتجف كيانه، والرياح تجاذبه يميناً ويساراً. فجأة، ظهرت بقرة كبيرة ألقت بروثها عليه.
شعر بالدفء. لم يستطع إزالة الروث من على جسمه حتى تيبس مع سطوع الشمس. لعن البقرة
في سره لأنه أصبح حبيس الروث، مع أنها أنقذته من البرد وكانت السبب في بقائه على قيد
الحياة. من بعيد أتت قطة. تمشت بقربه وراحت تدور حوله. أخذت تلعق الروث بلسانها وتزيله.
وكلما اقترب الروث من الزوال يفرح العصفور ويفكر كيف يرد معروف القطة. انتهت القطة
من تنظيفه ومن ثم التهمته.
ليس مهماً أن يأتي
أحدهم وينقذك من ورطة. الأهم لماذا أتى؟ ليس كل من يقسو عليك يكون عدوك. ليس كل من
يوافقك الرأي ويجاملك يصبح صديقاً. ليس الحليف من يدعمك بشروط وأهداف مستقبلية.
ما حدث للعصفور،
حصل تماماً مع السوريين. ركن المعارضون إلى الدعم التركي والخليجي والأميركي. اعتمد
الموالون على إيران وروسيا وحزب الله. الأولويات لكل داعم تختلف عند المدعوم. لا يُعرف
كيف اقتنع بعض المعارضين أن الولايات المتحدة تريد لهم الخير. من غير المعروف كيف يدافع
معارضون عن "جبهة النصرة" باعتبارها ستهزم الجيش السوري. وصل الأمر ببعض
المعارضين إلى التحالف مع إسرائيل. بنيامين نتنياهو: صديقهم. بشار الأسد: عدوهم. تغيرت
المفاهيم وانقلبت القيم. لم يلحظ أحد الأطماع التركية والانتقام الخليجي. تحول الجميع
الى أدوات. تغير الوضع إلى أن يقرر الكرملين خط سير الجيش السوري. أضحى سيرغي لافروف،
وزيراً في الحكومة السورية. سيرغي ريابكوف، يقرر مصير الدولة السورية: إنها الفيدرالية.
قالها نائب وزير الخارجية الروسي وكأنه يؤكد لجميع السوريين: انتهت السيادة يا سادة.
ردود الفعل حول
"بلقنة" سوريا تؤكد على وحدة الجغرافيا السورية. لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب.
أساساً من يقرر في مجريات الأمور؟ يظن سيرغي لافروف، وجون كيري، أنهما الوصيان على
سوريا. أن تقر موسكو وواشنطن خطة لتقاسم النفوذ لا يعني أن تطبق. قرار الحكومة السورية
إجراء الانتخابات البرلمانية في نيسان/ابريل المقبل كان رداً على الصفقة الروسية الأميركية.
لكن بماذا يرد مؤتمر الرياض؟
الخطة باء المتوقعة
أميركياً هي للضغط على الأطراف جميعها. الخطة ألف الروسية هي الحفاظ على سوريا المفيدة
لا أكثر. والأهم بقاء قواعدها العسكرية والحصول على عقود الغاز البحري وإعادة الاعمار.
هكذا خرج الحليف
الإيراني من اللعبة. لا لم يخرج. التقت المصالح التركية الإيرانية مجدداً. لن يُسمح
بإنشاء دولة أو شبه دولة كردية في الشمال السوري. الكرد هم القاسم المشترك بين روسيا
والولايات المتحدة. الخصمان المفترضان يدعمان كرد سوريا بكرم ملحوظ. في مقابل الصفقة
الروسية الأميركية، يُعقد اتفاق تركي إيراني. إن تم ذلك فعلاً، تُحل الأزمة السورية.
يملك التركي والإيراني مفاتيح الحل أكثر من نظيرهما الأميركي والروسي.
لكل اتفاق أو تسوية
ضحية أو كبش فداء. إنه العصفور الغلبان. في المقام الأول هو الشعب المقهور. يليه الدور
الإيراني والتركي والخليجي في سوريا. وعند تنفيذ الاتفاق سيكون الضحية الرئيس الأسد
بشخصه أو صلاحياته، وهذا لن يتم بالمدى المنظور. لأن العصفور لا يزال يطير من جنيف
الى الرقة.