زوال إسرائيل: الحصان ليس وحيداً (1)
المحارب لا بد أن يعود. المحَبط لا يمكن أن يقود. الضعيف يستحيل عليه أن يسود. قواعد المعركة هي نفسها لم تتغير. الحرب هي ذاتها منذ قرن وأكثر.
إن كان لكل فارس كبوة، فالفلسطينيون كبواتهم كثيرة لكنها بدأت تنتهي.
مصطلح "النكبة" (اخترعه المفكر قسطنيطن زريق)
المُخفف لما حصل عام 1948، يجوز على وصف حال الفلسطينيين كل عام ومعهم العرب. الكل
منكوب. الكل مسكوب بوجعه المؤقت، الا الفلسطينيين وجعهم مستمر ويستمر. شعب منذ وعد
بلفور عام 1917 وهو يقدم كل يوم شهيد، أسير، جريح، لاجئ.. الحل لهذا الشعب في
مشكلته وهي أنه صبور أكثر مما يجب. يصبر على الاحتلال. يصبر على قيادته. يصبر على
الصبر، حتى يمل الصبر منه. لكن هناك أمل يشق الطريق ويفتح ثغرة في الجدار. الشبان
المنتفضون قمة الأمل. محكومون بالاستمرارية والتضحية. يحكامون جميع الفصائل.
يحكمون بحكمتهم الارض الفلسطينية، فأي واحد منهم يمكنه حظر التجوال في تل ابيب او
القدس او النقب. يؤمنون بالبقاء على ارضهم ولاجلها. يؤمنون بزوال اسرائيل، بثبوت
الادلة او بنفيها. وان كان المفكر عبد الوهاب المسيري، حدد سابقاً في كتابه
"اليهود واليهودية والصهيونية" عشر علامات لزوال اسرائيل، فالمؤشرات
تتزايد. العلامات العشر وفقاً للمسيري: تآكل المنظومة
المجتمعية للدولة العبرية. الفشل في تغيير السياسات الحاكمة. زيادة عدد النازحين
لخارج إسرائيل. انهيار نظرية الإجماع الوطني. فشل تحديد ماهية الدولة اليهودية.
عدم اليقين من المستقبل. العزوف عن الحياة العسكرية. عدم القضاء على السكان
الأصليين. تحول إسرائيل إلى عبء على الإستراتيجية الأميركية. استمرار المقاومة.
هذه العلامات نفصلها في الجزء الثاني، يضاف اليها علامات
اخرى كثيرة كالمسألة الديمغرافية. فالفلسطينيون يتساوون العام المقبل مع اليهود في
الارض الفلسطينية التاريخية وبعد عام 2020 يصبح عدد الفلسطينيين أكثر من عدد
اليهود. كذلك تقدم القائمة العربية في انتخابات الكنيست الأخيرة مؤشر سياسي هام.
من المرجح في الانتخابات المقبلة ان تحدد هذه القائمة من سيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي.
المهم بعد 68 عاماً أن الخوف الدائم من
استمرار إسرائيل ككيان سياسي، متواصل. الاصرار لا يزال متوارثاً في الجينات الفلسطينية.
سأل أحد الصحافيين، الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بريز، في الذكرى الـ60 للنكبة: هل ستبقى إسرائيل 60 عاما أخرى؟ فرد عليه:
"اسألني هل ستبقى 10 سنوات مقبلة؟. إنه الرعب من المستقبل. يقابله الحصان الفلسطيني الصابر المؤنس للبيت. هكذا اراده محمود درويش في ملحمته:
لماذا
تركت الحصان وحيداً يا أبي؟
لكي
يؤنس البيت يا ولدي، فالبيوت تموت إذا غاب سكانها.
حين
سأل الابن والده في رحله التيه الى المنفى، كان رد الأب مستشرفاً الغد ولو بعد
عقود. الحصان لم يعد وحيداً. السكان يتكاثرون ويكثرون أدوات المقاومة. البيت لا
زال موجوداً ولو تقسم بين غزة وضفة وأراضي تاريخية. وان كان لكل فارس كبوة،
فالفلسطينيون كبواتهم كثيرة لكنها بدأت تنتهي، وبدأت نهاية إسرائيل.