الأخطبوط
الأخطبوط أذكى الحيوانات اللافقرية وأسرع الحيوانات المائية. داعش لديه فقرات تنظيمية غير مرئية وملموسة، ويمتلك المخطّطون فيه ذكاءً عسكرياً واضحاً. يظهر في انتقال العسكر وطريقة الدفاع والهجوم والتكتيك في استخدام الأسلحة.
بحر الدماء في مدّ ولا جزر له يسبح فيه الأخطبوط مع أسماك كبيرة وصغيرة. إن قُطعت ذراع لداعش في سرت ظهرت أخرى في أورلاندو. تحاصر يد التنظيم في الفلوجة ومنبج يصفع الجميع في أوروبا. تتقدّم القوات السورية تجاه الرقة يلغّم "جنود الخلافة" اللاذقية وطرطوس ودمشق. ثماني أذرع للأخطبوط مغطى باطنها بممصّات قويّة يستخدمها في الإمساك بفرائسه. لكن داعش أخطبوط تساوي أذرعه عدد دول عالم الجنوب وعالم الشمال.
في كل مكان فيه مسلمون يمكن أن يكون أحدهم ينتمي إلى داعش. ليس صحيحاً إنه عبر "فيسبوك" يتم تجنيد الأعضاء. هم أشخاص مهيّأون لقتل الآخر، لديهم مشاكل اجتماعية ونفسيه ويلتفّهم الحقد الطبقي أو الطائفي. هم ثوار مُغّرر بهم وزاد الطرف الآخر من تكاثرهم. أنثى الأخطبوط تبيض مئتي بيضة كل عشرة أشهر. عدد كبير في فترة متوسطة. الطريف والظريف أن الأخطبوط وأنثاه يتواصلان جنسياً عن بعد. هكذا داعش يلقّح مريديه فكرياً عن بُعد، عن قُرب، المهم إنه عن كثب. هذا التلقيح يمكن أن يجعل المٌلقّح قتيلاً وقاتلاً بعد حين. وللأخطبوط ثلاثة قلوب تضخّ الدّم في الأذرع والجسد. أما داعش فلا يمتلك قلباً رؤوفاً رحيماً على أعدائه أو خصومه أو حلفائه. مَن يُعاديه ومهما كان مذهبه يُقاتله حتى الموت أو الموت.
الأخطبوط أذكى الحيوانات اللافقرية وأسرع الحيوانات المائية. داعش لديه فقرات تنظيمية غير مرئية وملموسة، ويمتلك المخطّطون فيه ذكاءً عسكرياً واضحاً. يظهر في انتقال العسكر وطريقة الدفاع والهجوم والتكتيك في استخدام الأسلحة. العلميات الأفقية الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة تظهر أسلوب الهجوم في عُقر دار الغرب. التفجيرات في منطقة السيّدة زينب أو بغداد تؤكّد أن التنظيم يختار أهدافه بعناية ويلعب سياسة كما يلعب بجماجم ضحاياه.
لا يمكن القضاء على الأخطبوط واعتباره رخوياً راخياً، إلاّ باستخدام أسلوب يُناقض منهجه. لكنّ أفعالاً كثيرة افتعلها وفعلها من يحاربون داعش تُشير إلى أن داعش استوطن عقول خصومه. ردّات الفعل يجب أن تكون إيجابية وانتهاج طُرق الجذب لأية بيئة يحتضن فيها داعش وليس تخويف المضطهدين أصلاً تحت ظلال سيوف داعش. ما فعلته النسوة بخلع النقاب بعد تحرير مناطقهّن في سوريا خير دليل على أن الناس لا تريدهم. لكن في بعض المناطق تماهى نهج داعش مع بعض العشائر والمجتمعات، يكون تخليصها عبر الاحتضان السياسي والاجتماعي. قطع أيدي الأخطبوط لا يقتله بل يجعله عنيفاً أكثر. إنما يجب تهشيم رأسه فتنهار الأعضاء. وتهشيم داعش يكون سياسياً وثقافياً وحضارياً وليس عسكرياً فقط.