واشنطن تدغدغ السعودية بتدخل عسكري

موظفون في وزارة الخارجية الاميركية يطالبون بعمل عسكري ضد الرئيس الأسد،"لتعزيز المعتدلين في قتال داعش"، لكن في سياق شراكة مع الرياض.

تسعى الرياض لتغيير المعادلات الميدانية في سوريا اعتماداً على دعم أميركي أكبر للنصرة
الموظفون الذين رفعوا مذكرة بالعودة الى ما قبل مؤتمري فيينا وميونيخ في أولوية مواجهة "داعش"، وصفتهم "وول ستريت جورنال" بأنهم من مستويات متدنية في الإدارة الاميركية. لكنهم أدّوا وظيفتهم الاعلامية كما أباح المتحدث باسم الخارجية "جون كيربي"، في سياق حملة العلاقات العامة الموسومة بقيادة محمد بن سلمان في واشنطن.

ما وصفه السناتور الجمهوري "توم كوتون" بالمصالح الأمنية المشتركة مع السعودية، ينحصر تحديداً بمواجهة تهديد ايران في سوريا والعراق واليمن، بحسب تعبيره. وفي هذا الاطار تتناول المذكرة ما يدعو إليه وزير الخارجية السعودي في التدخل العسكري ضد الرئيس الأسد، مدخلاً لقتال "داعش" وتعزيز "الاعتدال السني" وفق تعابير مذكرة الموظفين.

التعويل على تدخل عسكري اميركي مباشر في سوريا، قد يتجاوز  ما تراه واشنطن سبيلاً لاستراتيجيتها في المنطقة وخرقاً لقواعد الاشتباك مع روسيا وإيران. إنما الأمر قد يكون من باب التداول في استعادة العرض الخليجي لإرسال قوة برية عربية إلى سوريا بحماية اميركية، على ما أشارت المذكرة في قولها :"استخدام حماية السلاح الاستراتيجي".

بخلاف هذه الطموحات البعيدة إلى ما بعد وصول الادارة الاميركية الجديدة، تسعى السعودية إلى محاولة تغيير المعادلات الميدانية في سوريا اعتماداً على دعم أميركي أكبر للنصرة والمعارضة المعتدلة. وهو ما يشير إليه جون كيري بشأن "نفاذ الصبر الأميركي".  بيد أن هذا المسعى قد يدفع موسكو إلى الذهاب نحو معادلات ميدانية حاسمة في حلب، أملاً بالعودة إلى مفاوضات جنيف تحت سقف أولوية مواجهة "داعش" والنصرة، ولا سيما أن عمل وزراء الدفاع في طهران تطرّق إلى هذا الاحتمال كما رشح بشكل غير رسمي.

يبدو أن واشنطن تميل إلى حروب "خفيّة" تأمل منها التعويض عن الحرب العسكرية المباشرة. وفي مقدمة هذه الحروب هي الحرب الاقتصادية على المقاومة بالاتفاق مع حلفائها بذريعة محاربة الارهاب. وفي هذا المجرى تنسج السعودية مع واشنطن "علاقة تجدّدية" في الشراكة القائمة على رؤية 2030. فصورة الوجه الجديد التي تحمله هذه الرؤية، بحسب قول شركة "كوانتوم" الاميركية المكلّفة بترويج مآثر التحوّل السعودي، يمكنها أن تساهم باصلاح الانطباع السيء عن السعودية في أميركا والغرب. إنما يمكنها كما تزعم أن ترفع العلاقة الاميركية ــ السعودية إلى مصاف التضامن المصلحي في منظومة القيم الليبرالية، كلما حظيت الشركات الاميركية بتشجيع التحوّل في السعودية والمنطقة.

أول الغيث يأتي بتملّك شركة "داو كميكال" الاميركية حصة وازنة في قطاع الكيميائي السعودي باكورة انفتاح. وقد تكون دعوة الموظفين الى عمل عسكري هي علامة على صورة الوجه الجديد للشراكة في منظومة القيم.

المخرج الأميركي الشهير "مايكل مور" يقول  ينبغي علينا أن نأخذ جرعة من التواضع كي يمكننا أن نجعل بلدنا أفضل. فهو يسمي فيلمه الأخير "أين سيكون الغزو المقبل" في إشارته إلى التدخل الاميركي في العالم. لكن  التساؤل الأكثر احتمالاً هو كيف وليس أين.