"الذكرى والاسى"
مقولة حقيقية لضابط سوفياتي: يا رفاقي في السلاح، هل أنا من يقول لكم إن الوفاء للقسم العسكري واجب مقدس وأنتم أهله؟ أنتم أبناء مخلصون لهذا الوطن ورشفتم الوفاء له مع حليب أمهاتكم الماجدات. لا لن تسمحوا للغزاة أن يدنسوا تراب وطنكم السوفياتي ويستبيحوا دياركم وينتهكوا أعراضكم ويذبحوا أطفالكم. إلى الامام في سبيل الوطن، إلى الامام في سبيل ستالين.
قبل 45 عاماً هاجمت ألمانيا النازية بجحافل جيوشها العرمرم أراضي الاتحادي السوفياتي. في الساعة الرابعة من فجر الثاني والعشرين من حزيران يونيو عام ١٩٤١، أغارت عشرة آلاف طائرة على مدن غرب البلاد وفي آن معها زحفت عشرات الآلاف من الدبابات والمدرعات والسيارات العسكرية مقتحمة الحدود البرية للدولة السّوفياتية.
في الساعات الاولى من الهجوم النازي شارك ما لا يقل عن مليوني عسكري ألماني. لم يعرف التأريخ قبل ذلك هجوماً بهذا الحجم، ولن يعرف بعده حرباً بهذا المستوى من الوحشية والدمار والتنكيل. إنها الحرب الوطنية العظمى التي خاضتها شعوب الاتحاد السوفياتي السابق ضد ألمانيا النازية التي أرادت احتلال العالم وإبادة شعوب كثيرة فيه واستعباد شعوب أخرى.
السوفيات هم الذين تلقوا أعنف ضربة وهم من دحروا النازية وأنقذوا أوروبا والعالم من طاعون القرن العشرين.
فلاديمير بوتين يقول اليوم إن المجتمع الغربي تسامح آنذاك مع النازيين وأراد أن يوظفهم لتحقيق أجندات جيوسياسية من خلال تحريض ألمانيا على الاتحاد السوفياتي بغية احتوائه ومحاصرته. لكنه، أي الغرب، لم يستخلص عبراً من دروس الماضي. فأين هتلر وألمانيا النازية معه اليوم؟
جوزيف ستالين قضى آنذاك على هتلر في عقر داره وحرر ثلاثة أرباع أوروبا منه وضم نصف القارة العجوز إلى معسكر وارسو.
بوتين لا يبدو أنه يسعى إلى تكرار معجزات سلفه، لا سيما أن وطنه السوفياتي السابق هو نفسه بات مستقلاً عن روسيا، لكنه يتوعد بتحصين بلده عسكرياً أمام تهديدات حلف شمال الاطلسي الذي وصف سلوكه وتحركاته بالعدوانية.
بوتين يقاتل اليوم على جبهات عدة - في روسيا نفسها، في أوكرانيا، في مساحات أخرى من الفضاء السوفياتي السابق، في أوروبا الشرقية وطبعاً في سوريا. في الوقت نفسه الرجل ينافس "الاستثنائية الاميركية" في بقع أخرى من المعمورة.
قد يبدو أنه يناضل نضالاً يائساً، لكن دروس الماضي أثبتت أن روسيا "تنهض كطائر الفينيق من الرماد".