ناهض حتر كبش فداء

ناهض حتّر يرى المصالح الأردنية في أولوية مواجهة الارهاب مع سوريا والعراق، لكن السلطات الاردنية ترى خيارات مغايرة في تحالفاتها الدولية والاقليمية. فهذه الخيارات يتداخل فيها نسيج من الخيوط مع جماعات حليفة ويتداخل فيها التخلي عن قرابين معادية. كان يحلو لناهض أن يردد مع أمل دنقل: فاشهد يا قلم/ أننا لم ننمْ/ أننا لم نضُعْ/ بين لا ونعمْ/.

بأم عينيه شاهد حتّر توسّع الامارات الاسلامية في الأردن
لم يُحكم على ناهض حتر بالاعدام اغتيالاً، بتهمة "إثارة النعرات الطائفية" كما ادعى عليه مدعي عام عمان. ولم يُقتل ناهض حتر لنقله رسماً يحمل إساءة "للذات الألهية"، بحسب اتهام وزارة الداخلية الاردنية في التحقيقات الأمنية وفي سوقه إلى المحاكمة. فناهض ليس من دعاة ما تسميه الدول الغربية "حرية التعبير" في الإساءة للمعتقدات الدينية وفق ما أُثير في شوارع باريس إثر أحداث مجلة "شارلي إبدو". ولم يتعاطف ناهض مع زعماء العرب والعالم في تظاهرة باريس وسط صور "الكاريكاتور" المسيئة وعلى وقع هدير "كلنا شارلي". بل كان ناهض بما يكنّه من معاداة الإمبريالية أكثر تفهماً لرد الفعل على الإهانات الغربية و"الإسلاموفوبيا".
ناهض حتر ينقل رسماً "شعبوياً" تلهج بمثله أهازيج السهرات تعليقاً على غرائبيات "داعش" في أساطير الحواري مكافأة للذبح. وفي ظنه أن أهزوجة النقل "تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الإرهابيون"، كما قال لمحققي رجال الأمن. فهو المتخصص في فلسفة الفكر السلفي المعاصر لا ينحو منحى المجادلة الفقهية، إنما يذهب إلى أثر هذا الفكر في الأحوال السياسية. وهو ما دفعه إلى التعاطف مع "القاعدة" وأبي مصعب الزرقاوي في العراق ضد الاحتلال الأميركي، ويدفعه منذ عام 1912 إلى أولوية نقد القاعدة و"داعش" لما يؤدي الارهاب من تدمير دول المنطقة ووقوعها كسيحة في أيدي واشنطن وإسرائيل.
ناهض ينتمي بفكره ومشاعره إلى الكيانية الأردنية. فتظنّه أحياناً يحلم بدولة عظمى في الأردن تصل إلى حوران الكبرى وما يستسيغه تحت الحكم الملكي من تحقيق للاستقرار الأمني والعدالة الاجتماعية. ففي اتجاه عكس السير يعبّر عن انتمائه للكيان الأردني (الملك حسين بقلم يساري أردني). وهو انتماء قد يكون أعمق من يساريته وعلمانيته وعروبته، بل ربما هوالانتماء الأصل الذي يحرّك هويات الفروع وأهوائها. ففي حرصه على الانتماء للجذر لم يستطع الصمت (مقالته في 23/6/2013 تحت هذا العنوان). وهو يرفع الصوت كوطني أردني يحرص على المصالح الوطنية الأردنية التي يراها مهددة بالتدخل الأطلسي في الأردن، وتعرضه للخطر كما يحدد. كان يتحرّق ناهض للتمسك ببارقة أمل تنقذ الأردن من الانزلاق إلى مخاطر تهديد وجوده في دمار المنطقة، كما أشاح سقوط غرفة "الموك" عن هذه البارقة. فكتب في 9/7/ 2015 (ماذا عن الأردن وسوريا) داعياً إلى غرفة عمليات مشتركة مع العراق وسوريا لمكافحة الارهاب المشترك و"تسلله إلى الأراضي الأردنية". ولم يرَ ناهض سبيلاً لوقف تمدد الارهاب إلى الأردن وإلى لبنان وغيره، سوى مواجهته في سوريا والعراق ووقف الحرب والدمار.
لكنه بأم عينيه أخذ يشاهد توسّع الامارات الاسلامية في الأردن، تعرّض حلمه الاردني إلى كابوسولم يصمت. تحرّك ناهض ما أمكنه التحرّك في إعلان تأييده لمحور المقاومة. وهو الذي لا يفرّق في الحب بين الأردن وسوريا (28/8/2015). وخاض مجادلاته السياسية على أوسع نطاق في الدفاع عن المقاومة برمزها "المقاوم العربي الأول" كما يصف السيد حسن نصرالله. ومن هذا الموقع الذي ينافح عن مواجهة المقاومة للإرهاب، ذهب ناهض حتّر في نقده العنيف لما يسميه "الرجعية العربية". وبين هذه الرجعيات لم يجد ناهض "أحداً يتفوق على الهمجية السعودية" في سوريا واليمن. (موجز آلام الشعب السوري، 5/9/ 2016).
ناهض حتّر يرى المصالح الأردنية في أولوية مواجهة الارهاب مع سوريا والعراق، لكن السلطات الاردنية ترى خيارات مغايرة في تحالفاتها الدولية والاقليمية. فهذه الخيارات يتداخل فيها نسيج من الخيوط مع جماعات حليفة ويتداخل فيها التخلي عن قرابين معادية. كان يحلو لناهض أن يردد مع أمل دنقل: فاشهد يا قلم/ أننا لم ننمْ/ أننا لم نضُعْ/ بين لا ونعمْ/.