تشكيل صاروخي إسرائيلي لمواجهة حزب الله.. هل يعزز الردع؟

أعاد اقتراح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تعزيز التشكيل الصاروخي في مواجهة تهديدات الجبهة الشمالية، أعاد فتح النقاش الذي بدأ عملياً عقب حرب تموز 2006، نتيجة عدم القدرة على تحييد صواريخ حزب الله.

يهدف الاقتراح إلى التزود بصواريخ بمدى يصل إلى مئتين وخمسين كيلومتراً ورأس حربي زنة خمسمئة كيلوغرام
اقتراح ليبرمان، الذي يؤخذ عليه في الجيش الإسرائيلي قلّة خبرته العسكرية، من شأنه إحداث تغيير في العقيدة القتالية الإسرائيلية التي كانت تعتمد تاريخياً عند الجبهة الشمالية بشكل كبير على تفوق سلاح الجو وعلى القصف المدفعي والصاروخي القصير المدى للأهداف القريبة، قبل أن تصطدم مراراً بواقع صمود حزب الله براً.
فإلى مدى يمكن اعتبار الفكرة الإسرائيلية الجديدة فعالةً في مواجهة الحزب؟ أولًا: يهدف الاقتراح إلى التزود بصواريخ بمدى يصل إلى مئتين وخمسين كيلومتراً ورأس حربي زنة خمسمئة كيلوغرام، بهدف التقليل من الاعتماد على سلاح الجو في إصابة الأهداف البعيدة نسبياً. أي أن هذا الإجراء لا يعالج محدودية قدرة سلاح الجو على حسم الحرب، بل هو يهدف للتخفيف من الضغوط التي يرزح تحتها الطيارون بعد نفاد بنك الأهداف، كما حصل في تموز 2006. ثانياً: تبلغ كلفة الصاروخ الواحد بالمواصفات أعلاه نحو 750 ألف دولار، في حين تكلف الطلعة الجوية لطائرة "أف 16" تطير لمدة ساعتين ما بين ثمانين إلى مئة ألف دولار، بما في ذلك كلفة الوقود اللازم للغارة والقنبلة المستخدمة في قصف الهدف. هذه المقارنة تثير الجدل في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة وأن ثمن الصواريخ المقترحة سيُحسم من ميزانية سلاح الجو، بما أن الترويج للمشروع قائم على تخفيف الضغط عن كاهل الطيارين. ثالثاً: لا يعزز استخدام الصواريخ قدرات المناورة الإسرائيلية في عمق الجبهة الشمالية، بمعنى أن الإشكالية الحقيقية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي عند دراسة الحرب المقبلة مع حزب الله لا تزال على حالها؛ المواجهة البرية. منذ تقرير "فينوغراد" وما أعقبه من محاولات لمعالجة الثغرات التي أشار إليها، لا تزال قضية المواجهة البرية في صدارة الأسئلة التي لا جواب حاسم عليها في شعبتي العمليات والتخطيط في رئاسة الأركان الإسرائيلية، وقد زادت الخبرات والمهارات التي يكتسبها حزب الله في سوريا من تعقيد الحسابات الاسرائيلية. علماً أن اختبار مقاربة جديدة في أي حرب مقبلة يحمل في طيّاته الكثير من التردد مع عدم وجود حلول لما اختبره الجيش الإسرائيلي سابقاً في المواجهات مع حزب الله طول عقود. وفي السياق نفسه، تمُثل التجربة في غزة في الأذهان، إذ يمكن دراسة الحرب الأخيرة على القطاع للاستنتاج بأن استخدام آلاف الصواريخ والقذائف المدفعية القصيرة المدى لم يؤدي إلى هزيمة المقاومة ولا مَنَعها من إطلاق الصواريخ. الإشكاليات أعلاه غير الخافية على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية يبدو أنها تنبع في الأصل من اعتبارات أخرى، لها علاقة بالتخلص من القيود التي بات يفرضها الوجود الروسي في سوريا والرغبة الإسرائيلية في تجنيب سلاح الجو أي استهداف محتمل من قبل منظومات الدفاع الجوي السورية، فضلاً عن احتمال حيازة حزب الله لمنظومات مشابهة تتناسب وتكتيكات عمله. وعليه يُتوقع أن تظهر في المدى القريب اقتراحات أخرى لمعالجة العامل الروسي تحديداً، وفق مسار الحرب السورية.