نحو "كنيست" رابع؟ المشهد الصهيوني بعد الانتخابات الثالثة
أمام الواقع الحالي، قد يبدو سيناريو الانتخابات الرابعة حاضراً في المشهد.
لم يتغير المشهد السياسي الصهيوني بعد ظهور النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الثالثة والعشرين، والانتخابات الثالثة في أقل من عام. وعلى الرغم من تصدر حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو وحصوله على المركز الأول بواقع 36 مقعداً، مقابل تراجع حزب الجنرالات "أزرق أبيض" وحصوله على 33 مقعداً، فإن مهمة تأليف الحكومة المقبلة معقدة، نتيجة عدم حصول أي من المعسكرين على 61 مقعداً من أصل 120.
إن تكتل اليمين بزعامة الليكود، ويضم إلى جانبه حزب "شاس" بـ9 مقاعد، و"يهودا هتوراه" بـ 7 مقاعد، و"يمينا" بـ6 مقاعد، حصل على إجمالي 58 مقعداً، وهو بحاجة إلى 3 مقاعد حتى يتمكن من تأليف الحكومة.
في المقابل، إن معسكر الوسط واليسار، الذي يضم، إضافة إلى "أزرق أبيض"، تجمع "العمل" و"الجسر" و"ميرتس" بـ7 مقاعد، حصل على إجمالي 40 مقعداً. ويبقى لدى حزب "إسرائيل بيتنا" صاحب 7 مقاعد، و"القائمة العربية المشتركة" صاحبة الإنجاز التاريخي بحصولها على 15 مقعداً، القدرة على التأثير في المشهد السياسي.
أمام تعقيد المشهد السياسي الصهيوني، تصبح الخيارات أكثر صعوبة على نتنياهو لتأليف الحكومة المقبلة. نجاحه في الحصول على المركز الأول وتجاوز دعاية خصومه بأن الشعب لا يريد رجلاً فاسداً يقود "إسرائيل"، ثبّتا موقعه في الخارطة السياسية، ولكن يبقى السؤال: ما هي الخيارات أمام نتنياهو لتجاوز الواقع الراهن؟ فهو لا يريد فقط تأليف الحكومة والحصول على الأغلبية البرلمانية، بل يبحث عن سنّ قوانين تحميه من الملاحقة القضائية!
أما حزب "أزرق أبيض"، فهو يدرك عدم قدرته على تأليف حكومة، فبدأ التشاور لسن قانون يمنع تكليف نتنياهو من تأليف الحكومة، وهو قادر على جمع 62 صوتاً، و"القائمة العربية المشتركة" وتجمّع أحزاب اليسار و"إسرائيل بيتنا" من الممكن أن يؤيدوا سنّ هذا القانون، لكن ثمة عقبة تواجهه، وتتمثل في إمكانية إبطاله في محكمة العدل العليا، لكونه يمس شخصاً بعينه وهو نتنياهو، إلا في حال سنّ القانون، على أن يُطبَّق في انتخابات الكنسيت المقبلة، وهو ما يمكن تفسيره برغبة "أزرق أبيض" في الذهاب إلى انتخابات رابعة قادرة على إطاحة نتنياهو بشكل قانوني.
لن يستسلم نتنياهو لسلوك "أزرق أبيض" والأحزاب المناوئة له، لكن خياراته صعبة، فالخيار الأول أمامه هو تأليف حكومة بالتناوب مع زعيم "أزرق أبيض"، وهو خيار مرفوض من أركان حزب "الليكود"، وكذلك الحال في "أزرق أبيض"، إلا وفق شروطهم.
الخيار الثاني هو الاعتماد على شق أحد الأحزاب المناوئة له، مثل حزب "أزرق أبيض"، الذي يضم بين أعضائه عدداً من المنشقين عن حزب "الليكود"، أو على انشقاق في "إسرائيل بيتنا"، ذلك أن زعيم الحزب لديه إشكالية مع نتنياهو. وعلى الرغم من قوته، فإن بعض أعضائه كان يطالب ليبرمان بالدخول في حكومة مع نتنياهو، مع صعوبة المهمة، لكن حصولها وارد.
الخيار الثالث أمام نتنياهو هو الاتفاق مع حزب العمل، وهو أمر ممكن، وقد تم الحديث قبل الانتخابات في الأوساط السياسية الصهيونية عن تفاهمات سرية بين "العمل" و"الليكود". وعلى الرغم من عدم تأكيده، فإن زعيم حزب "العمل" عمير بيرتس قد يلجأ إلى عقد صفقة مع نتنياهو بدخول الحكومة مقابل منحه رئاسة الدولة، وهي آخر فرصة لزعيم حزب "العمل" في الحياة السياسية الصهيونية.
أمام الواقع الحالي، قد يبدو سيناريو الانتخابات الرابعة حاضراً في المشهد، وإن كانت الأحزاب الصهيونية غير راغبة في الذهاب إليه، إلا أن حضوره يزداد قوة، مع تقديري بأن نتنياهو قد يتجاوز الأزمة الراهنة ويؤمن نفسه في حكومة مستقرة.