رسالة إلى المدنيين المُقيمين في إدلب
إثر المعارك الأخيرة في ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي، وتمكّن الجيش السوري من استعادة السيطرة على عشرات القرى والبلدات، بدأت عشرات العائلات بإجراء اتصالات هادِفة لتأمين عودتهم إلى المناطق التي حرَّرها الجيش السوري. هذه الأجواء الطيِّبة والمُشجِّعة لم ترق للاستخبارات التركية فعمدت إلى دسّ عملائها بين المدنيين بهدف ثنيهم عن قرار العودة، تارة ترهيبهم من خطورة العودة، وتارة أخرى ترغيبهم عبر طرح خيارات أفضل.
دعونا نفكِّر بصوتٍ عالٍ ونناقش معاً بمنطقيةٍ وواقعيةٍ ما تمّ طرحه على المدنيين من قِبَل عُملاء المخابرات التركية:
1- يقولون إنّ العودة إلى قراكم هي قرار بالانتحار!
وهل الخلاص يكون في البقاء كوقودٍ مجانيّ لتحقيق طموحات أردوغان، وبالتالي البقاء تحت رحمة ومزاجيّة أردوغان وأدواته (الحزب التركستاني وأبو يقظان المصري وأجناد القوقاز والمحيسني والعلياني والزنكي والسلطان مراد وفيلق الشام ومحمَّد جاسم أبو عمشة الذي لم يوفّر حتى زوجات عناصره)؟!
2- يقولون إن العمل جارٍ لإنشاء منطقة عازِلة في ما تبقّى من مناطق إدلب (بعد حلّ مشكلة طريق حلب - دمشق)!
وللردّ على هذا الطرح أدعوكم أن تنشّطوا ذاكِرتكم، فذات الطرح سمعه أهالي الغوطة وحمص والقلمون وحلب عندما أقنعهم التركي بالرحيل إلى إدلب وريف حماه الشمالي حيث الأمن والأمان المُستدام، والآن لا داعي لأحدّثكم عمّا جرى ويجري فقد شاهدتم ومازلتم تشاهدون بأمّ أعيّنكم ما يجري.
3- يقولون إن المنطقة الآمِنة الموعودة ستُبِصر النور قريباً في شرق الفرات، وهناك حيث يتواجد الأميركي والتركي ستنعمون بحياةٍ آمنةٍ رغيدةٍ مُرفّهة!
أما بخصوص شرق الفرات فالمشروع واضح وبسيط ويُدركه الصغير قبل الكبير: أردوغان كما بنى جداراً إسمنتياً على الحدود السورية التركية، يريد أن يبني هذه المرة جداراً بشرياً داخل الأراضي السورية، جدار عنوانه تغيير ديمغرافي، والتمهيد لحربٍ أهليةٍ طاحِنةٍ يكون ضحاياها السوريون (كرداً و عرباً)، فإضعاف السوريين عرباً وكرداً يصبّ في مصلحة مشروع العثمانية الذي يتبنّاه أردوغان،
وتذكّروا: إن كان التركي العثماني يكره الكردي مرة، فهو حاقِد على العربي آلاف المرّات، ويعتبر العربي خائناً كونه تسبّب بانهيار الإمبراطورية العثمانية.
الاستراتيجية التركية الحالية مبنية على أن طريق العثمانية الجديدة التي يحلمون بها لا بدّ من أن تُعبَّد بدماء شعوب المنطقة الأصيلة، وعلى رأسهم العرب الذين طردوا العثمانيين من الحجاز،
والتركي العثماني لم ولن ينسى أن مقبرة الأناضول كانت اليمن.. اليمن مهد العرب.
نصيحتي لكم بعدم التوجّه إلى شرق الفرات مهما كانت الأسباب، هي ذات النصيحة التي نصحت بها أهالي عفرين إثر احتلالها.
أخيراً: حرّروا عقلكم وفكّروا بمستقبل أبنائكم الذين يتطلّعون لأمنٍ مُستَدامٍ وحياةٍ مُستقرّة، وبادروا بجرأة إلى مراجعةٍ دقيقةٍ وصادقةٍ لكل ما جرى خلال الأعوام الثمانية الماضية، فمهما كبرت الجراح ليس للسوري إلّا أخاه السوري.
آن لكم أن تدركوا أن المُستجير بأردوغان عند كربته.. كالمُستجير من الرمضاء بالنار.