قمع النظام البحريني

ليست القنابل وحدها مَن تفتك بالبشرية بل أيضاً أنامل الديكتاتوريات المُتمرِّسة في إهدار شعوبها.

من مظاهرة للمعارضة في البحرين (getty)

في الوقت الذي يُلاحِق فيه  النظام البحريني نُشطاء وحقوقيين وإسقاط جنسيات الكثير منهم وحرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية، تقوم السلطات بممارسة أعمالٍ وحشيةٍ بحق السجناء الذين يقبعون في أقبية النظام في ظروفٍ قمعية تُضاهي ما كان يعيشه المُعتقلون في القرون الوسطى، وكل ذلك بعيداً عن أعين الرأي العام الذي تحاول السلطات تضليله من خلال الادّعاء أنه يحترم تعهّداته التي وقّعها من أنه يحترم حقوق الإنسان، بينما ممارسات السلطات الحاكِمة تُناقض ما تدّعيه كما حصل منذ عام 2011 حينما أوغَل النظام وأمعَن في استخدام العنف بحق المُتظاهرين السلميين الذين يطالبون بأبسط حقوقهم المشروعة في ممارسة حرياتهم ومُعتقداتهم، ما أدَّى إلى مقتل العديد منهم واعتقال أشخاص بطريقةٍ مُهينةٍ واقتحام بيوتهم ونقل بعضهم إلى أماكن مجهولة، وإصرار سلطات البحرين على إخفاء أماكنهم حتى عن ذويهم.

ولم تقتصر الانتهاكات على هذا فحسب بل تمّ حرمان السجناء من العلاج والرعاية الصحية والنفسية والنظافة، ما أدَّى إلى تعرّض الكثير منهم لأمراضٍ مُزمنةٍ، فمنهم من أُصيبَ بمرض السكري وآخرون بالسرطان، وقد تم رفض تقديم العلاج لهم وقد ذكرت منظمات حقوقية عديدة "إن المعتقلين يتعرّضون إلى التعذيب وضرب مُبرَح وصَعْقٍ بالكهرباء في جميع أنحاء الجسد، إضافة إلى الشتم والتحقير والإهانة والحرمان من النوم، فضلاً عن الانتهاكات الأخلاقية"، وأقرَّ الكثير من المنظمات أن عدداً من السجناء   شخصيات رفيعة كانت ضمن "المطبخ" السياسي" لملك البحرين، ونشرت شهاداتهم بالصوت والصورة حيث اعترف المُقدّم ركن ياسر الجلاهمة قائد كتيبة الأمن الداخلي سابقاً أن المتظاهرين البحرينيين لم يستخدموا السلاح في دوّار اللؤلؤة بل النظام هو مَن أقدم على وضعها لشيطنة حراكهم السلمي! توصّل التحقيق أيضاً إلى أن النظام  سعى إلى إلصاق تهمة الإرهاب بمُعارضيه، لكن تقارير كشفت ما أرادت سلطات المنامة إخفاءه، ومن ضمن ذلك ما نشره صلاح البندر، المستشار السابق في الديوان البحريني.

وقال البندر: "الديوان موَّل قيام جماعات وأجهزة رديفة داخل الدولة بهدف العَبَث بالمشهد السياسي والتحشيد الطائفي السُّنّي في وجه المعارضين الشيعة".

واستعرض التحقيق، شهادات حيّة وتسجيلات تعود إلى عام 2011، تفضح العلاقة السرّية بين المخابرات البحرينية وقيادات في "القاعدة"، حيث قامت السلطات بالإفراج عن القيادي في التنظيم محمّد صالح في سجون السعودية، واعترف أن قوات أمن دولة قامت بالاتصال به وأعلمته أن ملك البحرين طلب منه مواجهة الرافضة   وتنفيذ اغتيالات ضد قيادات المعارضة، وأبرزهم عبد الوهاب حسين، ورموز أخرى، وبيّن "صالح" أنه أُعطي الضوء الأخضر لتنفيذ الاغتيالات من خلال التواصل مع قيادات "القاعدة" في السعودية.

إن النظام البحريني  قد حَكَمَ على الكثير من المواطنين بالإعدام بسبب مشاركتهم بالتظاهرات السلمية ومحاولته الحفاظ على العرش الخليفي بأساليب خبيثة ودنيئة ..إن المُعتقلين الموجودين في سجن جو يتعرَّضون إلى حالاتٍ من الموت البطيء والحرمان من الحياة.

ليست القنابل وحدها مَن تفتك بالبشرية بل أيضاً أنامل الديكتاتوريات المُتمرِّسة في إهدار شعوبها.