حَرْق مزارع الحنطة في العراق.. مَن المستفيد؟

مَن المستفيد من حَرْق مزارع العراق من الحنطة، ولمصلحة مَن يعمد البعض في داخل العراق لأخذ الموضوع الى إتهام جهات بعيدة عنه والتغطية عن الطرف المُصدّر إلى العراق والمُستفيد أولاً وأخيراً مما يحدث؟.

من حريق اندلع في ناحية مكحول في منطقة صلاح الدين

منذ شهر ويحدث في العراق أمر مُريب ويهدّد الزراعة بصورةٍ مباشرة، حرائق من نوع غريب شهدتها مزارع الحنطة في أغلب المحافظات العراقية من دون الكشف مباشرة عن الجهة التي نفَّذت تلك الحرائق.

وزارة الزراعة العراقية أحصت حجم الخسائر من الفترة المترواحة منذ يوم 8 أيار/مايو، وحتى يوم 8 حزيران الحالي، وكانت النتيجة كالآتي: بلغت حرائق مزارع الحنطة والشعير في عدّة  محافظات من البلاد 272 حادثاً، تصدّرت محافظة صلاح الدين بـ94 حريقاً، تليها نينوى بـ55 حريقاً، ثم كركوك بـ51، والعاصمة بغداد شهدت 6 حوادث، بالإضافة إلى المحافظات الجنوبية والوسطى التي شهدت حرائق مماثلة، والنتيجة كانت إتلافَ 40 ألف دونم زراعي.

هذه الوقائع المرشّحة للزيادة ستضر كثيراً بالإقتصاد العراقي وتمسّ المواطن العراقي سلباً بصورة مباشرة وخصوصاً طبقة الفلاحين.

وحتى نثبت حقيقة وهي أن الحرائق بفعل فاعِل، فقد عثرت القوات الأمنية والمزارعون في بعض المزارع على عدسات مُكبّرة، وضعها مجهولون وتعمل تلك العدسات على تجميع أشعة الشمس لتحويلها إلى شرارة تعمل على حرق المحصول، وبحسب الجهات المعنية بالتحقيق في العراق، حيث أكّدت أن وسائل أخرى من أسلاك الكهرباء وإشعال النيران وأخرى تم استخدامها في عمليات الحرق.

فبات واضحاً، أن الحرائق مفتعلة، لكن مَن له المصلحة في إحراق هذا العدد الكبير من مزارع الحنطة؟. ربما تكون الجهة المستفيدة هي ذات الجهة التي تصدّر للعراق محصول الحنطة.

فالعراق يستورد الحنطة بصورة أكبر من الولايات المتحدة الأميركية هي من أبرز الدول المصدّرة للحنطة إلى منطقتنا العربية، بالإضافة إلى أستراليا وكندا. ويحتاج العراق الذي يعدّ أكبر مستوردي الحنطة الأميركية في منطقتنا العربية، يحتاج سنوياً إلى قرابة 5 ملايين طن من الحنطة.

في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2018، وقّع وزير التجارة العراقي محمّد هاشم مُمثِلاً عن الحكومة العراقية مع الجانب الأميركي مُمَثَلاً بالسفير الأميركي في بغداد حينها دوغلاس آلن سيلمان، إتفاقاً بين الجانبين لتجهيز العراق خلال النصف الأول من عام 2019، بالحنطة الأميركية، وأول حريق طال مزارع الحنطة العراقية كان في يوم 8 حزيران المنصرم أي بعد إنتهاء الإتفاق بثمانية أيام، فما هذه الصدفة؟.

وقبل توقيع هذا الإتفاق مع الجانب الأميركي، فكّر العراق بالإعتماد على الحنطة الروسية وكان وزير التجارة محمّد هاشم العاني، قد أعلن أن وفداً عراقياً سيذهب إلى موسكو لدراسة إمكانية الإعتماد على القمح الروسي في السوق العراقي على حساب ما يستورده من أميركا، وأعلنت حينها روسيا أنها مستعدّدة لتلبية إحتياجات العراق من القمح، تلك الخطوة العراقية جوبِهت أميركياً بالرفض القاطِع، ومورِست ضغوطات في سبيل تخلّي العراق عن استيراد القمح الروسي والذهاب بإتجاه توقيع إتفاق مع أميركا لتكون المُصِّدر الرئيس إلى العراق، وذلك ما حدث فعلاً خلال النصف الأول من العام الحالي حسب الإتفاق الذي وقّع في مقرّ السفارة الأميركية في بغداد.

وفي شهر مايو من عام 2017، أجزم الوكيل الفني لوزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي ضمن زيارته إلى محطة بحوث المشخاب في النجف الأشرف، أن العراق سيشهد خلال السنين القادمة إكتفاء ذاتياً من محصول الحنطة، وذلك لأن الوزارة ومع إعتمادها على الإستيراد، إلا أنها تعمل وفق خطط متطوّرة وتنفق ملايين الدولارات  لتصل إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي من محصول الحنطة.

هناك مَن حاول خلال فترة إحراق مزارع الحنطة العراقية أن يأخذ هذا الملف الخطير إلى إتجاهات أخرى ويشوّش على أجهزة الدولة المعنية بالتحقيق، وذلك من خلال إتهام إيران بأنها تقف وراء ما يحدث، وحقيقة تلك الإتهامات هي عبارة عن كذب ويجسّد عقدة لدى البعض من السياسين والمؤسّسات الإعلامية تسمّى (إيران)، فلا يوجد مؤشّر وإن كان ضعيفاً على ضلوع إيران في ذلك لأنها لم تدخل ضمن قائمة الدول الأعلى إنتاجاً وقدرة على التصدير لمحصول الحنطة عالمياً، وليس لديها ما هو فائض عن الحاجة لتصديره، بل أنّ طهران تستورد في بعض السنين الحنطة من روسيا لسدّ بعض إحتياجاتها في الداخل.

فالسؤال الأهم وتبقى للقارئ الإجابة عليه: مَن المستفيد من حَرْق مزارع العراق من الحنطة، ولمصلحة مَن يعمد البعض في داخل العراق لأخذ الموضوع الى إتهام جهات بعيدة عنه والتغطية عن الطرف المُصدّر إلى العراق والمُستفيد أولاً وأخيراً مما يحدث؟.