مؤتمر البحرين الإقتصادي: الأرض لإسرائيل
زعماء وقادة الدول العربية كانوا يُعلنون دوماً في العَلَن بأنهم لا يرضون بما لا يرضى به الفلسطينيون أنفسهم، فلماذا هذا الإصرار على السير في تنفيذ صفقة القرن وعقد المؤتمر الإقتصادي في البحري، مع أن الفلسطينيين أعلنوا بالإجماع عن رفضهم له واعتبار كل مَن يشارك به خائناً؟ ولماذا جرى اختيار البحرين الحلقة الأضعف في محور التطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي كمقرٍ لهذا المؤتمر؟
المؤتمر أو ورشة العمل الإقتصادية التي جرى الإعلان عن عقدها في البحرين 25 و 26 حزيران/ يونيو المقبل تحت إسم «السلام من أجل الازدهار»، بإشراف ومشاركة الولايات المتحدة وإسرائيل تدخل في إطار «صفقة القرن»، والتي شرع في تنفيذها حتى قبل الإعلان عن بنودها رسمياً بدءاً من إعلان القدس عاصمة أبدية وموحّدة لإسرائيل وإلغاء حق العودة وشرعَنة الاستيطان في الضفة الغربية تمهيداً لضمّها وشرعَنة السيادة الإسرائيلية على الجولان، والتي تُستكمَل الآن من خلال تقديم رشوة للتجّار الفلسطينيين بتحسين الأوضاع الاقتصادية للتجمّعات الفلسطينية في الضفة وغزّة، ورشوة للدول المُضيفة للاجئين الفلسطينيين لتوطينهم والتخلّص نهائياً من حقّهم بالعودة بعدما فتح ترامب النار على وكالة الأونروا المُختصّة باللاجئين الفلسطينيين وكل المنظمات الدولية التي تقدِّم خدمات للنازحين الفلسطينيين المُشرّدين وأوقِفَ الدعم عنها.
الهدف المُعلَن للمؤتمر الإقتصادي، أو ورشة السلام والازدهار، هو دعم الإقتصاد الفلسطيني وإنشاء مناخ إقليمي مُلائِم لعلاقاتٍ عربيةٍ - إسرائيلية، يستوعب الجانب الفلسطيني، ويمارس الضغط اللازم عليه لقبول الطرح الأميركي الذي يُركِّز على التعاون والتكامُل الإقتصادي عبر حزمة من المزايا الإقتصادية بتمويل خليجي، مع تجاهل الشق السياسي لتسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
أية مشاركة فلسطينية في المؤتمر خاصة من قِبَل بعض التجّار العملاء لأميركا وإسرائيل بحجّة تنشيط القطاع الخاص، وتحسين أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال ستكون مشبوهة ومرفوضة من قِبَل الشعب الفلسطيني وسيلفظهم كما لفظ من قبلهم أصحاب روابط القرى.
يترأّس المؤتمر مستشارا البيت الأبيض جاريد كوشنر ومبعوث البيت الأبيض في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات وصقور البيت الأبيض المنحازون بالكامل لإسرائيل والذين وضعوا البنود الرئيسة لصفقة القرن. وسوف تشارك به كما أصبح مُعلناً بعض الدول العربية التي لا تخفي خطواتها التطبيعية مع الاحتلال بحجّة مواجهة المشروع الإيراني الذي تعتبره أخطر على الدول العربية من المشروع الصهيوني، وتحويل إيران إلى عدو أول للعرب في المنطقة بعد أن عملت امبراطورية الإعلام الأميركي الصهيوني والخليجي على تضخيم خطرها.
الشعب الفلسطيني لن يبيع أرضه وقضيته وكرامته من أجل حفنة من الدولارات لن تستفيد منها سوى دولة الاحتلال ومجموعة من التجار والسماسرة، والمطلوب لمواجهة هذه المؤامرة وصفقة القرن برمّتها توحيد الصف الفلسطيني الداخلي وتنفيذ القرارات الخاصة بفكّ الارتباط الاقتصادي عن إسرائيل، ووضع برنامج لتشجيع الإنتاج المحلي في الصناعة والزراعة من أجل الوصول إلى حال من الإكتفاء الذاتي، وإطلاق كافة أشكال المقاومة في مواجهة الاحتلال حتى لا يبقى احتلالاً مريحاً كما عليه الآن.
أية خطة إقتصادية من دون تسوية سياسية تتضمّن إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس، والاعتراف بحق اللاجئين في العودة والتعويض كحدٍ أدنى لن تكون مقبولة من الشعب الفلسطيني.