بعد الفجيرة ماذا ينتظر الخليج؟
السؤال هنا هل يأتي الدور على ما وراء إيران ألا وهي روسيا؟ إذا اعتبرنا أن موسكو ستظل حليفاً لطهران حتى النهاية. وكيف سيكون موقف روسيا في حال قيام الأميركي بتكرار سيناريو "العراق2003" ضد إيران؟
تكاثرت التحليلات والتكهّنات لِما ينتظر الخليج في الغد القريب خاصة بعد واقعة ميناء الفجيرة الإماراتي، وتضاربت الأقوال بين ما يُقال هنا وما يُقال هناك، لكن كل الأمور وارِدة وكل السيناريوهات مطروحة، وما هو مُلاحَظ هو الآتي:
أولاً: الطرفان ارتديا قفازات الملاكمة، بعد أن غيَّر مايك بومبيو واجهته من برلين إلى بغداد لبحث تأمين القوات الأميركية في أضعف نقطة لها بالشرق ألا وهي العراق، وأن ما وصل من أساطيل نحو سواحل الشام بالمتوسّط أو بالخليج العربي بجانب سفينة المستشفى الميداني أمر يؤكّد ذلك.
ثانياً: قبل حادثة الفجيرة، كان الخليجي يأمل في عدم اندفاع ترامب والاكتفاء بتلجيم إيران، على عكس الإسرائيلي الذي يدفع برجاله داخل البيت الأبيض للدفع بترامب نحو المواجهة العسكرية ضد إيران، فما بالكم بالخليجي بعد الفجيرة.
ثالثاً: واقعة الفجيرة كانت قرصنة أذن مؤلمة جداً وغير متوقّعة لا من سياسيين ولا حتى عسكريين (وإلا ما كانت تمّت بتلك الصورة).
رابعاً: إن الإعلام الإماراتي وقع في نفس الخطاء الكارثي للإعلام السعودي أثناء مقتل خاشقجي (وهو ما تجنّبته في إعلان واقعة استهداف صنعاء لمحطتيّ ضخّ النفط وسط السعودية)، فبعد ساعات من نفي حكومة الفجيرة لأيّ شيء قد يكون حدث بسواحلها، أعلنت الخارجية الإمارتية عن الواقعة. ويُلاحظ منذ 2011 وحتى الآن أن بعد كل نكسة إعلامية في دولة ما كانت تليها نكبة سياسية.
خامساً: ما ظهر من ردّات فعل مُتناقِضة في البداية ثم مستوى الرد الإماراتي بعد تأكيد حادثة الفجيرة ، أظهر حجم المفاجأة التي أصابت أبوظبي وهذا متوقّع، فأمر الفجيرة لم يكن سهلاً فهو ليس حادثاً إرهابياً داعشياً ولكن جاء نتيجية عمل استخباراتي عسكري بامتياز.
سادساً: زيارة عاهل البحرين (أقوى نقطة لطهران في الخليج) للقاهرة غير المدرجة على جدول أعماله من البداية في ذلك التوقيت بالتأكيد ليست بعيدة عن المشهد الكبير.
الحرب الخليجية الثالثة بدأ الإعداد لها بعد حرب تموز2006 مباشرة، وما كانت الحرب على سوريا إلا انتقاماً من تموز2006، تموز الذي كسر حينها كل المعادلات التي رسخت لضمان التفوّق العسكري الصهيوني في المنطقة من بعد حرب73، واليوم وبعد استنزاف ما وراء حزب الله ألا وهي سوريا، يأتي الدور على ما وراء سوريا ألا وهي إيران.
فهل يكسر ترامب أو بالأحرى صهره ومستشاره اليهودي جاريد كوشنر تلك المعادلة التي أطاحت بأيهود أولمرت وتجنّبها دائماً نتنياهو، أم تجمع الأميركان والإيرانيين طاولة مفاوضات منفردة بعيداً عن الأوروبي، كي تنتهي تلك العاصفة التي دخلت مؤشّراتها مراحل خطيرة جداً؟
التصريح الذي نطق به مايك بومبيو مؤخّراً، عندما قال: "إن الربّ أرسل ترامب إلى الأرض لحماية إسرائيل، فهو بالفعل مثل الملكة “أستير” التي ساعدت في إنقاذ الشعب اليهودي من الخطر الإيراني".
والسؤال هنا هل يأتي الدور على ما وراء إيران ألا وهي روسيا؟ إذا اعتبرنا أن موسكو ستظل حليفاً لطهران حتى النهاية. وكيف سيكون موقف روسيا في حال قيام الأميركي بتكرار سيناريو "العراق2003" ضد إيران؟