لماذا اعتقال خوان جوايدو وتقديمه إلى المحاكمة بات أمراً ملحاً؟

عندما تبلغ سياسة أميركا وصنيعتها جوايدو في التعامل مع الشعب الفنزويلي هذا المستوى من الوقاحة والاستهتار فإن العنف الثوري المستند إلى الشرعية الثورية يجب أن يكون هو الرد وقبل فوات الأوان.

زعيم المعارضة الفنزوليّة خوان غوايدو / أ.ف.ب

أثلج صدورنا تمكّن القوات المسلحة الثورية البوليفارية في فنزويلا من سحق محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها أنصار زعيم المعارضة جوايدو بدعم من الولايات المتحدة الأميركية وكولومبيا كما أكّد الرئيس نيكولاس مادورو.

فهذا الانتصار الجديد أكّد المؤكّد وهو أن الثورة البوليفارية ليست حالة ثورية نخبوية معزولة عن الجماهير لتتمكّن قوى الرجعية في البلاد بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، ومن أوليغارشيات أميركا اللاتينية وجمهوريات الموز فيها من عزلها والانفراد بها وإسقاطها من الداخل عبر تمرد عسكري في قاعدة عسكرية، أو من الخارج عبر عدوان عسكري تشنّه قوات متعدّدة الجنسيات بقيادة أميركية أو برازيلية يتزامن مع تحرّك عسكري من الداخل.

بمعنى آخر فإن الثورة البوليفارية في فنزويلا التي قادها الرئيس الراحل هوغو شافيز كانت منذ البداية ثورة شعبية مظفّرة ذات خصائص اشتراكية وبُعد أممي حرّرت ثروة البلد الرئيسية الهائلة النفطية والغازية من سيطرة شركات النفط الامبريالية، وحقّقت إنجازات اقتصادية واجتماعية عظيمة لعمال وشغيلة وفلاحي وكادحي البلد، وأرست علاقة تحالف وصداقة مع كوبا وكل البلدان اليسارية في أميركا اللاتينية والقوى الثورية في مختلف أنحاء العالم وعلى رأسها الثورة الإيرانية والصين وروسيا، وأعلنت انحيازها وتأييدها المطلق للقضايا العادلة للشعوب المظلومة قي العالم وفي مقدّمها الشعب الفلسطيني وهذا كان ولا يزال سرّ قوّتها.

ولذلك فإن إدارة ترامب التي حاولت بشتّى الطرق تنظيم انقلاب داخلي على نظام الرئيس مادورو من خلال سيل المؤامرات التي حاكها مجرم الحرب مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، والمبعوث الصهيوني إلى فنزويلا ومساندة الدول الامبريالية الكبرى لها وفي مقدمتهما فرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى إسرائيل وبلدان ما يُسمّى بالنيتو العربي وكل القوى العميلة لواشنطن في العالم، أخفقت في تحقيق هدفها المعلن آنف الذكر وتنصيب صنيعتها وعميلها جوايدو لكي تتمكّن من سرقة نفط وغاز وذهب فنزويلا بمفردها وكما يحلو لها.

وحسب اعتقادي فإن فشل السياسة الأميركية إزاء فنزويلا حتى الآن يعود بالترتيب إلى الأسباب الرئيسية الخمسة التالية:

أولاً: التفاف الطبقات الشعبية التي استفادت من إنجازات الثورة البوليفارية حول قيادتها الثورية رغم مؤامرة التجويع الناجمة عن حصار واشنطن الإجرامي الخانق للبلد ونظام العقوبات المفروض عليها.

ثانياً: وجود قوات مسلحة ثورية مدعومة بقوات رديفة عقائدية موالية للثورة تصعب رشوتها.

ثالثاً: إنّ روسيا والصين تعاملتا مع الأزمة في فنزويلا من منطلق كونها محاولة أميركية لمنع العملية الموضوعية الجارية لعرقلة تحوّل العالم من صيغة القطب الأميركي الواحد إلى صيغة العالم متعدّد الأقطاب، ولذلك فقد ساندت فنزويلا بالأفعال وليس بالأقوال فقط وأفشلت مساعي واشنطن لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يُجيز لها التدخّل العسكري لإسقاط الثورة البوليفارية.

رابعاً: وقوف كوبا الحازِم ومعها البلدان التقدمية في أميركا اللاتينية لى جانب فنزويلا بما في ذلك الاستعداد للتدخّل العسكري لمساندتها في حال تعرّضها لعدوان خارجي.

خامساً: مساندة شعوب العالم وقواه التقدمية لفنزويلا في وجه الغطرسة الأميركية.

ومع ذلك فإن إعلان العميل جوايدو كما ذكرت الأنباء الواردة من العاصمة الفنزويلية كاراكاس بأن التمرّد العسكري الذي قام به أنصاره لم ينته بعد، يعني بأنه لم يسلّم بالهزيمة وسيواصل بدعم أميركي مساعيه الهادفة لإسقاط نظام الحكم الشرعي في البلاد. وهذا يتطلّب في اعتقادي اعتقاله وإيداعه السجن تمهيداً لتقديمه إلى المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى لإسقاط هذه الورقة القذرة التي تستند إليها إدارة ترامب لتبرير تدخّلها في الشان الفنزويلي.

عندما تبلغ سياسة أميركا وصنيعتها جوايدو في التعامل مع الشعب الفنزويلي هذا المستوى من الوقاحة والاستهتار فإن العنف الثوري المستند إلى الشرعية الثورية يجب أن يكون هو الرد وقبل فوات الأوان.