ديك تشيني إلى الواجهة مجدّداً
بعد يوم واحد من توقيع ترامب على مرسومه بخصوص الهضبة، أعلن بشكل رسمي عن قرار الحكومة الإسرائيلية منح شركة "جيني أنيرغي" التي يترأس مجلس إدارتها مجرم الحرب ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش امتيازاً حصرياً بالتنقيب عن نفط الهضبة ضمن دائرة مساحتها 153 ألف ميل مربع (396،5 كيلومتراً مربعاً) في الجزء الجنوبي من مرتفعات الجولان.
في خلفيات و أسباب وأبعاد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة من جوانبه السياسية والقانونية والدينية والأخلاقية، ومخالفته لقرارات الشرعية الدولية وعلاقة توقيته بدعم الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن الوقت لم يسعفنا آنذاك للحديث عن الجانب الأهم لذلك القرار وهو الجانب الاقتصادي، أي مشاركة إسرائيل في سرقة ونهب خيرات الهضبة وتحديداً ثرواتها الهائلة من النفط والغاز.
وكخلفية لفَهْم هذا البُعد فقد أعلن في السادس والعشرين من شهر آذار/مارس المنصرم، أي بعد يوم واحد من توقيع ترامب على مرسومه بخصوص الهضبة، بشكل رسمي عن قرار الحكومة الإسرائيلية منح شركة "جيني أنيرغي" التي يترأس مجلس إدارتها مجرم الحرب ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش امتيازاً حصرياً بالتنقيب عن نفط الهضبة ضمن دائرة مساحتها 153 ألف ميل مربع (396،5 كيلومتراً مربعاً) في الجزء الجنوبي من مرتفعات الجولان.
ولمَن لا يتذكّر فإن تشيني الذي يترأس العديد من مجالس إدارة كارتلات النفط الأميركية هو الذي أقنع بوش الإبن بشنّ حرب احتلال العراق عام 2003 والتي أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من مليون عراقي، وتدمير وحدة الدولة العراقية وكل الجيش العراقي بذريعة أن الرئيس العراقي صدّام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل تهدّد أمن إسرائيل وبلدان الخليج المنتجة للنفط، كغطاء للاستيلاء على نفط وغاز وخيرات العراق، بل وأكثر من ذلك فإن مصادر أميركية مطلّعة تشير إلى أن تشيني ربح بصورة شخصية وبصورة غير مشروعة طبعاً من تلك الحرب اللصوصية زهاء 4 مليارات دولار كسمسرة وعمولات.
وقالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية في مقالة نشرتها في 26/3 إن اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على الجولان يرمي إلى تحقيق سيطرة أميركية -إسرائيلية على كمية كبيرة من النفط والغاز في الهضبة التي تحتوي على احتياطات ضخمة من هاتين المادتين الاستراتيجيتي، الأمر الذي من شأنه أن يحوّل إسرائيل إلى دولة مصدّرة بحلول العام 2020.
وفي الوقت الذي تقول فيه بعض المصادر بأن الاحتياطي النفطي في هضبة الجولان يُقدّر بزهاء مليار برميل نفطي عدا عن الغاز، فإن مصادر أخرى تقول بأن احتياطي بترول الجولان يعادل احتياطي آبار بترول السعودية.
إن الصهاينة هم أول من يعرفون بأن هضبة الجولان السورية هي أرض عربية منذ الأزل وستبقى كذلك إلى الأبد، كما هي فلسطين المحتلة، وهذا الأمر ليس بحاجة إلى الإتيان بإثباتات وبراهين تاريخية، بدليل أن بيان الجيش الإسرائيلي الذي صدر عن احتلال الهضبة في نهاية حرب حزيران 1967 اعترف بذلك حيث ذكر فيه بالحرف الواحد "الهضبة السورية أصبحت بين أيدينا" ولكنهم يلجأوون إلى الأساطير التاريخية لتبرير عمليات سرقة ونهب تارة بوعد ربّاني وتارة بريطاني وتارة ثالثة ترامبي أميركي.
ولأن الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان هو امتداد لحال شراكة استراتيحية موجودة بين أميركا والكيان في المقام الأول، الأمر الذي تم التعبير عنه بإعطاء شركة ديك تشيني حصرياً حق التنقيب عن النفط في الهضبة، فإنه من الطبيعي أن تعارض دول الاتحاد الأوروبي التي عارضت أيضاً انسحاب أميركا من اتفاق 5+1 مع إيران وسياسة العقوبات الأميركية ضدها على اعتبار أن ذلك لا يخدم مصالحها الاقتصادية.
ومن نفس هذه الزاوية فإن دولة مثل روسيا ورغم ميوعة موقفها من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وعلاقة بوتين الحميمة مع نتنياهو، ومعها الكثير من دول العالم الوازنة عارضت قرار ترامب بخصوص الجولان لأنه قد يصبح سابقة في العلاقات الدولية وتصبح ظاهرة منح مَن لا يملك إلى مَن لا يستحق ظاهرة عادية في العلاقات الدولية مما سيفتح الباب لتوتّرات وصراعات وربما حروب غير منتهية.
بقي القول بمناسبة عيد الجلاء الفرنسي عن سوريا العزيزة إن الجولان ومعها مياهها العذبة وتفاحها ومعهما نفطها وغازها هي ملك للشعب العربي السوري ، وستعود إلى أصحابها شاء مَن شاء وأبى مَن أبى من دون أن ننسى بطبيعة الحال عنبها لأن زجاجة النبيذ التي أهداها نتنياهو إلى ترامب عند توقيعه على قراره المشؤوم هي أيضاً منهوبة.