أبعاد مناورة "الولاية 97"؟

بعد مرور سبع سنوات، جاء "محمّد علي جعفري" قائد الحرس الثوري الإيراني متحدّثاً أن قواته مستعدّة لتنفيذ تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز، وقد يأتي ذلك بعد شدٍّ وجذبٍ مع الجانب الأميركي، وبعد إعلان ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية إن البحرية الأميركية مستعدّة لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة في المضيق، رداً على تهديد روحاني بمنع شحنات نفط الدول المجاورة من عبور المضيق، إذا استجابت لطلب واشنطن بعدم شراء النفط من إيران.

القوّة البحرية للجيش الإيراني حضرت بقوّة في مناورات "الولاية 97" في مضيق هرمز

عقب تفجير "زاهدان" الانتحاري في خاش- زاهدان، سيستان وبلوشستان، والذي استهدف حافلة للحرس الثوري الإيراني. راح ضحيته 27 قتيلاً و13 جريحاً، جاء تأكيد قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء محمّد علي جعفري مصرّحاً بـ"أن الجمهورية الإسلامية قادماً لن تأخذ بنظر الاعتبارات السابقة وفي حال استمرارها وستثأر من هذه الجريمة بصورة مباشرة"، يأتي الجديد هنا من مضيق هرمز، الذي قد يتحوّل لورقة ضغط إيرانية.

نعم، هي ليست الأولى، فقبل نهاية 2011 أجرت إيران تمارين بحرية قرب مضيق هرمز، وصرّحت إنها قد تعمد إلى إغلاق مضيق هرمز، في حال قرّر الغرب فرض المزيد من العقوبات عليها بسبب برنامجها النووي. وحذّر حينها نائب الرئيس الإيراني محمّد رضا رحيمي من أن "نقطة نفط واحدة لن تمر عبر مضيق هرمز" في حال تشديد العقوبات على إيران. وأن الأعداء لن يتخلوا عن مؤامراتهم إلا عندما نضعهم في مكانهم الطبيعي. وصرّح حينها قائد البحرية الإيرانية بأن إغلاق مضيق هرمز أمام حركة ناقلات النفط يُعتَبر بالنسبة لإيران "أبسط من ارتشاف قدح ماء" إذا قدّرت الحكومة الإيرانية أن اغلاقه ضروري. وأن إغلاق مضيق هرمز يعتبر أمراً يسيراً بالنسبة للقوات المسلحة الإيرانية.

بعد مرور سبع سنوات، جاء "محمّد علي جعفري" قائد الحرس الثوري الإيراني متحدّثاً أن قواته مستعدّة لتنفيذ تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز، وقد يأتي ذلك بعد شدٍّ وجذبٍ مع الجانب الأميركي، وبعد إعلان ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية إن البحرية الأميركية مستعدّة لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة في المضيق، رداً على تهديد روحاني بمنع شحنات نفط الدول المجاورة من عبور المضيق، إذا استجابت لطلب واشنطن بعدم شراء النفط من إيران.

سبق أن قال جعفري إذا لم تتمكّن إيران من بيع نفطها نتيجة ضغوط الولايات المتحدة، فلن يتم السماح لأية دولة إقليمية بذلك. وسنجعل العدو يُدرِك أنه إما أن يستخدم الجميع مضيق هرمز، أو لا أحد يستخدمه. هنا يأتي روحاني ليكسب دعماً مفاجئاً من المحافظين المتشدّدين الذين هاجموه قبل أشهر، بعد دعوته إلى وحدة وطنية لمواجهة صعوبات تمرّ بها البلاد، حيث قام بالتشكيك بقدرة واشنطن على منع إيران من تصدير نفطها.

يسير خلف روحاني إعلام الجمهورية الإسلامية، فنجد الصحف الإيرانية سبق أن خصّصت تغطية واسعة لرسالة قائد فيلق القدس "قاسم سليماني"، إذ سبق ومنذ شهور أن عنوَنت صحيفة (جوان) المُقرّبة من "الحرس" صفحتها الأولى بعبارة (نراكم في المضيق)، مع صورة لروحاني وسليماني يتصافحان أمام خريطة لمضيق هرمز. وأن مقاومة العدو وصون استقلال البلاد يفرضان علينا تناسي خلافاتنا إلى وقت لاحق. فيما احتلت صورة سليماني كامل الصفحة الأولى لصحيفة "سازاندغي"، التي حملت عنوان "وحدة بين الحرس الثوري والحكومة". كذلك جاءت تصريحات روحاني لتُلهب الموقف أكثر، ففي معرض تعليقه على العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران ومحاولة ترامب حظر صادرات إيران النفطية، بأنها ستكون "شرارة حرب".

سبق لوزير الخارجية الأميركي تأكيده أن السياسة الأميركية في المنطقة تهدف إلى الحد من التهديدات الإيرانية. وأنهم محظوظون بوجود شركاء لهم في المنطقة مثل (السعودية والإمارات والبحرين)، التي تشاركهم التزاماتهم "إنهاء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة ومنع إغلاق مضيق هرمز". وشدّد على التزام الولايات حماية خطوط تصدير النفط عبر مضيق هرمز، مع الاستمرار في هذا الالتزام. مؤكّداً تعاون الولايات المتحدة مع السعودية والإمارات لإنهاء تهديدات في اليمن ودول المنطقة. وأن العقوبات الأميركية ضد إيران، تهدف إلى حِرمانها من القدرات المالية التي تستخدمها للتدخّل في شؤون دول المنطقة، وأنها لا تستهدف الشعب الإيراني. فواشنطن تُدرك أن بعض الدول ستطلب إعفاءها من التقيّد بالعقوبات على إيران.

الواقع أنه بالتزامن مع مناورات "الولاية 97" الإيرانية في مضيق هرمز وسواحل مكران وبحر عُمان وشمال المحيط الهندي، سعت طهران من خلالها لإرسال عدّة رسائل للمنطقة، هذا ما كشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على شمخانى عن أساليب أخرى قد تستخدمها بلاده في وقف الملاحة البحرية في مضيق هرمز الذي يعبر منه أكثر من 40% من بترول العالم، رداً على العقوبات الأميركية، التصريحات تزامنت مع استعراض قوى لإيران في الخليج في اليوم الثاني من المناورات الإيرانية التي تحمل شعار "يا زهراء"، حيث تقوم باستعراض بحري لأنواع وحدات سطحية وتحت سطحية بالإضافة للطيران، وأطلقت من السفن الحربية والساحل صواريخ كروز من طرازي "قادر" و"قدير".

في النهاية فهي القوّة البحرية للجيش الإيراني، حضرت بقوّة في مناورات "الولاية 97" في مضيق هرمز، بحضور قاسم سليماني الذي حضر ليحذّر أيّ أحد يجرّب امتحان إيران، بعد أن أعلن الحرس الثوري الإيراني في 18 شباط/ فبراير الجاري القبض على عددٍ من الإرهابيين المتورّطين في اعتداء "زاهدان" الذي استهدف حافلة للحرس على الحدود مع باكستان وأفغانستان. واتهمت إيران باكستان بالتصرّف بشكل غير مسؤول بعد الاعتداء، هنا انتقلت إيران من (زهدان) إلى (هرمز) في مناورات "الولاية 97"، لتبدأ سيناريوهات الضغط المتبادل.