موقع كتّاب الدولة في النظام السياسي المغربي

لازال موضوع وجود كتّاب الدولة في النظام السياسي المغربي يطرح مجموعة من الإشكاليات الدستورية والقانونية خاصة في ظل عدم ظهور بعض كتّاب الدولة والقيام بالمهام المنوطة بهم، وذلك منذ تنصيب الحكومة، وكذلك غياب قانون تنظيمي ينظّم أعمالهم.

لازال موضوع وجود كتّاب الدولة في النظام السياسي المغربي يطرح مجموعة من الإشكاليات الدستورية

لازال موضوع وجود كتّاب الدولة في النظام السياسي المغربي يطرح مجموعة من الإشكاليات الدستورية والقانونية خاصة في ظل عدم ظهور بعض كتّاب الدولة والقيام بالمهام المنوطة بهم، وذلك منذ تنصيب الحكومة، وكذلك غياب قانون تنظيمي ينظّم أعمالهم، بل حتى القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلّق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، والذي حدّد مهام كتّاب الدولة في المادة 11 منه لم يفصل في القوّة القانونية لكتّاب الدولة، بل تطرّق فقط إلى المهام المنوطة بهم والتي تتمثل في تلقّيهم تفويضاً من رئيس الحكومة أو الوزراء التابعين لهم تفويضاً عاماً ومستمراً للإمضاء أو التأشير، وذلك نيابة عن رئيس الحكومة أو عن الوزير المعني، على جميع المقرّرات المتعلّقة بالمصالح الموضوعة تحت سلطتهم، وهو ما أكّده الفصل 93 من دستور 2011، الذي نصّ على أنه يمكن للوزراء أن يفوّضوا جزءاً من اختصاصاتهم لكتّاب الدولة. وهي غالباً نفس الاختصاصات الممنوحة للوزراء المنتدبين حسب المادة 10 من نفس القانون، الأمر الذي يدعونا إلى طرح مجموعة من الأسئلة، من قبيل ما الجدوى من وجود كتّاب الدولة، وما هي مبرّرات ذلك؟

كتّاب الدولة مُستجدّ دستوري

فعلى مدار الحكومات المتعاقبة على المغرب عرفت هذه الأخيرة ارتفاعاً في عدد كتّاب الدولة (حكومة عبد الرحمان اليوسفي 9 كتّاب من بينهم امرأتان، حكومة إدريس جطو 6 كتّاب من بينهم امرأتان، حكومة عباس الفاسي 7 كتّاب من بينهم امرأتان، حكومة سعد الدين العثماني 13 كاتب دولة من بينهم 8 نساء).

فحسب الفقرة الأولى من الفصل 87 من الدستور المغربي لسنة 2011 "تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضمّ كتّابا للدولة"، فدستورياً يمكن أن نقرأ بأن وجود كتّاب الدولة في التشكيلة الحكومية ليس إلزامياً وإنما الأمر يبقى استثنائياً، ويمكن الاستغناء عنهم عند تشكيل حكومة جديدة أو عند تعديلها، وهذا ما يمكن لنا أن نستخلصه من الفقرة أعلاه "ويمكن أن تضمّ كتّاباً للدولة"، فهذه الفقرة هي من المستجدات التي أتى بها دستور المملكة لسنة 2011، فإذا كان هذا الأخير ينصّ في الفصل 87 على أن الحكومة تتألّف من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضمّ كتّاباً للدولة، فإن الدساتير السابقة للمملكة لم تكن تنصّ على وجود كتّاب الدولة، فدستور 1996  كان ينصّ في فصله 59 على أن الحكومة تتألّف من الوزير الأول والوزراء، رغم أن الحكومات التي أتت بعد دستور 1996 وقبله كانت تضمّ كتّاباً للدولة.

كتّاب الدولة وإشكالية المجلس الوزاري

يُعتَبر كاتب الدولة من الأعضاء المشكّلين للحكومة لكنه يوجد في المرتبة الأخيرة بعد الوزير المنتدب وله الصفة من أجل حضور المجلس الحكومي، لكن السؤال المطروح هل يمكن لكاتب الدولة الحضور للمجلس الوزاري؟، فإذا كان دستور 2011 قد حدّد لنا في الفصل 48 منه الفئة التي تحضر المجلس الوزاري "يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألّف من رئيس الحكومة والوزراء"، فما المقصود بالفئة الأخيرة أي الوزراء هل الوزير الذي يوجد على رأس القطاع أم أن الأمر يتعلق كذلك بالمنتدبين وكتّاب الدولة، فإذا كان الدستور، قد سكت عن هذه الإشكالية فإن الجواب يمكن لنا أن نستخلصه من الفصل 25 من دستور 1996 الذي كان ينصّ على أن الملك يرأس المجلس الوزاري، وذلك من دون أن يحدّد لنا الفئة التي يجب أن تكون حاضرة في المجلس الوزاري، وعليه يتبيّن لنا بأن كتّاب الدولة ليس لهم الحق في حضور المجلس الوزاري وذلك انطلاقاً من الفصل 48 من دستور 2011، وهو الأمر نفسه الذي أكّده القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلّق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.

حسابات سياسية

إن وجود كتّاب الدولة له ما يبرّره سياسياً وحزبياً قدر ما له مبرّرات دستورية، ففي بعض الأحيان تستدعي الضرورة أن يستعين الوزير بكاتب الدولة من أجل أن ينوب عنه في وقت غيابه، الأمر الذي دفع بالمشرّع المغربي وعلى غرار باقي الدساتير المقارنة على دسترة كتّاب الدولة لأول مرة، لكن غالباً ما يتم خلق تلك المناصب استجابة لبعض الأحزاب وللحسابات السياسية من أجل إرضاء جميع الأحزاب المشكّلة للأغلبية الحكومية، وهذا ما شاهدناه على مدار التجربة الحكومية في المغرب، لكن الواقع السياسي يكرّس هيمنة الوزراء على القطاعات الأصلية ، بينما كاتب الدولة يبقى من دون مهمة الأمر الذي جعل بعض كتّاب الدولة يشتكون من هذا الأمر، إذ نجد بعض القطاعات الوزارية غالباً ما تضمّ أكثر من كاتب للدولة. أمام هذا الواقع يبقى الإشكال دائماً مطروحاً ما الهدف من وجود كتّاب للدولة إذا لم تمنح لهم المهام المنوطة بهم دستورياً؟، أم أن الأمر يتعلّق بتقسيم "كعكعة" الحكومة بين الأطراف السياسية المشكِّلة لها؟.