إدلب وشرق الفرات على وَقْعِ المؤتمرات ونتائجها

رغم الزُخم للتواجد العسكري في إدلب، ورغم انعقاد مؤتمري أستانا وسوتشي وما تمخّض عنهما من اتفاقات، إلا أن الجانب التركي حَوّل مدينة إدلب إلى منطقة اصطياف للإرهابيين، وأبعد عنهم الحلول العسكرية، والذي جاء نتيجة لقاء الرئيس بوتين والرئيس أردوغان وهو انسحاب الإرهابيين وسلاحهم الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح.

من الجنوب السوري الخالي من الإرهاب، إلى العاصمة دمشق ومحيطها، وصولاً إلى حلب، انتصارات أحبطت المُخطّط الدولي على سوريا، ونتيجة هذه الانتصارات واعتماد استراتيجية قَضْم الجغرافية والتضييق على الفصائل الإرهابية، غدت إدلب المعقل الأخير في معادلة الحرب السورية، والتي لازالت تنتظر دخول الجيش السوري ليُعلنها خالية من الإرهاب، حيث أن الفصائل الإرهابية وفي سياق الحرب المفروضة على سوريا، ارتضت نتيجة الضغط الميداني الذي فرضه الجيش السوري، أن تنتقل إليها لعلّها تكون باب الخروج لهم بعد فشل مهمّتهم وتخلّي أسيادهم عنهم.
رغم الزُخم للتواجد العسكري في إدلب، ورغم انعقاد مؤتمري أستانا وسوتشي وما تمخّض عنهما من اتفاقات، إلا أن الجانب التركي حَوّل مدينة إدلب إلى منطقة اصطياف للإرهابيين، وأبعد عنهم الحلول العسكرية، والذي جاء نتيجة لقاء الرئيس بوتين والرئيس أردوغان وهو انسحاب الإرهابيين وسلاحهم الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح ، ولكن التعهّدات التركية بسحب الإرهابيين لم تتحقّق إلى اليوم، وما يحدث فعلاً هو تمدّد التنظيمات الإرهابية المدعومة تركياً، فضرورة تصفية هيئة تحرير الشام والمُتّفق عليه سابقاً بين الرئيسين بوتين وأردوغان، تحاول تركيا تأخيره لما فيه مصلحتها على الأرض، حتى تدّق ساعة التصفية الحاسِمة للإرهابيين في كنفها، فالإرهاب ينحصر لدى قوى التحالف الدولي أميركا وفرنسا وبريطانيا وتركيا "بداعش" فقط، ليأتي قرار الانسحاب الأميركي من سوريا مُتزامناً مع تصريح ترامب بأن القضاء على داعش قد تمّ ولم يتبق سوى أعداد لا تُذكَر يتمّ التعامل معها، وفي المقلب الآخر عَمَدَ الرئيس أردوغان إلى استغلال ورقة الكرد لينقل معركته إلى شرق الفرات، وليبدأ بعمليّته المزعومة ضد مَن أسماهم حزب العمال الكردستاني، والذين خلال فترة هذه الحرب أوهمَ الجميع بأنهم العدو الأول والأخير للأمن القومي التركي، وأن تواجدهم في سوريا يجب أن يوضَع له حد سياسي بإطار عسكري.
قرار الانسحاب الأميركي من سوريا قد فعل فعله الإعلامي الزاخِر بردّات الفعل المنطوقة إعلامياً، لتتحرك تركيا في شرق الفرات وليبدأ بالتزامُن مع التحرّكات التركية التمدّد (لهيئة تحرير الشام )، ولتبسط نفوذها على المناطق الممتدة من دار عزّة غربي حلب وصولاً إلى معرّة النعمان بريف إدلب الجنوبي بعد معارك دامية بين الفصائل وانخراط مًن تبقّى منهم معها أي مع "جبهة النصرة".
تركيا تريد من هذه المُماطلة في تنفيذ الاتفاق مع الروسي تنفيذ رغبات واشنطن الدفينة بحُكم أنهم من أركان الحلف الأطلسي، فتمدّد النصرة لا يقلق أردوغان، فسيأتي اليوم الذي يستخدم فيه هذا الفصيل كورقة لتأخير الحل السياسي في سوريا، حيث أن جولة أستانا في 14/2/2019ستُعقد لبحث الوضع في سوريا بين الدول الثلاث الضامِنة للحل السياسي وخصوصاً ملف إدلب.
واشنطن وتركيا بينهما مُخطّطات لم تزل مُعلّقة، والورقة الكردية لا تزال هي العقبة في إنهاء مسألة الشمال والشمال الشرقي من سوريا، وخاصة لأردوغان، ولكن اللعب على مسألة فرض هيئة تحرير الشام كمُشارك مع تركيا سيفرض على جبهة النصرة تثبيت ولائها المُطلق لأردوغان لعلّها تشارك في معركة شرق الفرات، فيتحقّق حلم الجولاني بولاية إدلب، وما زيارة الوفد العسكري التركي إلى موسكو في وقت سابق إلا لمناقشة الحل العسكري شرق الفرات، وإمكانية وضع إدلب في مسارات الحل التركي، الرامي إلى ضمّها وحسب الوَهْم الأردوغاني إلى تركيا.
سيناريوهات عديدة فُرِضت على منطقة الشمال السوري ككل، لتغدو اللعبة السياسية في يد التركي وتصبح أميركا وفرنسا وبريطانيا في مأمن من ساعة إعلان الانتصار السوري، فمسألة إدلب لم تنته، لكن القيادة السورية ستُعلِن زمن إنهاء المسألة، لأن الوقت الإضافي قد انتهى وستُعلَن ساعة الصفر من سوتشي ولكن بقرار سوري.