التوتّر مع بولندا يدلّ على حجم إذلال إسرائيل لداعميها

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحتفي بلقاء وارسو يفتعل أزمة دبلوماسية مع بولندا ويحرجها أمام الامتعاض الشعبي من تنازلات الحكومة اليمينية التي تقدّمها لإسرائيل بدعوى إثبات حسن النيّة ضد العداء للسامية.

مساعدة بولندا في إخراج جبهة التحالف الإسرائيلي ــ الخليجي من السرّ إلى العلن ضد إيران، لم يشبع التنمّر الإسرائيلي في إذلال أصدقاء نتنياهو

احتضان بولندا منذ أيام مؤتمراً تمخّض عن هدف أساس مفاده انتقال بعض الدول الخليجية من السر إلى العلن. لكن بولندا تطمع في مثل هذه اللقاءات تحت رعاية واشنطن، التقرّب من إسرائيل لتخفيف الوطأة عن اتهامها مع بعض الدول الأوروبية وخاصة في أوروبا الشرقية بأنها تشهد موجة جديدة قوية من معاداة السامية. 

مساعدة بولندا في إخراج جبهة التحالف الإسرائيلي ــ الخليجي من السرّ إلى العلن ضد إيران، لم يشبع التنمّر الإسرائيلي في إذلال أصدقاء نتنياهو، بل على العكس من ذلك تتبع إسرائيل هذا الأسلوب المنهجي لانتزاع المزيد من التنازلات المجانية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى قلب ظهر المجنّ لداعمين في أميركا وأوروبا.

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحتفي بلقاء وارسو يفتعل أزمة دبلوماسية مع بولندا ويحرجها أمام الامتعاض الشعبي من تنازلات الحكومة اليمينية التي تقدّمها لإسرائيل بدعوى إثبات حسن النيّة ضد العداء للسامية.

مسألة اتهام البولنديين بمعاداة السامية، حُسمت منذ زمن بعيد لمصلحة إسرائيل، لكن مقابل هذا الانحياز جرى إقرار قانون يجرّم اتهام كل البولنديين بالتعاون مع النازية وهو ما تعمّده نتانياهو لكسر المحرّمات في قوله "إن البولنديين تعاونوا مع النازيين في المحرقة" متهماً بذلك وبشكلٍ استفزازي كل البولنديين بالتعاون مع النازية.

وفي وقتٍ تجتمع فيه حول إسرائيل دول في أوروبا الشرقية في مؤتمر "فيشغراد" كرأس حربة لانتزاع المزيد من الانحياز الأوروبي لإسرائيل وخاصة في ألمانيا وفرنسا وأوروبا الغربية. فإسرائيل تعمل في المرحلة المنظورة على المزيد من تفعيل التحريض في أوروبا بذريعة مكافحة معاداة السامية، لكن الهدف السياسي يتشعّب باتجاه الضغط في أوروبا ضد الاتفاق النووي مع إيران.

 التوتّر بين بولندا وإسرائيل أبعد من زلة لسان وكلام عابر. فبالنسبة لنتنياهو الأهم هو خطة إسرائيل في أوروبا الشرقية بشكل عام ضد ما تسميه موجة معاداة السامية وهو ما لا تستطيع قبوله بولندا لأسباب داخلية.

ما أدى إلى تفجير الوضع على هذا النحو هو ما أدلى به القائم بأعمال وزير الخارجية الإسرائيلية إسرائيل كاتس بتصريح  اتهم فيه البولنديين بأنهم "يرضعون معاداة السامية من حليب أمهاتهم"، في إشارة إلى العداء لليهود وفي تذكير بالاتهامات الصهيونية لبولندا بالتعاون مع النازيين ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

نجل رئيس الوزراء الاسرائيلي تدخّل في الموضوع وغرد قائلاً "دول أوروبا الغربية تعاونت في ذلك الوقت مع النازيين واليوم تعمل على تدمير دولة الشعب اليهودي عبر تدخلّها الذي لا يتوقف في شؤوننا الداخلية وتمويل أفعال الإرهاب الفلسطيني وتمويل جمعيات متطرفة في إسرائيل والتي تقوضها من الداخل كالسرطان".

جملة التصريحات الاسرائيلية، قابلها رد بولندي قوي حيث رد رئيس الحكومة البولندية مايكل دفورتشيك على كاتس معتبراً أن تصريحاته "مشينة وغير مناسبة وأن رئيس حكومة بولندا ينتظر رداً حاسماً ضد كلام كاتس ".

بناءً على ذلك، أعلن رئيس الحكومة البولندية عدم المشاركة في مؤتمر فيشغراد اذا لم يعتذر إسرائيل كاتس، لتقف تشيكيا إلى جانب بولندا وتتحدث عن إلغاء المؤتمر في إسرائيل وتحويله الى سلسلة لقاءات ثنائية عادية، ومن المنتظر أن يحضر رئيس كل من هنغاريا وسلوفاكيا، إلى إسرائيل لعقد لقاءات ثنائية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو.

هذا واستدعت الخارجية البولندية سفيرة إسرائيل في وارسو، انا ازاري لتوبيخها بسبب اقوال القائم كاتس، علماً أن هذه هي ثاني مرة في غضون أربعة أيام يتم فيها استدعاء السفيرة الاسرائيلية إذ تم استدعاؤها في اعقاب تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي تم نقلها بصورة مغايرة عبر الصحافة. إسرائيل التي. تتعمّد إذلال أصدقائها وقت اجتماعهم في إسرائيل لمساعدتها على تخطيط معركتها ضد أوروبا، ربما تلقّن أصدقاءها المطبّعين الجدد عناوين فيما ينتظرهم.