فوبيا الأسد تلازم الحرس القديم في السعودية
منذ أيام أطلقت صحيفة الأندبندنت البريطانية النسخة العربية، وكان لها الفضل في إعادة الحياة إلى سفير الرياض السابق في واشنطن بندر بن سلطان. فرئيس الاستخبارات السعودية السابق وأمين مجلس الأمن الوطني السابق وصاحب فضيحة صفقة اليمامة، بدا وكأنه يحاول أن ينتقم بأية طريقة ممَن كان سبباً في خروجه على التقاعد المُبكر ونسيانه من التاريخ.
فقد كان هجومياً بطريقةٍ كبيرةٍ جداً على الرئيس الأسد وهو ما حمله لسرد أحداث لا تُصدَّق أبداً، لا عن سوريا ولا عن الرئيس أيضاً. تحدّث عن سوريا وعائلة الرئيس الراحِل حافظ الأسد، بنظرةٍ قبليةٍ خليجيةٍ بحتةٍ وطابع المنطقة التي خرج منها. فزعم أن الرئيس بشّار الأسد، لديه عقدة من أخيه الشهيد باسل الأسد. لكن بندر بن سلطان، جهل أن في ثقافة العائلة السورية الأخ الكبير هو والد ثانٍ لإخوانه حتى لو كان الفرق بينهم عاماً، واحترامه من احترام والدهم، وعائلة الرئيس الراحل حافظ الأسد مثال صريح على ذلك ولم تخرج عن عادات وتقاليد المجتمع السوري في هذا الأمر تحديداً، وربما لم يقرأ الأمير السعودي المقابلة الصحفية للرئيس بشّار الأسد في عام 1995 وسوف أورِد ما قال فيها حرفياً "الخط السياسي الذي وضعه الرئيس القائد هو الخط الذي سار عليه باسل وسنسير عليه جميعاً". هذه الكلمات تدحَض ادّعاءات بندر بن سلطان.
الجميع شاهد قوّة وصلابة العلاقة بين الرئيس بشّار الأسد وأخيه اللواء ماهر الأسد، لأنها علاقة أسرية مبنية على احترام الكبير وتقديره بمثابة الأب. ولكن الأمر مُتغيّر جذرياً في السعودية التي خرج منها بندر بن سلطان، لأننا وجدنا الأخ ينقلب على أخيه، كما حدث مع الملك فيصل عندما انقلب على أخيه سعود ونفاه إلى الخارج، وشاهدنا إبن الأخ يقتل عمّه عندما قام الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، بقتل عمّه الملك فيصل، وشاهدنا كيف أن إبن العم حبس أبناء عمومته كما حدث مع أمراء آل سعود في فندق الريتز كارلتون، لذلك إسقاط الواقع السعودي على سوريا هو ضرب من الخيال.
بندر بن سلطان قال أيضاً إنه توسّط لدى بريطانيا لكي يدرس الرئيس بشّار الأسد، الطب عندهم في الثمانينات. يبدو أنه اعتبر سوريا هي دولة صغيرة تابعة لهم وهم المسؤولون عن الدراسة في الخارج؟. الرئيس الأسد خرج لاستكمال دراسته في طب العيون في لندن بناء على مِنحة اعتيادية تقوم بها الجامعات السورية مع الدول الخارجية وهذا أمر طبيعي بين جميع دول العالم، وكما أن هناك طلاباً من بريطانيا يدرسون في سوريا العكس يجري أيضاً، والرئيس بشّار الأسد هو واحد منهم، وبالتالي دمشق ليست بحاجة لوساطة سفير سعودي لهذا الأمر.
بندر بن سلطان أسهب في مقابلته في الحديث سلباً عن شخصية الرئيس الأسد وطريقة حديثه، وكأنه لم يشاهد كلمة الرئيس في القمم العربية وخصوصاً عام 2001 والقمّة التي سبقت اجتياح العراق عام 2003، لذلك عليه أن يعود ويشاهدها ليرى فنون الحوار والتحليل والرؤية المستقبلية.
والرئيس الأسد شكّل له عقدة حقيقية، أدّت إلى عزله من مناصبه ومن الحياة السياسية والأمنية معاً. وهناك حادثة قالها أحد المسؤولين السوريين الكبار، وهي أن بندر بن سلطان قد قُبِض عليه من قِبَل الأمن السوري عام 2008 بعد أن دخل البلاد بطريقةٍ ملتويةٍ وهو يقوم باجتماعات سرّية مع جماعات إرهابية لإرسال الانتحاريين عن طريق سوريا إلى العراق، خصوصاً وأنه كان على اتصال مباشر مع أبو عمر البغدادي زعيم ما كان يُسمّى "بدولة العراق الإسلامية" فرع القاعدة في العراق والذي أتى بعد الزرقاوي، وطبعاً اشترطت دمشق عدم الإفراج عنه حتى قدوم الملك عبد الله إلى سوريا ليطّلع على الملف كاملاً، إلا أنه كان يعاني من أزمة صحية وأوفد نجله وزير الحرس الوطني السابق متعب بن عبد الله، وعاد ببندر إلى الرياض.
بندر بن سلطان أوكِل إليه الملف السوري عام 2010 أي قبل عام من الحرب المفروضة على دمشق، ووضع الخطة كاملة، خصوصاً تنظيم داعش، وذلك بحكم علاقاته الوطيدة مع قيادات القاعدة في العراق في ذلك الوقت، إلا أن فشله في إسقاط الدولة السورية، همّشه إلى الأبد، فوجد بهذه المقابلة فسحة أمل لمتقاعد.