ما هي مصلحة بولندا من مؤتمر وارسو؟
قال الرئيس البولندي أندجي دودا إن الجانب البولندي سيكون مُحايداً في المؤتمر الذي ستشهده عاصمة بلاده... ما هذا الهراء؟ المؤتمر يعقد في وارسو، بدعوة من السلطات البولندية ويقول الرئيس إن بلاده مُحايدة. ربما هي مُحايدة مثلما هي إدارة ترامب. هل يمكن لأيّ أحد أن يشرح لنا ما هو الربح الذي حقّقته أو ستحّققه بولندا من هذا المؤتمر؟ سؤال طرحناه للنقاش ومازال مطروحاً في مجموعة فلسطين بالبولندية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. والمجموعة مخصّصة عن فلسطين والصراع العربي الصهيوني، وللناطقين باللغة البولندية.
نهاية الشهر الفائت نشر موقع " أنتيريا " البولندي الإخباري الشهير أن وسائل الإعلام (الإسرائيلية) قالت في حينه إن : رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر وزاري حول السلام والأمن في الشرق الأوسط مزمع عقده يومي 13 و 14 فبراير في وارسو سيقدّم خطاباً حاداً ضد إيران." فور قرائتي لهذا الخبر قمت بطرح سؤالي عن فائدة بولندا من عداء إيران والفلسطينيين وبعض العرب. فلطالما عُرف عن هكذا مؤتمرات تعقد لدعم "إسرائيل" ونتنياهو. في انحياز فاضح وصارِخ وواضح ضد الفلسطينيين ومَن يدعمهم. كما أن المؤتمر يقدّم دليلاً جديداً على أن الدول المدعوّة للمشاركة فيه تتشارك العداء لإيران، والترويج للتطبيع العربي مع الصهاينة، وتحقيق صفقة القرن الأميركية، التي مهمتها الأولى القضاء على القضية الفلسطينية.
المشاركون في المؤتمر هم من حلفاء "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية، والحكومة البولندية الحالية ليست وحدها الحليف للكيان الصهيوني وللأميركان فكل الحكومات البولندية التي تعاقبت على الحكم منذ انيهار منظومة حلف وارسو، والدول الاشتراكية والاتحاد السوفياتي، هي حكومات حليفة للصهاينة وللأميركان. لكن هذه الحكومة الحالية تجاهر أكثر بذلك.
جاء أيضاً في موقع أنتيريا: "ذكرت وسائل الإعلام في (إسرائيل) أن نتنياهو دُعي إلى مؤتمر وارسو". حيث تم إبلاغ وزارة الخارجية أن مؤتمراً وزارياً حول بناء السلام والأمن في الشرق الأوسط سيُعقد في وارسو يومي 13 و 14 فبراير".
وفي وقت سابق، تم الإعلان عن المؤتمر في محادثة بومبيو مع محطة فوكس نيوز، التي قالت إنه سيتم تكريس اهتمام خاص لتأثير إيران، وهي دولة في نزاع مع (إسرائيل)، في منطقة الشرق الأوسط".
لو أننا فكرنا بحُسن نيّة: كيف يمكن تنظيم مؤتمر حول بناء السلام والأمن في الشرق الأوسط من دون دعوة الجانب الفلسطيني؟ أقول هذا على الرغم من أنني أعارض مشاركة فلسطين في مؤتمر ليس لبناء السلام أو الأمن في أي مكان في العالم، بل هو ضد فلسطين وإيران وسوريا ولبنان واليمن... لا بل إنه ضد حركة المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها، وضد المقاومة اللبنانية ورأس حربتها ( حزب الله ). وضد كل من يقف ضد أو يعارض سياسة الولايات المتحدة والاحتلال (الإسرائيلي) في فلسطين وسوريا ولبنان.بالنسبة للسلطة الفلسطينية عليها ان تستفيد من تجاهلها وعدم دعوتها إلى المؤتمر. وأن تعترف للشعب الفلسطيني بأن "سيرك السلام" كله ليس سوى نكبة حلت علينا.
على جماعة أوسلو من الفلسطينيين أن يقوموا بحل السلطة الفلسطينية، وأن يعودوا إلى الجانب الصحيح، إلى منظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع على أساس الميثاق الوطني الفلسطيني، الذي لا يعترف بالاحتلال الصهيوني، ويتمسّك بالكفاح المسلح والمقاومة بكل أشكالها خياراً أساسياً ورئيسياً في عملية النضال والتحرير. فمن خلال العودة للمنظمة الجامعة يمكن مواصلة النضال ضد الاحتلال (الإسرائيلي). يجب أن يفهم هؤلاء ومن يروّج لهم أو يدعو لتفهّمهم، ولو مرة واحدة وإلى الأبد، أنه من دون مقاومة مسلحة لن نكون قادرين على استرداد أي شيء.
في معرض الردود على سؤالنا عن المؤتمر: كتب شيمون ماركيفيتش، الناشط البولندي في مجموعة فلسطين بالبولندية "لسوء الحظ فإن الحكومة البولندية تخضع "لإسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية بشكل أعمى، وبهذه الطريقة تضرّ بمصلحة الأمّة البولندية. ويضيف ماركيفيتش: مشاركة قادة المجر والجمهورية التشيكية وبولندا وسلوفاكيا باجتماع في شهر شباط – فبراير الجاري كوزراء لما يسمّى مجموعة "فيسيجراد" لما يسمّى "بإسرائيل" مع العلم أن نتنياهو يريد كسر وحدة الاتحاد الأوروبي في القضايا المتعلقة بالفلسطينيين وإيران.
الحكومة تتعرّض لضغط غريب، لسوء الحظ استسلم رئيس الوزراء البولندي للضغوطات ولم يسأل ان كان لدى البولنديين كأمة ما يمكن الحديث عنه. أما حول سؤال مجموعة فلسطين بالبولندية: ما إذا كنا نريد تنظيم هذه القمّة أم لا؟
"أنا شخصياً أعتقد أن هذا الوضع سيّئ للغاية بالنسبة لبولندا، التي ليس لديها سبب لتصعيد العلاقات مع إيران. الصهاينة كثيرون في بولندا منذ قيام العميل "دانيلز" بتقديم المشورة إلى السلطات البولندية بالنيابة عن ترامب".
في معرض أجابتها على نفس السؤال قالت الدكتورة ايفا آغاتا المتخصّصة في علم الاجتماع من جامعة فروتسلاف، والمناصرة للقضية الفلسطينية:"جميع الحكومات في بولندا بعد سنة 1989 هي حكومات موالية للصهيونية.
حكومات تعلب دوراً بائساً، غير محترم، يشحن الحروب بسبب القرب الجغرافي من روسيا.
سنناقش هذا الموضوع وهذا المؤتمر في محفلنا القادم في مدينة فروتسلاف في 23 فبراير – شباط الجاري، بعنوان " العسكرة في أوروبا، وعنف الدولة وقمع التمرّدات الشعبية ".
الناشطة ماوغوشاتا أورغان كتبت رداً على السؤال:
بولندا تفعل أسوأ الأشياء في الوقت الحاضر.
المؤتمر هو ذروة الغباء، ويشهد على تحيّز وجشع حكومة بلدنا، وعن حقيقة أن الحكام ليس لديهم عدالة، والمال فقط همهم. وأضافت: أنهم قادرون على فعل أي شيء لكل شخص يعطيهم بضعة بنسات. أما الناشط البولندي من أصول فلسطينية في المجموعة، الدكتور عبد القادر مطر فقد كتب ساخراً : (يجب أن يكون العنوان القضاء على القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد).
الناشطة البولندية بيآتا موسكال كتبت :
ماذا أفكر؟
أعتقد أنه أسوأ شيء يمكنهم فعله.
وافقوا على تأجير وارسو للأميركيين و"اليهود".
... ماذا ستكون العواقب؟
لا أريد حتى التفكير في الأمر.
لدينا هذه السلطة، التي لا تلتفت لآراء الخبراء، ولا لموقف
بقية الاتحاد الأوروبي. ولا لرأي المواطنين. العار والغضب
هذا ما أشعر به.
نضال حمد مؤسّس ومدير مجموعة
فلسطين بالبولندية قال:
لا!
لا لتعمية بصر الناس ...
هل يمكن لهذا المؤتمر إدانة الجرائم (الإسرائيلية) في فلسطين المحتلة؟
أو الخروج بنداء يدعو لإنهاء الاحتلال ا(لإسرائيلي ) في فلسطين؟
إو يعلن مقاطعة (إسرائيل) أو منتجات من المستوطنات اليهودية في الضفة
الغربية؟
إذا تم ذلك فإن المؤتمر سيحفظ بعضاً من ماء الوجه في ما يخص القضية الفلسطينية.
على الرغم من أنني أشك في أن شيئاً جيداً سيخرج عن المؤتمر لأنه كما
أسلفنا في أوقات سابقة هو مؤتمر مخصّص لمُعاداة حلف المقاومة والممانعة في شرق المتوسّط.
ولمحاربة ايران لأنها الداعم الرئيسي للحلف المذكور. وبنفس الوقت هو تجربة لتمرير صفقة القرن التي سيسقطها شعب فلسطين المقاوم بغضّ النظر عن موقف سلطة عباس المُبهَم والغامض من هذه الصفقة. إذ لا يعني بيان السلطة رفض المؤتمر أنه ضده فقد يكون السبب الرئيسي للبيان هو عدم دعوة السلطة للمشاركة واستبعادها من المؤتمر.
ببساطة إن أولئك الذين يجتمعون في وارسو أشبه بالعميان، وإذا رأوا شيئاً، فإنهم يرونه كما تراه كل من (إسرائيل) والولايات المتحدة. يعني عميان بعيون صهيونية أميركية.
أما الحكومة البولندية الداعية للمؤتمر فقد غاب عن بالها أو تناست بأن آلاف من البولنديين آوتهم إيران
والدول العربية مثل سوريا وفلسطين كلاجئين أثناء الحرب العالمية الثانية.
بقي أن نذكّر بالموقف الشعبي البولندي المنقسم حول عقد المؤتمر في وارسو. البولنديون منقسمون بين مؤيّد ومعارض وآخر لا مبالٍ. فمناصري الحزب الحاكم مع المؤتمر وآخرون أيضاً من خارج الحزب مع عقده. وهناك بولنديون ضد المؤتمر وسياسة الحكومة البولندية، ومع الحفاظ على علاقات طيبة وجيدة مع إيران ومع العرب. ويؤيدون بقوة الشعب الفلسطيني ويقفون معه لاسترجاع أرضه
وحريته وحقوقه من الاحتلال الصهيوني.
وشهدت وتشهد مُدُن وجامعات بولندية عديدة نشاطات مناصرة لفلسطين وللشعب الفلسطيني سوف تكون أحدثها " أيام فلسطين في مدينتي سوسنوفيتس وكاتوفيتسه " في الأسبوع الأول من شهر آذار -
مارس القادم، بدعوة من رابطة المستعربين في جامعة سيليسيا – مجموعة العصبية -، طلبة لأجل فلسطين وبالتنسيق مع مجموعة فلسطين بالبولندية.