عندما حذّر كاسترو شافيز من أميركا واسرائيل

لم يتأخر بنيامين نتنياهو بالرد على الطلب الأميركي بالاعتراف بزعيم المعارضة الفنزولية خوان غوايدو الذي أقسم اليمين أمام مؤيديه في كاركاس، جاء الطلب الأميركي بعد تعيين إليوت أبرامز مبعوثا خاصا للرئيس ترامب لمتابعة الملف الفنزويلي ولنشر الديمقراطية حسب زعمهم ،إعترف المرشح للرئاسة نتنياهو بشريط فيديو على التويتر بالنائب الشاب رئيسا مؤقتا لفنزويلا.

الإدارة الأمريكية هي بحاجة إلى الجغرافيا السياسة لتفرض حليفها على الواقع الاجتماعي

تحاول "إسرائيل" العودة الى أميركا اللاتينية من بابها الواسع، فبعد زيارة نتنياهو التاريخية إلى البرازيل ومشاركته في حفل التنصيب الرئاسي والحديث بين الحكومتين عن تحالف أخوي واستراتيجي وتعاون وثيق في شتى المجالات، ظهر هذا التحالف بإرسال الحكومة الاسرائيلية طاقما من 136 عسكرياً وفنياً للمساهمة في عملية الإنقاذ إثر إنهيار سد مائي في أحد ولايات البرازيل، إلا أن انتقادات واسعة جاء على لسان نواب وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر أن هذا الإجراء هو جزء من بروباغندا إعلامية اكثر منه تعاوناً حقيقياً بل أن النائب في البرلمان السيد روبرتو ريكاون ذهب إلى أبعد من ذلك حيث كتب على التويتر بأن هذه المجموعة هي قوات اعتداء على فنزويلا وستذهب إلى هناك.
حينما زار الرئيس ترامب بريطانيا استقبله المتظاهرون بأغنية (الأحمق الأميركي ) فكانت أحد المؤثرات للتأثير على البحث في غوغل مما ارتفعت العلاقة بين كلمة أحمق ورونالد ترامب والجدير ذكره أن كلمة الفشل الذريع لاحقت جورج بوش الأبن
وفي العالم الانتخابي اقترنت جملة (ليس هناك الا الاقتصاد وغير ذلك هو حماقة )مع ترشح بل كلنتون في العام 1992 ولعل عودة زعيم المحافظين الجدد إلى الواجهة إليوت أبرامز بما يمثله من خط ريغاني يُؤْمِن بأن القوة تفرض السلام وبما يسعى إليه إلا هو الثورة الديمقراطية العالمية يضع الملف الفنزويلي على فوهة بركان متفجرة نحو كل الاحتمالات.
خلال زيارة محمود عباس إلى كراكاس وقّعت دولة فلسطين اتفاقية تعاون حول الطاقة تعتبر الأولى من نوعها بين حكومة مادورو والعالم الآخر البعيد عن أميركا اللاتينية بموجبه ترسل كاراكاس النفط بأسعار مميزة، والهدف من ذلك هو مبادرة الثورة الفنزولية لدعم الاقتصاد الفلسطيني في محاولة لتحرره من سيطرة السلطة في تل أبيب ولكسر الاحتكار الاسرائيلي لهذه المادة النفطية وقال الرئيس مادورو: "إن فنزويلا ستكون وفية لتعهدها الذي قدمته لفلسطين بعدم التأخر في تقديم كل ما يلزم من أجل رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ومساعدته في إنهاء الاحتلال عن أرضه وإقامة دولته المستقلة” وقد أعلن مادورو بأن الشحنة. الأولى هي 240 ألف بزميل من البنزين والمازوت.

وقد أعرب غوايدو عن شكره لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لاعترافه به كرئيس انتقالي للبلاد. وأشار الى نيته بـ"إقامة علاقات ثنائية مع إسرائيل، مبنية على السلام، والتعاون المشترك، وأخوية بين شعبي البلدين"، وأسند كلامه بأن "فنزويلا صوتت بالإيجاب على قرار الأمم المتحدة رقم 181 (قرار تقسيم فلسطين) عام 1947". ولعل المواقف المبدئية والصلبة لنظام الشافزية الى جانب القضايا الفلسطينية مما أقلق الولايات المتحدة بأن تطرح ورقة النفط على طاولة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم الإدارة الأميركية لدولة الكيان الصهيوني.
وكانت قد دعت الولايات المتحدة "إسرائيل" بالاعتراف بغوايدو رئيساً بالوكالة، ولعل ذلك كان ملفتاً لهذا الطلب مما يستدعي التساؤل لماذا جاء الأمر الأميركي بالعلن وبكل وضوح ...؟ .
في العام 2004 أُتهمت "إسرائيل" بالمشاركة في عملية اقتحام لبعض قواعد عسكرية فنزويلية قرب كاراكاس .ان امتيازات الدول الأجنبية في النفط الفنزويلي سال لعاب الكثير من الدول للاستثمار في الثروة النفطية وفي حقولها الكبرى، فقد قام هوغو شافيز بتأميم شركات النفط الفنزولية تحت مسمى الشركة الوطنية وطلب من إدارتها ان تسثمر في البرامج الإصلاحية، لاقى الرئيس اليساري آنذاك معارضة واسعة، وخاصة بعد إضراب العمال الشهير مما أضر ببرنامجه لأجل النهوض .
كانت الشركة تدفع الإتاوة للحكومة، وهي مقطوعة مالية تصل الى السدس أي ما يقارب 16/ ،إلا ان هذه الشركة أصبحت (دولة داخل دولة) وقد تملصت في أغلب الأحيان من إيصال الأموال المقطوعة، بل قلصتها الى 1/ ،وكل ذلك يجري تحت سوء ادارة وفساد مستشرين بحنكة فائقة.
وفي مقابلة مع أحد القنوات التلفزيونية يذكر شافيز بأن فيدل كسترو حذره من الإدارة الأميركية، منبها إياه بأن الأموال المستودعة في البنوك الأميركية قد تذهب سدى ورقد تجمد وقد تستخدم في الحرب ضده ،مردداً ذلك أكثر من مرة وذلك نتيجة دراسات كان يمسكبأوراقها في يديه . جرت الأيام وتقلبت وإذا بنبؤة كاسترو تتحقق على يدي رونالد ترامب ،فقد جمدت الإدارة الأميركية مليارات الدولارات وبل أكثر من ذلك لقد حول قسم منها للمعارضة الفنزولية، التي تتطمح بالإطاحة بخليفة شافيز في هذه الأيام.
لقد استطاع مادورو أن يحقق انتصاراً بعد الصدمة الدبلوماسية الأولى، فلم تعترف الأمم المتحدة بالرئيس الشاب وفقط استطاعت الإدارة الأميركية جمع 19دولة حول مشروعها الانقلابي، وقد كان التحرك الروسي أساسياً ومؤثراً لقلب الطاولة على رأس ترامب.
بدأت الصدمة الاقتصادية الثانية وبدأت تأثيراتها السلبية الغير قانونية، وهذه التداعيات قد تطول لفترة طويلة فهي ستؤثر على الشعب الفتزويلي برمته، بل ستتدهور الأمور الإنسانية الى السيناريو الأكثر جحيماً. ولعل فترة ثلاثين يوماً أي مايقارب ذلك ستكون حاسمة وخطيرة، وهي المهلة التي أمهلها الدستور لإجراء انتخابات رئاسية، فغواديو في سباق مع الزمن بخسارته الصين وروسيا مما دفعه إلى مغازلتهم برسائل وجهها إليهم، أما الفريق الثاني الأكثر أهمية ألا وهو الجيش الذي ما زال حتى الآن يقف بصلابة إلى جانب مادورو. ويبقى الحسم العسكري أو بالأحرى الصدمة العسكرية لغزو فنزويلا واحتلال أجزاء منها هو الخيار الأخير والأسوء بالنسبة للجميع ،وقد كتب غوايدو ذلك في مقاله في أحد الصحف الأمريكية.


الإدارة الأمريكية هي بحاجة إلى الجغرافيا السياسة لتفرض حليفها على الواقع الاجتماعي. أي التقسيم الجغرافي أو الحرب الأهلية على غرار ليبيا كما صرحت القيادة الإيطالية اليوم. خوان غوايدو ينتظر المحاكمة بالخيانة العظمى، وسترفع الحصانة عنه، والأحكام الجنائية تصل إلى 30 عاماً من السجن وهذا الأجراء من المتوقع أن يطاله بعد مرور الفترة الدستورية، منذ أن أعلن نفسه رئيساً بالوكالة إلا إذا استجد خطر الحسم العسكري، ويبقى اغتيال مادور سيناريو وارد لإنهاء الأزمة الفنزويلية ،وقد كان الرئيس المتمرد على السياسة الأميركية قد اتهم كولومبيا والرئيس ترامب لمحاولة اغتياله في العام الماضي.
الأحداث المتسارعة في فنزويلا تأخذ منحى دراماتيكي وخاصة بعد الدخول الإسرائيلي على خط الأزمة الفنزويلية فالسؤال الدي يطرح هل يتكرر سيناريو البرلمان في أفغانستان حينما دخلت مجموعة استخباراتية وقلبت النظام في القرن الماضي ..؟ الكثير من الأسئلة لا بد من الإجابة عليها في الأيام المقبلة وتبقى حالة الترقب والحظر هي حال الشعب الفنزويلي القابع بين سندان الفقر ومطرقة المصالح الدولية.