انتصار سوريا يعبّد طريق الحج إلى دمشق
يبدو أن إعلان الرئيس الأميركي سحب قواته من سوريا، دفع العرب إلى إعادة حساباتهم والرجوع عما قاموا به بحق سوريا منذ 7 سنوات، ما جعل الانتصار السوري على الإرهاب يبدو جليّاً أكثر، وخصوصاً ببدء استعادة الأراضي الشمالية، وفتح السفارات العربية في دمشق، وعودتها إلى الجامعة العربية قريباً.
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب قواته من سوريا، وتأكيد البنتاغون التوقيع على القرار لم يفاجىء فقط الأوساط داخل الإدارة الأميركية نفسها.
القرار أدى إلى استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، وبريت ماكغورك مبعوث الولايات المتحدة لدى قوات التحالف الدولي.
تحول آخر في المشهد العربي بدأ يظهر إلى العلن يؤكد على أهمية دور سوريا في المنطقة، بعد ثماني سنوات من المقاطعة لها.
ووفق مصادر مطلعة فإن هدف الزيارت والاتصالات إلى دمشق هو "دفع سوريا لتطلب العودة لجامعة الدول العربية لحفظ ماء وجوههم"، بعد انتصارات الجيش السوري على الجماعات الإرهابية.
سبق ذلك زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى دمشق ولقاؤه مع الرئيس السوري بشار الأسد، وهي الأولى لزعيم عربي منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011.
الرئيسان بحثا الأوضاع على الساحة السورية وأكدا على ضرورة إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي قائم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، من دون ذكر تفاصيل أخرى. البشير أكد للأسد أن "سوريا دولة مواجهة وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية".
مصادر مطلعة على المباحثات كشفت أن تكليف الرئيس السوداني بجسّ نبض دمشق حول إمكانية عودتها إلى جامعة الدول العربية كون بلاده ستترأس مجلس الجامعة مطلع العام 2019.
دمشق قالت للبشير "إن من اتخذ إجراءات بإخراج سوريا من الجامعة هم المعنيون بإلغائها أو الإبقاء عليها "لسنا نحن من انسحب من الجامعة العربية لنطلب العودة إليها".
وفي حين تقول المصادر نفسها إن لا مبادرة انفتاح سعودية تجاه دمشق في الأفق القريب، إلا أنها أكدت أن الرياض أبلغت أنها ترحب بعودة سوريا لجامعة الدول العربية.
صحيفة الغارديان البريطانية كانت قد ذكرت أن دول الخليج العربي تتجه لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد ثماني سنوات من طردها منها بذريعة اتهام السلطات السورية "بقمع الاحتجاجات السلمية ضد حكم الأسد".
بعد زيارة البشير لدمشق، أعلنت الإمارات رسمياً إعادة فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات من الإغلاق وقطع علاقاتها مع سوريا. كما أكدت حرصها على إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعيّ مع سوريا، بهدف درء مخاطر التدخّلات الإقليمية في الشأن العربي السوري، بحسب الوكالة الرسمية الإماراتية.
كذلك استأنفت الإمارات التجارة البرية مع سوريا من خلال إرسالها أول قافلة تجارية إماراتية متوجهة نحو الأراضي السورية، ومن ثم اللبنانية عن طريق معبر "نصيب".
وزارة الخارجية البحرينية أعلنت بدورها استمرار العمل بسفارتها في دمشق وأشارت في بيان لها إلى أن السفارة السورية لدى مملكة البحرين تقوم بعملها، والرحلات الجوية بين البلدين قائمة من دون انقطاع.
بالتزامن، القائم بأعمال سفير دمشق لدى عمّان أيمن علوش، دعا الأردن لإكمال طاقم سفارته في سوريا ولرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما.
تسارع وتيرة الاتصالات والزيارات مع دمشق واكبتها تطورات عسكرية على الأرض. الجيش السوري يعلن دخوله إلى مدينة منبج ويرفع العلم السوري فيها، مستبقاً بذلك العملية العسكرية التركية التي لوّح بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لطرد المقاتلين الكرد من الشمال السوري.
دخول أيّدته الناطقة باسم قوات سوريا الديمقراطية، التي أكدت أن "قسد" تعمل مع دمشق لسد الطريق أمام تركيا.
وسبق دخول الجيش السوري إلى منبج، تحذير موسكو لتركيا للبقاء خارج سوريا والسماح للجيش السوري باستعادة المناطق التي سيتم إخلاءها بعد انسحاب القوات الأميركية منها، وفق ما أشارت له صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جدد تأكيده مع نظيره الأردني أيمن الصفدي من موسكو بضرورة دعم المجتمع الدولي لجهود التسوية السيسية للأزمة السورية.
تزامناً، أعلنت موسكو عن مباحثات روسية تركية مكثفة حول سوريا ستجري غداً السبت في موسكو، يشارك فيها وزراء الخارجية والدفاع وممثلي الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب إردوغان، تمهيداً لقمة الدول الضامنة لعملية أستانة حول سوريا والتي ستعقد في روسيا أوائل العام المقبل.
صمود سوريا في وجه الهجمة الشرسة التي تعرضت لها طيلة ثمانية أعوام والانتصارات التي حققها الجيش السوري على الإرهابيين، وإعلان انسحاب القوات الأميركية من سوريا، أعاد فتح العلاقات الدبلوماسية العربية مع دمشق دليل على انتصار النظام السوري والاعتراف بدور سوريا المهم والمحوري في المنطقة، فهل ستحضر سوريا قمة جامعة الدول العربية المقبلة؟.