داعش بين سوريا ومصر
من المُبكر الحديث عن الأمن القومي العربي فما هي كواليس زيارة علي المملوك إلى القاهرة احتمالات واستقراء لهذا اللقاء؟؟
أعلن الإعلام السوري عن زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السيّد على المملوك إلى مصر وذلك تلبية لدعوة اللواء عباس كامل مدير المخابرات المصرية.. لم يكن مُفاجئاً ان يتمّ التقارُب السوري المصري لأنه أتى بعد توافُد العرب على دمشق وفي طليعتهم الرئيس السوداني عمر البشير، وأنباء مُماثلة عن زيارة أمير قطر إلى العاصمة السورية وبعد عودة فتح السفارة الإماراتية في دمشق وبالأخصّ بعد الإعلان عن الانسحاب الأميركي من شرق الفرات.
- هذا الرجوع العربي من موقع العداء إلى موقع التلاقي والحوار لهو حاجة لكل دولة على حدة وضرورة إقليمية عربية في الدرجة الأولى وإسلامية في الدرجة الثانية . وهذا ما أشار إليه عمر البشير حيث تحدّث عن التقارُب العربي والسيادة لكل دولة والشعب العربي. فهو أول رئيس عربي يزور سوريا بعد أحداث 2011 التي تمّ على أثرها تجميد عضوية الدولة السورية في الجامعة العربية.
- التنسيق الأمني بين القاهرة ودمشق لم ينقطع منذ 2016 على درجاتٍ متفاوتةٍ حسب ما نقل بعض المسؤولين السوريين . فليس كل الاجتماعات السرّية تمّ الإعلان عنها، وفي الخبر الذي أوردته سانا أشارت إلى الاهتمام المُشترك في القضايا السياسية والأمنية. فمن المُبكِر الحديث عن أمن عربي او أمن قومي عربي بالأحرى بعدما دمّرت العداءات العربية كل ما يُسمّى الأمن العربي بمشاركة أغلب الدول العربية في الحرب الكونية على الشعب السوري، ولكن لكل شيء بداية أو عودة إلى الأمن القومي المُمزّق سابقاً وقد يكون لاحقاً إذا لم يعد العقل العربي إلى حكمة الرحمة والرُشد. فعودة العرب إلى دمشق وخاصة القاهرة تشكّل علامات فارِقة في العمل السياسي القادم، فالقاهرة هي مركز الجامعة العربية فهل هناك خريطة طريق لعودة دمشق إلى الجامعة العربية وإذا كنّا مُنصفين هل ستعود الدول العربية من موت العروبة إلى حياتها الدمشقية؟
- لقد كان مُلفتاً في قمّة الخليج الأخيرة بأن بيانها تجنّب مُهاجمة الرئيس الأسد، وكذلك كان لأمير الكويت موقف داعم للحوار والتلاقي مع الدول العربية والإسلامية ، فهل يقبل الرئيس المُنتصِر بشّار الأسد الرجوع إلى الجامعة العربية؟
- فمن المتوقّع أن يقبل إبن الزعيم العربي حافظ الأسد السياسي المُحنّك ولاعتباراتٍ عديدة ٍالحضور في القمّة المقبلة في تونس، ومن الممكن ليس على مستوى رئاسي وقد يكتفي الأسد بالتمثيل لدبلوماسي رفيع المستوى كبادرة حُسن نوايا.
- الأمور في الدولة السورية الخارجة من انتصار على الاٍرهاب الدولي والداعشي على السواء، ذاهبة حسب التحليل المنطقي وبالرغم من الترقّب بعد الانسحاب الأميركي والموقف التركي المُتراجِع إلى واحة السلام، حيث أعلن السيّد أردوغان عن وقف العملية العسكرية ضد الكرد وأن ليست له أطماع في سوريا ، أي بجملة أخرى بأن تركيا ستنخرط في التسويات السلمية على الأراضي السورية وعلى قاعدة محور إيران روسيا تركيا.
- داعش التائهة إلى أين؟
لعلّ المصريين أدركوا أن احتمال أن تكون سيناء الحاضِنة الجديدة لداعش وأخواتها فشعروا بالخطر الجدّي وذلك لتلاقي المصالح الإسرائيلية بتسخين الأوضاع وتفجيرها في شبه جزيرة سيناء يحقّق الأمن الإسرائيلي والحصار على غزّة المُنتفضة والمُلتهبة من البوابة المصرية غير المُنضبطة، وهكذا يضربون الحديقة الخلفية للشعب الفلسطيني.
وقد يأخذ التعاون الأمني المصري السوري منحى أكثر تلاصقاً لأن سوريا المقاوِمة والداعِمة للقضية المركزية القدس لن تفرّط بثوابتها، وكما هي في صُلب محور المقاومة ما يفرض عليها بأن تتبادل المعلومات بين الطرفين التي ستأخذ خطاً ساخناً ومطرداً على أعلى مستويات بين الدولتين.
- الاحتجاجات في السودان قد تكون لها تداعيات مباشرة على المصريين فتنتقل العدوى إلى القاهرة وبلاد النيل التي تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية خانِقة على أرضيّة الإخوان الحانِقة على السيسي.
ويبقى الأمن القومي العربي هاجس كل مواطن عربي المُثخَن بالجراح من الحروب الطائفية الخبيثة، فهذا العربي يُردّد بصوتٍ عالٍ : لقد نسيَ الحُكّام العرب عدوّهم وخصمهم الأساسي ألا وهو الدولة العبرية ، فما هو مصير التطبيع وما هو مصير صفقة القرن؟ فهل كانت هناك رسائل بين المملوك وعباس حول اتفاق الهدنة ببن الكيان العبري والدولة السورية؟ إن غداً لناظره قريب.