الحديدة ومعركة كسر العظم
تُعتَبرُ معركة الساحل الغربي معركة "كَسْر العَظم" ومعركة التحدّي والمصير لجميع الأحرار والوطنيين من أبناء الشعب اليمني بجميع مكوّناته وأحزابه، وبالتالي فإن هذه المعركة المفصلية تكتسب أهمية خاصة واستراتيجية لأنها البوابة الرئيسة والوحيدة التي تحافظ على سيادة اليمن ووحدته من الغُزاة والمُعتدين، الذين يطمعون في كَسْر إرادة الشعب اليمني وتجويعه وحصاره وجعله تحت سلطة الآمر الأميركي والسعودي والإماراتي.
تُعتَبر محافظة الحُديدة شريان الحياة اليمنية وقلب الملاحة البحرية؛ التي تجعلُ من الساحل الغربي المعركة المفصلية والتي تُحدِّد بوصلة المسار الاستراتيجي للأزمة اليمنية.
فمنذ بداية العدوان على اليمن في 26 آذار/ مارس من العام 2015 لا زالت تعيش محافظة الحُديدة واقع المأساة المعيشية والإقتصادية بكل مُقوّمات الحياة البشرية، لأن محافظة الحديدة لها أهمية كبرى في العُمق الاستراتيجي والعسكري والاقتصادي، وتطلّ 12 مديرية من مديريات محافظة الحديدة على سواحل البحر الأحمر.
فميناء الحديدة يمثلُ الشريان المعيشي والاقتصادي لأغلب المحافظات اليمنية التي تتغذّى بالمواد الأولية والصحية والطبية، وخاصة في هذه الظروف الاستثنائية والتاريخية التي يمرّ بها الشعب اليمني من عدوانٍ أميركي سعودي جعل من الأرض اليمنية مسرحاً مفتوحاً لكل العمليات الإجرامية والإبادية بحق المدنيين والأبرياء من أبناء الشعب اليمني.
وتُعتَبرُ معركة الساحل الغربي معركة "كَسْر العَظم" ومعركة التحدّي والمصير لجميع الأحرار والوطنيين من أبناء الشعب اليمني بجميع مكوّناته وأحزابه، وبالتالي فإن هذه المعركة المفصلية تكتسب أهمية خاصة واستراتيجية لأنها البوابة الرئيسة والوحيدة التي تحافظ على سيادة اليمن ووحدته من الغُزاة والمُعتدين، الذين يطمعون في كَسْر إرادة الشعب اليمني وتجويعه وحصاره وجعله تحت سلطة الآمر الأميركي والسعودي والإماراتي.
وهنا نلاحظ أنه بات من الواضح أن واشنطن تقف كلياً وراء التصعيد في الساحل الغربي تحت ذريعة حماية الملاحة البحرية والدولية، وتقوم بالتصعيد العسكري عبر أدواتها السعودية والإماراتية ومستمرة في دعمها اللوجستي والمخابراتي رغم كل المجازر والجرائم التي يقوم بها العدوان بشكلٍ يومي في المناطق والمحافظات اليمنية، والتي تخالف القوانين والأعراف الدولية ولا تحترم المبادئ السيادية والمُحقّة للشعوب والأوطان المُستقلّة.
ويبدو أن واشنطن قرّرت إيكال مهمة الهجوم - العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية - على الحديدة لأبو ظبي، لعدّة اعتبارات أبرزها علاقة الإماراتيين وتنسيقهم مع الكيان الإسرائيلي، وأيضاً خيبة أمل الأميركي من الأداء السعودي العسكري الهزيل في سنوات العدوان الماضية، والتي كانت نتائجها عكسية تكبَّد من خلالها خسائر بشرية فادحة وانعكاس سلبي على المستوى الشعبي في الشارع الخليجي والعربي.
والواضح من خلال المُعطيات الميدانية والعسكرية أن أبو ظبي تعتبر معركة الحديدة معركتها والتي لا بُدّ من أن تحسم فيها وجودها، رغم أنها منذُ بداية العدوان على اليمن فضّلت العمل في مناطق الجنوب، ووضعت يدها على الموانىء الساحلية الجنوبية وشرعت ببناء منشآتها الخاصة في أكثر من ميناء على امتداد الساحل الجنوبي من الحدود مع سلطنة عُمان شرقاً إلى ميناء عدن غرباً، وحرصت على سيطرتها على الجُزر اليمنية في بحر العرب وأهمها جزيرة سو قطرى وصولاً إلى جزيرة ميون عند مضيق باب المندب.
ولا بدّ لنا من أن نشير إلى حجم المأساة الحياتية لأبناء الحديدة وفقاً للتصريحات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والتقارير الأممية، فقد حذّرت منظمة "أنقذوا الأطفال" من أن المجاعة باتت تُهدّد مليون طفل إضافياً في اليمن بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقالت المنظمة الإنسانية البريطانية: إن الهجوم على الحُديدة سيزيد عدد الأطفال المُهدَّدين بالمجاعة في اليمن إلى 5،2 مليون طفل، وأن أيّ اضطراب في إمدادات الغذاء والوقود التي تمرّ عبر الحديدة يمكن أن يسبّب مأساة على نطاق غير مسبوق في اليمن.
من جهته صرّح رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ماليبياند: أن هناك أطرافاً دولية تعمل لإبقاء ما يدور في اليمن بعيداً عن أنظار العالم، وأن الأوضاع ستزداد تفاقماً أكثر مع تدهور الأوضاع في الحديدة، وهناك الكثير من التصريحات الواضحة على حجم المعاناة للحياة البشرية لأبناء محافظة الحديدة، ما يستدعي تسليط الضوء بشكلٍ كاملٍ كي يتم الضغط على المجتمع الدولي والبرلمان الأوروبي ليتحرّك وفق القِيَم الإنسانية والثوابت الحقوقية التي ترعى الحريات للشعوب والمجتمعات.
والجديرُ بالذكر إننا نرى زخماً اٍعلامياً لقوى العدوان وبروبغندا سوداء لانتصارات وهمية لما يُسمَّى الجيش الوطني ولواء العمالقة المدعوم إماراتياً، وسيطرتهم على المنطقة ودخولهم إلى وسط المدينة، وهناك الكثير من قنوات التضليل الإعلامي والمواقع والصُحف التابعة لعملاء الرياض وأبو ظبي كي تحقّق انتصارات إعلامية وتُضلّل الرأي العام، والتي تُناقِض كلياً المهنية الإعلامية والصحفية لمصداقية الخبر.
إن التحدّي الاستراتيجي والعسكري للقوى الوطنية اليمنية مُتمثلةً بالجيش واللجان الشعبية وأبناء القبائل والأحرار الذين قدَّموا أنموذجاً للوطنية والسيادة، وحافظوا على وحدة وتماسُك أبناء الوطن ضدّ قوى الغزو والاحتلال وقدَّموا أسطورة الثبات وأيقونة السيادة اليمنية في أعظم معركة وجودية على تاريخ اليمن.