أميركا تفتح جبهات حرب في كل القارات

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفتح جبهات معارك سياسية وتجارية مع أكثر من دولة، وأكثر من حليف سابق لأميركا أمس ، ليصبح في خانة أو قائمة العدو وليس المنافس مثلما وصف الرئيس الروسي بوتين في الشهر الماضي في هلسنكي.

أخذت إيران نصيبها من العقوبات الأميركية، بل ووصلت إلى أن تأمر أميركا الكثير من الشركات الأوروبية والعالمية

حتى وإن سلّمنا أن الولايات المتحده الأميركية هي الدولة الأعظم والأوحد والقطب الواحد في عالمنا هذا، إلا أنه من المستحيل أن تصمد أميركا في مواجهة كل تلك الجبهات التي فتحتها على نفسها في هذا العام.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفتح جبهات معارك سياسية وتجارية مع أكثر من دولة، وأكثر من حليف سابق لأميركا أمس، ليصبح في خانة أو قائمة العدو وليس المنافس مثلما وصف الرئيس الروسي بوتين في الشهر الماضي في هلسنكي.

ومن الطبيعي أن تنتقل المعارك السياسية والتي بدأها بتغريدات وقرارات إلى معارك تجارية واقتصادية، وليس غريباً إن استمر ترامب في حكم أميركا، واستمر في تغريداته القاسية المباشرة إلى رؤساء دول أن ننتقل إلى ما هو أخطر من الحرب التجارية والاقتصادية.

فمن هجومه على المكسيك وتهديده لها ببناء جدار على الحدود للحد من المهاجرين من الدول المجاورة، إلى هجومه على رئيس وزراء كندا ترودو، واتهام ترامب له بالكذب، وهنا يكون ترامب وأميركا قد فتحت جبهة على نفسها في القارة الأميركية الشمالية أما الجنوبيه فهي ليست على وفاق من قبل ومنذ سنوات.

ولو ذهبنا إلى أوروبا فقد هاجم ترامب الأوروبيين أكثر من مرة، وأكثر من قائد دولة فيها، ولم يسلم من تغريداته أكبر قادة أوروبا ، بل وضعهم في موقف حرج عندما انسحب من اتفاقية المناخ وأخيراً من الأتفاق النووي الإيراني.

ولو عرّجنا على الروس فقد أخذ نصيبه بوتين من ترامب بما فيه الكفاية، وسنّ عقوبات تجارية وأخلّ باتفاقيات في الشأن السوري، مثلما صرّح الروس مما فقد الثقة بين الدولتين واهتزت علاقتهما ووصلت إلى مستوى الشك في أية اتفاقية تتم بين البلدين مستقبلاً.

وأخذت إيران نصيبها من العقوبات الأميركية، بل ووصلت إلى أن تأمر أميركا الكثير من الشركات الأوروبية والعالمية، وتهدّدها بعقوبات إن هي تعاملت مع إيران ، وتلك صفعة قوية وجّهتها أميركا للشركات الأوروبية، جعلت أوروبا تعجز في مقاومة تلك التهديدات الأميركية أو الوقوف في مواجهتها.

والصينيون كانوا أول الضحايا للعقوبات أو الضرائب الكبيرة على مصانعهم وصناعاتهم، التي يصدّرونها للسوق الأميركي الكبير، ما حدا بالصينيين إلى ردّة فعل معادلة ولازلنا في أول الطريق في الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين في العالم.

وعودة على بدء، عادت أميركا تفتح جبهة كوريا الشمالية، والعقوبات وأتوقّع المزيد من التصريحات الساخنة في الأيام القادمة ، حيث التحالف الكوري الشمالي والصيني، سيكون أحد ردود الفعل للعقوبات الأميركية على الصين، وهنا يبدو أن الجميع بدأ يستخدم أسلحة متعدّدة في استمرار المعارك الاقتصادية

ووصل تسونامي تغريدات ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية للقارة السمراء، والضحية هذه المرة جنوب أفريقيا، فانتقد بيع أراضٍ اعتبرها للبيض (وهو رجل أبيض) ما أغضب حكومة جنوب أفريقيا ووصله الرد من وزارة خارجيتها.

وفي العشرة أيام الماضية الأخيرة أشعلت أميركا بلسان رئيسها ترامب معركة التصريحات السياسية والقرارات الاقتصادية المفاجئة والممزوجة بالتهديد والوعيد وهذه المرة على الحليف القديم تركيا.

وهبطت بسبب ذلك الليرة التركية، وأعلن ترامب تهديده لتركيا وأصدر قرارات وعقوبات على تركيا، وردّت تركيا بالمثل حفاظاً على مكانتها وتاريخها، وكأن الحلف والصداقة القديمة منذ الحرب الباردة وحلف الناتو وقاعدة أنجرليك لم تشفع لتركيا أو تجعل ترامب يقيس قبل أن يغرّد بحدّة على تركيا.

حقيقة يحتار المتابع للشأن الأميركي مع العالم وعلاقتها مع الحلفاء والأصدقاء، ولن يجد بوصلة توجّهه ليتوقّع المُمكن وغير المُمكن من التصريحات والقرارات الأميركية ، والتي مسّت أضرارها القريب والبعيد، والحليف والصديق. حتى دول الخليج أخذت نصيبها من التصريحات والتغريدات الحادّة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر . فقط دولة واحدة في العالم لم يمسّها ترامب بأي أذى أو تصريح أو تغريدة، ألا وهي إسرائيل، وهنا لا نحتاج إلى أن نكون حصيفين وسياسيين ومُحلّلين من طرازٍ عالٍ. فالمسألة تكاد تكون أشبه بعمله ( ما دام هو رجل أعمال ) بوجهين لكن القيمة واحدة.

تُرى كم من الوقت سيستمر ترامب في التغريدات والتصريحات الحامية والقرارات الجائرة على البشر من كل مكان ومن كل القارات!

في تصوّري وتوقّعي إن استمر هذا الرئيس يحكم أميركا للفترة القادمة، وبعد نهاية فترته إن لم تحصل مفاجأة توقف ذلك، فإن الحرب بين أميركا والعالم ستنتقل من تجارية واقتصادية إلى مرحلة أصعب، قد تؤدّي إلى خنق وانهيار كيانات كبرى في العالم ، فأميركا بالفعل دولة كبيرة وكبرى ومؤثّرة على الاقتصاد العالمي، وفي نفس الوقت لا أظنّ أن العالم سيقف متفرّجاً واقتصاده يضمحل وينهار، فالأنهيار الاقتصادي هنا قادم لا محالة ما دامت كل جبهات القارات مشتعلة والدولار هنا هو العَصَب المُحرّك.