"في اليمن ذُبحت طفولة الإنسانية"
على مدى سنوات عديدة وطفولة اليمن لا تزال تحت نيران عدو لا يعرف عن الدين والأخلاق والإنسانية شيىءً، وعلى مرأى ومسمع عالم لا يقل عنه دموية وإجراماً ووحشية، فالأول يقتل بطائراته وصواريخه وذاك الآخر يقتل بصمته وسكوته، ويقبل على نفسه وصمة العار لتاريخه ومستقبله، ويصمت جوارحه حتى لا يصبح في قائمة النضال، ويخشى أن تصيبه أوهام المعتدين ..!
نعم هذه هي الحقيقة وهذا هو المشهد المؤلم على طفولة الإنسانية ونحن نلاحظ بين الحين والآخر أنهم لم يستثنوا بصواريخهم المعتدية أحدا ..!
وها هو الحال أننا نراها تنزل دون استئذان لتداهم الأبرياء دون رحمة وتحولهم إلى أشلاء متناثرة..! تأتي طائراتهم لتقذف صواريخها وترحل تاركة خلفها رائحة الموت لا تفريق بين مدني ولا محارب، لا بين الصغير والكبير. لقد صبوا جام حقدهم على كل آثار الحياة والإنسان، وجعلوا من اليمن مسرحاً عبثياً لتجارب أسلحتهم الملطخة بدماء الأبرياء من أبناء الشعب اليمني ..!
وفي النتيجة نرى جميعهم مدنيين أبرياء، نساء وأطفال، رجال ومسنون، ذكور وإناث، وكأنها تريد أن تكون عادلةً في إجرامها فتقتل الجميع بلا استثناء. طفولة اليمن أصبحت عنوانا لكل مظلومية العالم لأن اختزنت بين كفتها حروف الأوجاع وأبجدية الآلام ..!
وهنا لا بد من تذكير بالإحصائية التي فاقت التصور حول الجرائم المستمرة من قبل التحالف السعودي الأميركي بحق طفولة اليمن. فقد بلغ عدد القتلى من الأطفال ما يقارب 3359 والجرحى 3310 وإجمالي الضحايا 6669 بحسب إحصائية المركز القانوني للحقوق والتنمية.
وهنا نُذكر بالجريمة الكبرى بحق أطفال اليمن الخميس بتاريخ 9\8\2018، طلاب ضحيان في مدينة صعدة الذين استهدفهم طائرات التحالف السعودي الأميركي بغارة معتدية لا تقل بشاعة عن سابقاتها، راح ضحيتها حوالي 51 شهيداً و 79 جريحاً جُلُّهم من الأطفال والمدنيين الذين كانوا في طريقهم إلى مركزهم التعليمي..
وهذه الجريمة التي استنكرتها منظمات دولية وإقليمية وأكدت على عدم مشروعية الغارات والمجازر على المدنيين والأبرياء من أبناء الشعب اليمني لم تغير من موازين المعادلة شيئا..!
هذه المشاهد وغيرها التي تخالف كل قوانين الإنسانية وتضرب بها عرض الحائط، ولا تبالي بأي من الأعراف الدولية والتي تحرم كل أنواع القتل ضد الطفولة، وتجعل من قضايا الإنسانية عنواناً عريضاً وخطاً أحمراً في المحكمة الدولية ومجلس الأمن الدولي، وتُقيم العقوبات والحروب على من خالفها؛ إلا أننا نجدها في اليمن غائبةً عن ذلك بكل قوانينها وبرامجها، وهذا ما يجعل دول العالم مسرحاً للعبة الأمم وعشوائية القرار لمن يملكُ القوة…!
ونلاحظ ردود الفعل الدولية ولعل أبرزها منظمة اليونسيف التي سألت في تصريحها بعد جريمة طلاب ضحيان: هل يحتاج العالم إلى المزيد من الأطفال القتلى لوقف الحرب على اليمن؟ ولا أعذار بعد مقتل العديد من الأطفال في الهجوم على صعدة.
ونجد من يساوي بين الضحية والجلاد في مواقفه، وها هي منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة تقول: أطراف النزاع في اليمن يجب أن تلتزم بالقانون الدولي… ثم يقولون إنها الأزمة الإنسانية الأسوا في العالم!
إذا كانت قضية اليمن بهذا الحجم فلماذا كل هذا التغاضي عما يحدث رغم المجازر المهولة بحق المدنيين والأبرياء؟ لابد من إعادة النظر في كل ما يحدث حتى تجدي نفعا في إيقاف الحرب العدوانية على كل مقومات الحياة اليمنية..
والمفارقة العجيبة حين تسمع تبريرات العدوان بأنهم قصفوا أخطر شبكة كانت تعدُ للمنظومة الصاروخية والقتالية، ويتباهون بكل هذه الجرائم وأنها ضمن رصد دقيق وعمل مخابراتي تتبع كل خطواتهم؟! هل يعقل أننا في القرن الواحد والعشرين بكل تطوره في برامج التكنولوجيا الحديثة أنها لم تستطيع أن تفرق بين الأطفال والمقاتلين؟! ..
إنّ هذه الجرائم العدوانية بحق أطفال اليمن كفيلة بأن تكون السبب الرئيسي لملاحقة النظام السعودي والإماراتي في كل المحافل والمحاكم الدولية، وتعريته أمام الرأي العام حتى لا تبقى أي مبررات حول مشروعية اعتدائه على اليمن، لأننا نلاحظ بالجرم المشهود أنها جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي ولا تقبلها المواثيق والمعاهدات الدولية، فضحايا القنابل العنقودية شاهدة على دموية الإجرام بحق أطفال اليمن وعلى مدى سنوات عديدة..
هل أصبح ضمير الإنسانية ميتاً إلى درجة أنك لم تعد تفرق بينه وبين حروف الصمت وابجدية السكوت؟ أين هي الشرعية الدولية و"الأمم المتحدة"، ومجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بل أين هي شعارات الإنسانية والحرية ومدعي الثقافة الإنسانية؟! هل أصبح معنى الحيادية عدم التدخل في الدفاع عن الطفولة؟! أين القوانين والشرائع واللوائح الدولية التي تنادي بحفظ وصيانة الدماء واحترام إنسانية الإنسان؟ ألم تعد كافية تلك الجرائم حتى تصبح المعادلة واضحة لكل من لازال ينظر بنظرات واهمة حول ما يحدث في اليمن ..؟