حلول المشاكل الصعبة ليست مستحيلة
قد نتّفق كلنا، على أن أغلب حكومات العراق ما بعد عام 2003، فشلت بامتياز في تقديم ما هو متوقّع منها كمؤسّسة.. إلا من نماذج فردية بسيطة، نجحت هنا أو هناك، لكنها كقطرة في بحر.
قد نتّفق كلنا، على أن أغلب حكومات العراق ما بعد عام 2003، فشلت بامتياز في تقديم ما هو متوقّع منها كمؤسّسة.. إلا من نماذج فردية بسيطة، نجحت هنا أو هناك، لكنها كقطرة في بحر.
هذا الفشل سبّبته عوامل كثيرة، لسنا في صدد مناقشتها.. ومشاركون عدّة، نحن كمواطنين جزء منهم وفي مقدمهم.
بعيداً عن جَلْدِ الذات، والشعور بالنقص الذاتي، والرغبة بلعب دور الضحية المزعوم.. فلنفهم مشكلة فيها عدّة أطراف، يجب أن يفكّر كل طرف، بمساهمته في هذه المشكلة، مهما كانت نسبتها، قبل أن يناقش دور غيره فيها.. ولكي تحلّ مشكلة يجب أن تعالج مُسبّباتها والعوامل الفاعِلة والمشاركة بحصولها، والأهم من كل ذلك أن تحدّد دور كل مُشارك في الحل.
يميل الإنسان بطبيعته لرمي مسؤوليته والتزاماته على غيره ويزداد هذا الميل إن كانت المسؤولية تتعلّق بدور في صنع مشكلة وتقصير في دور مُكلّف به هذا الطرف أو ذاك.
كلما فهمنا دورنا وحدّدناه بدقّة، ولم نتنكّر لأصل المشكلة، كان الوصول إلى الحل ممكناً وربما سهلاً ميسوراً وفي متناول اليد.. وكلما زاد عنادنا وإنكارنا بقيت الحلول تدور في حلقة مفرغة.. وربما لن نصل إلى نتيجة مطلقاً.
لا يمكن وصف وضعنا العراقي، إلا بالشائك والمُعقّد والمُتداخِل، وساذج من يظن أن مشكلتنا تتعلّق بالخدمات أو الكهرباء فحسب.. رغم أن كل تلك الأمور هي مشاكل حقيقية ومُزمِنة وتحتاج لمعالجات وحلول، لكنها ليست الأساس الذي يجب أن تنطلق منه، الحلول المنظّمة والمُعالجات الحقيقية لوضعنا المُتردّي.
قبل أن نفكّر في أيّ حل لمشاكلنا، يجب معرفة ما هو المطلوب منا كمساهمة في حلها؟ فهل حدّد كل منا دوره؟ وهل هو مستعدّ لأدائه؟!
كشفت الاحتجاجات الأخيرة التي اجتاحت وسط وجنوب العراق عن تراكُمٍ في الغضب الشعبي تجاه تقصير الحكومة وساستها.. وكشفت أيضاً، أننا كمجتمع لازلنا نرفض الاعتراف بدورنا في تلك المشاكل، ولازلنا نبحث عن شمّاعات نحمّلها كامل المسؤولية، مُتنصّلين ضمنياً عن مشاركتنا الفاعِلة في عملية الفشل والفساد المُستشرية.
بعض ممّن حاول أن يتصدّر المشهد الإعلامي لتلك الاحتجاجات أو على الأقل حاولت فضائيات تابعة لحكومات غربية أو أقلية، أو تموّل وتعمل بأجندة منها تحميل المرجعية الدينية مسؤولية الفشل الحاصل!
بعض آخر، سوّق لفكرته القديمة بضرورة تحجيم دور المرجعية.. والغريب في تلك الفكرة، أنهم أنفسهم يطالبون بموقف منها وهي تحثّ في خطبة تلو أخرى، وتدعو الأمّة لتحمّل مسؤولياتها بنفسها.. لكننا إما نتكاسل عن تحمّل هذه المسؤولية، أو نؤدّيها بأسوأ الخيارات، وبعد ذلك كله.. نبحث عن كبش فداء نحمّله مسؤولياتنا ومن أخترنا؟!.. المرجعية!
المُتابع المُنصِف لمواقف المرجعية وتنبيهاتها وتوجيهاتها منذ عام 2003 ولحد الآن، سيلاحظ أن مواقفها دوماً كانت مدافعة عن الشعب وحقوقه، وتوجيهية تربوية تدفع باتجاه تحفيز المواطن كفرد والمجتمع كمجموعة، لتحمّل مسؤولياته، فمن تحفيز شديد للمشاركة بالانتخابات وصولاً لترك الخيار الكامل للمواطن بالمشاركة من عدمها، مع بيان المصلحة والمفسدة بكل خيار.. فهل من تربية وتشجيع أفضل من ذلك؟
رغم أنه كان متاحاً لها وخصوصاً بدايات ما بعد سقوط نظام البعث، أن تتمسّك بزمام السلطة وتحتفظ بها ولو من وراء ستار صوَري لكنها عملت ودفعت بكل قوّة لتتولى الأمّة شؤون أمرها.
مشاكلنا صعبة لكنها ليست مُستحيلة.. وحلّها يمكن أن يبدأ عندما نتوقّف عن البحث عن شمّاعة نلقي عليها أخطائنا ونحدّد مقدار مشاركتنا بحصولها، ونتحمّل مسؤولياتنا في تصحيح ذلك.