في ذكرى اغتيال محمّد البراهمي

يُصادف الخامس والعشرين من تموز/يوليو الجاري الذكرى الـ5 لاغتيال الناشِط السياسي التونسي محمّد البراهمي، صاحب "الابتسامة البريئة" و"الكلمة الحرّة.

ضريح محمد البراهمي في تونس (أ ف ب)

محمّد البراهمي .. رجلٌ اختزل هموم شعبه وقضيّته، ولملم ملامح وطن لم يره يوماً إلا كلاً مُتكاملاً وحقاً يأبى أن يفرّط في ذرّة تراب منه. رجل رحل ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن المسلوب. إنه عربي  القلب والهوى.

كان يوم 25. تموز/يوليو 2013، يوماً أسود في تاريخ العائلة القومية في تونس، باغتيال الحاج محمّد البراهمي حيث كان عضواً في المجلس التأسيسي وكان أشدّ شراسةً في الدفاعِ عن ثوابتِ الأمّة وكان "يختزل الوطن في مشواره ". زمن اغتيال الحاج كان زمناً فاصلاً حينها، الاحتراب على أشدّه حول معركة الحريات مع مَن هم يناورون بالوكالة عن يوتيبيا الخارج وكان يؤمن بأنه من الضروري مُجابهة الفكرة بالفكرة ، التصدّي للمشروع التكفيري في جبهته الأصلية. 

يُعدّ الورثة الأصليون لهذه الدولة، هم مَن نشأ فيهم الشهيد، مَن ترعرع بينهم وبين براثن الفكر، يعتبر العدو أن الفكر القومي هو الأخطر على إمكانية التوطين في المنطقة بالنسبة إليه. لهذا نقول إن امكانيات العدو تبقى أبقى وأشمل مادمنا لم نعِ أن قوّة المشهد السياسي في التقاء القوى الوطنية على الحد الأدنى من الوطن. ربما سيعتبره العديد أنها جدلية مفارقة بين مايُقال وبين الممارسة، بين الكائن وما يجب أن يكون، بين الفكر ة والعمل. 

بعد خُماسية الزمن لازال دم الشهيد على قارِعةِ الطريق أمام منزله، لم يُكشَف قاتِل الشهيد، وربما لن يُكشَف، هكذا في وطنٍ يغتال الشهيد ألف مرّة في اليوم. نقترب أحياناً من نثر الحياة، وآثر بعض آخر لغة من خشب. وُعِدوا، في الحالين، بمدينةٍ تنصف الأحياء، وتردّ الاعتبار إلى أمواتٍ جمعوا بين الأحلام والخيبة. حين يقرأ الإنسان الثوري واقعه «بعين الفكر العلمي» يرى الزمن القادم ويصبح امتداداً للفكر العلمي في آن.

علينا أن نؤمن بأننا ضد الظاهر من الأمور وضد الوعي المُتسطّحِ في البديهي وضد التجريبي الخادِع، رحم الله الشهيد و بئس مَن كانوا رقمنة استغلال لدم الشهيد كي يتمكّنوا من التمركُز في المؤسّسات الحزبية داخل عمل متنوّع في مشهد مخترق.