كيف يرتسم البشر في نظر الحيوان؟
الحيوانات التي تعيش معنا على هذا الكوكب لا ترى الأشياء مثلما نراها، فعيونها ترى كل التفاصيل عنا بشكل مختلف تماماً عمّا نشهاده ونراه نحن، خصوصاً في ما يتعلق بالألوان والملامح.
الشعر الناعم بين الأبيض والأصفر، بشرة بيضاء اللون، وجهٌ يعبّر عن مدى تقدّم الشخص في السن ووصوله إلى مرحلة الشيخوخة، هكذا نرى نحن بنو البشر صورة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب كمثال ، ولكن ماذا عن الحيوانات؟ هل ترى أشياء في عالمنا كما نراها نحن؟
تخيّلوا معي أنّنا قمنا بحمل صورة الرئيس ترامب وعرضناها لمُعظم الحيوانات على الأرض ، وأننا لدينا قدرة علمية تمكّننا من توثيق كيف بإمكانها أن تصف الصورة ، تُرى كيف سترى الحيوانات رئيس الدولة الأقوى في العالم؟
حتى أجعل الأمر أكثر بساطة بالنسبة إليكم، دعونا نتّفق على أن معظم الناس قادرون على وصف أية صورة، طالما أنهم يمتلكون نظراً جيّداُ ويبدون بصحة جيدة من الناحية الطبية، لا أقصد هنا الوسامة من عدمها، بل نتحدّث عن وصف الشكل. لون الشعر والبشرة والعينين وما إلى ذلك.
لكن الحيوانات التي تعيش معنا على هذا الكوكب لا ترى الأشياء مثلما نراها، فعيونها ترى كل التفاصيل عنا بشكل مختلف تماماً عمّا نشهاده ونراه نحن، خصوصاً في ما يتعلق بالألوان والملامح.
الحيوانات الأليفة
على عكس البشر، لن تتمكّن الكلاب والقطط من رؤية صورة الرئيس دونالد ترامب بالألوان كما نراها نحن ، فأنواع عدّة من الكلاب والقطط لديها ما يسمّى "عمى الألوان" (هو عدم القدرة على التمييز بين بعض الألوان أو كلها)، والبعض الآخر يشاهد الأشياء أقل وضوحاً مما نراه نحن.
ولكن ، على عكس البشر ، فهي يمكنها أن ترى في الظلام أكثر وضوحاً مما نراه نحن، ما يسمح لها برؤية الفريسة مهما كانت شدّة الظلام.
كم عدد المرّات التي قمت فيها بطهي الطعام في مطبخ منزلك وإن لم تكن رائحته مميّزة ووجدت قططاً مُجمّعة على سلالم البيت في انتظار أن تقدّم لها بعض الطعام؟
للقطط والكلاب قدرة كبيرة على الشمّ ، والاستماع إلى الأصوات مهما كانت باهِتة، وهاتان الحاستان اللتان تُمكناها من التعرّف على العالم من حولنا ، وكل ما يحدث ، ربما أكثر من النظر.
عندما نسير في الشوارع نحن البشر، نرى أمامنا فقط. وعندما يحدث شيء ما بجوارنا أو خلفنا، نحتاج إلى الالتفات لكي نتمكّن من رؤيته، ولكن الأمر مختلف تماماً مع القطط والكلاب. فهي تمتلك قدرة عالية على النظر بشكلٍ محيطي ما يمكنها من مشاهدة كل شيء بشكل أعمق وأشمل من البشر بسبب تطوّر عيونها وتكوينها.
ماذا عن الثعابين ؟
تنظر الثعابين إلى العالم بشكلٍ مختلفٍ تماماً عن معظم الحيوانات الأخرى. فهي لديها نوعان من العيون ، عين تُعتَبر طبيعية إلى حدٍ ما، حيث يمكنها من خلالها التمييز بين الأشكال والألوان.
هذه العين حسّاسة للحركة ، وتمكّنها من اكتشاف حركة أيّ كائن حيذ، حتى من مسافةٍ بعيدة ، ما يساعدها على اكتشاف فرائسها بسهولة.
ومن المُثير للدهشة أن هناك حيوانات تعلم هذا الأمر عن الثعابين، لهذا حينما تراها تبقى ثابتة خوفاً منها، وفي الواقع لا يمكن لأنواع من الثعابين أن تكتشف الفريسة، حتى ولو كانت قريبة منها إذا كانت ثابتة ولا تتحرّك أو تصدر أيّ صوت.
وتُستخدَم العين الأخرى من قِبَل الثعابين في الليل أكثر ، وتتميّز بقدرة ما يُسمّى علمياً "الرؤية الحرارية"، فضلاً عن القدرة على استخدام الأشعة تحت الحمراء، ما يسمح لها بالكشف عن فرائسها بسهولةٍ كبيرةٍ، حتى لو كانت مخفيّة تماماً عن الأنظار.
الخيول
على عكس البشر والعديد من الحيوانات الأخرى، فإن عيون الحمير والخيول على جانبي وجهها وليست مستقيمة، ما يسمح لها برؤية كل ما يحدث بجوارها أو خلفها بوضوح.
بسبب الحجم الكبير للخيول والحمير مقارنة بالحيوانات الأخرى ، فإنها تحتاج إلى قدرة عالية على الرؤية ، وهذه القدرة تملكها بالفعل.
أثناء الليل ، يمكن للخيول والحمير رؤية العالم بوضوح أكثر من البشر، ولكن ماذا عن الألوان؟ لا ترى الخيل والحمير الألوان مثلنا، فعيونها تجعلها ترى العالم بظلال من الرمادي، إلى جانب بعض درجات اللون الأبيض والأسود.
لماذا يصعب قتل حشرة؟
تُعدّ أعين الحشرات مُعقّدة للغاية ، ومختلفة تماماً عن أعيننا كبشر، ومعظم الحشرات لديها عشرات الآلاف من العدسات في مُقلة العين. مثلاً ، يمكن لليعسوب على سبيل المثال ، أن يُبصر المشاهد التي تبدو لنا نحن البشر سريعة جداً جداً. بمعنى أنه يرى كل التفاصيل كما لو أنه يرى التصوير البطيء.
نفس الشيء يحدث مع حشرة السرعوف الشهيرة. لذا، يمكن لهذين الكائنين، على وجه الخصوص، أن يتّخذا الموقف السريع من كلِ شيء يحدث حولهما، بحيث يعمل دماغ كل واحدٍ منهما بشكلٍ أسرع من البشر.
بشكلٍ عام ، فإن معظم الحشرات لا تميّز الألوان ، ولكن تمتلك قدرة خارقة تساعدها على كشف أية حركة تحدث حولها ، وهو الأمر الذي يُفسّر لماذا يصعب دائماً قتل الحشرات.
ماذا عن الطيور؟
الأمر يختلف قليلاً بالنسبة إلى الطيور. حيث أن كل نوع منها يمتاز برؤية مختلفة عن النوع الآخر، فالحمام على سبيل المثال ، لديه قدرة مُذهلة على رؤية الألوان حوله، وربما أكثر من أيّ كائنٍ حيّ آخر.
بصفةٍ عامة يمكننا اعتبار النظر عند الطيور على أنه من أهم الحواس التي تمتلكها، فهو ما يسمح لها برؤية فريستها بدقّة شديدة على ارتفاعات عالية ، ومعظم الطيور لديها القدرة على رؤية الأشعة فوق البنفسجية.
أما عن الطيور المُفترسة أو ما يُعرَف ب (طيور الجوارح ) على سبيل المثال النسور ، فأعينها أقرب إلى المنظار الإلكتروني، الذي يمكنها التحكّم فيه بطريقة أبهرت علماء الطيور. فمن مسافةٍ بعيدةٍ جداً، يمكنها تركيز نظرها على كائن يسير على الأرض لرؤية تفاصيله بالكامل. الأمر أشبه بكاميرا السينما إنها مثل كاميرا بالإضافة إلى أنها تقوم بعمل"فوكس" على جزء من أي مشهد.
أسماك القرش لا ترى الألوان
هناك أسماك قرش ترى أكثر في المسافات العليا للمحيطات ولا ترى في الظلام بنفس القوّة ، بينما الأنواع التي تسكن أعماق البحار تتمتّع برؤية أكبر في الظلام.
لا تستطيع أسماك القرش رؤية الألوان كما نراها نحن البشر ، ولكن في المقابل يمكن أن ترى أعينها في الماء عشرات المرات أفضل من البشر والمخلوقات الأخرى التي تسكن الأرض.