ماذا يعني إغلاق إيران لمضيق هرمز؟

فبعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقّع في 2015 (6+1) مع إيران، بالإضافة إلى محاولة الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على طهران، ووصلت التهديدات الأميركية لدرجة منع طهران من تصدير نفطها، كان منطقياً أن تلوّح إيران باستخدام ورقة مضيق هرمز التي ستزيد من عزلة ترامب دولياً في ما يخصّ طريقة التعامُل مع إيران.

ربما تعمد لإغراق ناقلة نفط إيرانية عملاقة في المضيق وهذا لوحده سيكون كفيلاً بمنع تصدير 40% من النفط عالمياً لأشهر عديدة

يقع مضيق هرمز تحت السيادة الإيرانية وهو الأبرز عالمياً لموقعه الحيوي، حيث يمرّ قُرابة 40% من النفط المُصدَّر عالمياً عبره، يضمّ المضيق جزراً تتبع للسيادة الإيرانية أيضاً ثلاث منها عليها نزاع مع الإمارات وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ويكاد جزء كبير من تواجد القوات الأميركية في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى، هو لضمان انسيابية نقل النفط من الدول العربية النفطية إلى أنحاء متفرّقة من العالم، أبرزها اليابان وأوروبا والولايات المتحدة.

حيث تعتمد السعودية على نسبة 88% على مضيق هرمز لتصدير نفطها، والعراق بنسبة 98%، ثم الإمارات بنسبة 99% وكذلك بلدان أخرى مُنتجة للنفط مثل الكويت وقطر، ويُعدّ المضيق ممراً أساسياً للصادرات النفطية الإيرانية أيضاً.

فبعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقّع في 2015 (6+1) مع إيران، بالإضافة إلى محاولة الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على طهران، ووصلت التهديدات الأميركية لدرجة منع طهران من تصدير نفطها، كان منطقياً أن تلوّح إيران باستخدام ورقة مضيق هرمز التي ستزيد من عزلة ترامب دولياً في ما يخصّ طريقة التعامُل مع إيران.

أغنى الدول العربية بالنفط التي تعتمد الدول الصناعية الكبرى عالمياً على نفطها، يمّر هذا النفط عبر "هرمز"، فلو تم وقف تصدير النفط عبره، هذا يعني ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط عالمياً، ومن المؤكّد أن يتجاوز سعر النفط الـ 100$ للبرميل الواحد، وبالتالي ارتفاعاً كبيراً في أسعار المحروقات في أميركا وأوروبا ودول أخرى، وهذا سيكون كفيلاً بزيادة الضغط على ترامب والحكومات الأوروبية من قِبَل شعوبها، فباتت المعادلة اليوم التي وضعها الرئيس الإيراني حسن روحاني وقيادات الحرس الثوري الإيراني هي الآتي (مضيق هرمز إما يكون متاحاً للجميع، أو ممنوعاً على الجميع).

الردّ الأميركي على التلويح الإيراني الخطير، جاء دبلوماسياً ودلّل على ورطة كبيرة تعانيها الإدارة الأميركية، لأنه إذا منع تصدير النفط الخليجي عبر هرمز هذا يعني انقلاباً كبيراً في السوق الاقتصادية عالمياً، بالإضافة إلى أنه بالتأكيد سيزيد من ابتعاد أوروبا عن واشنطن، إذا وجّهت إيران هذه الضربة القاصمة فعلاً لأميركا.

إذا أغلقت إيران مضيق هرمز، هل سيكون ذلك بداية لحرب عسكرية طاحنة عليها؟

المؤشّرات تقود إلى العكس من ذلك، واشنطن تعي جيّداً أن طهران ربما لا تغلق المضيق عبر قوات بحرية في وجه ناقلات النفط العملاقة وحتى إذا حدث ذلك، فالولايات المتحدة لن تستخدم القوّة مع إيران لعدّة أسباب، من أبرزها هناك شبه توازن في القوّة، وبالعودة إلى بعض الأحداث التي حصلت خلال الفترة الماضية، حيث اعترضت الزوارق الحربية الإيرانية، سفينة تجارية أميركية في عام 2015 وقبل ذلك في ذات العام احتجز الحرس الثورة سفينة أخرى، وقبل وبعد ذلك العام كان الحرس الثوري الإيراني يمنع البحرية الأميركية من الاقتراب أو أخذ حريتها في المضيق، فكل هذا لا يعني أنه إذا أغلقت إيران المضيق سيكون ذلك ذريعة للحرب عليها، لكن طهران قد تنفّذ وعيدها بصورةٍ مختلقةٍ تماماً عن إشهار السلاح، وربما تعمد لإغراق ناقلة نفط إيرانية عملاقة في المضيق وهذا لوحده سيكون كفيلاً بمنع تصدير 40% من النفط عالمياً لأشهر عديدة.

وإذا كان السؤال كيف يمكن أن تغلق إيران مضيق هرمز، وهو الممّر الرئيس لنفطها؟

فعلاً يُعدّ إغلاق مضيق هرمز، مشكلة اقتصادية كبيرة لإيران وفي وقتٍ تعاني طهران فعلاً من أزمات اقتصادية داخليه تتعلّق بالعقوبات الأميركية والحصار الاقتصادي عليها، لكن هذه الخطوة ومع صعوبتها البالغة على الداخل الإيراني، زادت من التفاف الشارع حول القيادة الإيرانية، لأن القناعة الإيرانية تعرف جيداً ما لم تلوّح طهران بهذه الخطوة فستكون هي الخاسِرة الوحيدة، لأن الإدارة الأميركية في طريقها لمنع إيران من تصدير نفطها، فالرسالة الإيرانية بالتأكيد وصلت إلى المعنيين، وهي (ستشربون أولاً من ذات الكأس، قبل أن نشرب منها).