الميادين لاتحتاج جوازاً لدخول القلوب
كانت للميادين صولات وجولات في الميادين العربية التي تعاني من تكالب المُتخاذلين والمُطبّعين لتخريبها وتحديداً في سوريا والعراق، فالحق يقال... قناة الميادين شريك في الانتصار على داعش في العراق، لأنها كانت الشُجاعة والتي وصلت وخاطرت ونجحت في إظهار الواقع كما هو.
ست سنوات مرّت على عُمر الميادين، ستة أعوام من القتل والصراع في بعض مياديننا العربية سلّطت عليها الميادين الضوء لتتميّز عن غيرها من القنوات الإخبارية ، بتغطية إخبارية عملت من خلالها هذه القناة التي ولِدت في زمن إعلام السلطة وسلطة الإعلام، على إظهار الواقع كما هو وذلك الشعار الذي ترفعه القناة، ومع أن عُمر الميادين قصير مقارنة مع نظيراتها من القنوات الإخبارية، إلا أن قناة الميادين استطاعت وبجدارة أن تحجز لها موقعاً مُتميّزاً في العالم العربي ، وأصبح لها الكثير من الجماهير التي تريدها في كل زمان ومكان، ولعلّ خير دليل على ذلك هو في أواخر عام 2015، يوم تعرّضت الميادين إلى مُضايقات وحجْب من أحد أقمار البثّ الفضائي، تجمهر المئات من مختلف الطبقات العربية في أكثر من عاصمة للوقوف مع الميادين، وهذا الامتياز لم تحصل عليه قناة من قبل ، والجميل أنه أتى بعفويّة من جمهور القناة، وليس فقط من مختلف طبقات الشعب وقف مع قناة الميادين حينها بل راحت الحكومة العراقية تطلق إسم (الميادين) على إحدى الساحات المعروفة في بغداد، لدعم القناة في تلك الآونة، ذلك يعني أن هذه المؤسّسة باتت ناطقة بلسان شريحة لايُستهان بها من العالم العربي.
وربما أحد يسأل .. ولماذا هناك فئة غير قليلة تحب الميادين وتثق بها لدرجة كبيرة وتعتبرها مصدر الخبر الوحيد عندها؟
منطقياً يكون الجواب، لأن الميادين ولِدت في وقتٍ تخلّت أغلب القنوات الإخبارية عن مهنيّتها ومصداقيّتها في نقل الأخبار والتعاطي معها، وباتت القنوات ترتّب الملفات والأولويات للمشاهد العربي بصورة مشوّهة خدمة لأجندات سياسية همّها الوحيد هو تخريب الدول والتحريض على الإقتتال الطائفي تحديداً في عام 2011، فزيادة النفس الطائفي والانبطاح الإعلامي للمشاريع التخريبية، ساعدا الميادين على ملء الفراغ عند المشاهد العربي، وبذكاء إعلامي وصلت القناة ونافست بل واجتازت في الكثير من الأحيان نظيراتها بإمكانيات بسيطة، ولأنها صديقة المقاومة، فقد انتصرت بإمكانيات قليلة كما انتصرت المقاومة وهزمت المشاريع الخبيثة بإمكانيات بسيطة.
ولعلّني أستطيع القول، إن الأجهزة المعنية بمتابعة الإعلام العربي في إسرائيل لم ولن تعمل على متابعة قناة كما تتابع قناة الميادين منذ عقود، الميادين قلقت إسرائيل وإسم غسان بن جدو تردّد كثيراً على لسان المُحلّلين والمُتابعين في إسرائيل، يوم ولادة الميادين بات الجمهور العربي يعلم ما يُقال في إسرائيل ويتم تحليل ما يُقال بشكلٍ منطقي ومقنع ، وكشفت الميادين الكثير من كذب وزيف سلطة الاحتلال، وربما كان فيلم عملية "الوعد الصادق" التي نفّذها (حزب الله) في الجنوب اللبناني عام 2006، والذي حازت عليه الميادين وبثّته كأول قناة وأثار ضجة كبرى في إسرائيل، وثبّت هزيمتها في الحرب، كان الجواز الذي تكفّل بإدخال قناة الميادين إلى قلوب المتابعين العرب، فلم نعهد على أقل تقدير منذ عام 2000 وحتى ولادة الميادين أن هناك قسماً لمتابعة الشؤون الإسرائيلية نشِط كما هو في الميادين الآن، وبذلك استطاعت قناة الميادين أن تُعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعدما أصبحت أغلب القنوات الإخبارية تتناول فلسطين بخبر عابِر وهزيل ، وربما يتخلله الكثير من الأخطاء اللغوية في أواخر نشرات الأخبار ، بينما تتصدّر الأخبار المُفبركة في ما يخصّ سوريا وبعض البلدان العربية بداية النشرات الإخبارية.
وكانت للميادين صولات وجولات في الميادين العربية التي تعاني من تكالب المُتخاذلين والمُطبّعين لتخريبها وتحديداً في سوريا والعراق، فالحق يقال... قناة الميادين شريك في الانتصار على داعش في العراق، لأنها كانت الشُجاعة والتي وصلت وخاطرت ونجحت في إظهار الواقع كما هو، وباتت في الكثير من الأحداث هي المصدر الوحيد للصورة والخبر من داخل ساحات المعارك في العراق، لم تعمل على منافستها وسيلة عربية تنوي تشويه الحقيقة وربما حدث ذلك لأن الميادين باتت تعرف اللعب مع المُخرّبين وكيف لها أن تهزمهم، فالقناة رمت بثقلها وخصّصت ساعات من وقتها لتغطية أحداث العراق وتحرير المدن من يد داعش، فما بات المجال للتدليس والفبركة لأنه وبكل اختصار هناك صورة مباشرة من الميادين تنقل أولاً بأول.
الميادين شريك في انتصارات سوريا أيضاً، ففي وقتٍ لم ترافق وسيلة إخبارية عربية الجيش السوري في عملياته العسكرية والدخول إلى المناطق المُحرّرة ، والعمل على كشف المخططات الطائفية والعنصرية التي كانت تُحاك في سوريا، تكفلّت الميادين بكل ذلك وأكثر وتميّزت بإظهار الصورة الواقعية في سوريا ، وبذلك أحرجت العديد من القنوات الإخبارية العربية منها وحتى بعض العالمية بأن كذبها على الجمهور ماعاد ينطلي طالما ما تقوله الميادين مسموع عربياً وحتى إقليمياً، فمثلما يُقال إن دخول روسيا إلى سوريا وازن المعادلة العسكرية، فلنا الحق كصحافيين أن نقول، إن دخول الميادين إلى الميدان السوري وازن المعادلة الإعلامية أيضاً، والميادين التي احتفلت بانتصار حلب وباقي الانتصارات المهمة في سوريا وحتى لبنان، هاهي تستعد اليوم للاحتفال بالانتصار الكبير، ولن تنسى أنها وسيلة إعلامية تمسك العصى من النصف.
والميادين تميّزت أيضاً في البلدان العربية الأخرى من لبنان ذلك البلد المتعدد ونجحت في كسب ود واحترام جميع المكوّنات فيه ، إلى مصر كطبقة مثقفة وقومية وحتى لها محبون من الطبقات الكادحة والتي تحنّ إلى زمن انتصارات وشجاعة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وفي المغرب العربي أيضاً من تونس إلى المغرب إلى الجزائر إلى ليبيا حيث تواكب القناة أولاً بأول آخر المُجريات ويقظة جداً لكشف أية مخططات إعلامية تريد دقّ الإسفين بين أبناء البلد الواحد.
وفي ختام ما أقول أريد أن أشكر الميادين لأنها قرّبتنا كمجتمعات عربية من دول أميركا اللاتينية التي تقف عصيّة أمام العنجهية في العالم، أدخلتنا الميادين إلى بيت المقاومة الأممي (تشي غيفارا)، وعرّفتنا بعائلته وبذكرياته وتاريخه وهو ورفقيه (فيدال كاسترو)، وشكراً لأنها قرّبتنا أكثر وعرّفتنا عن خفايا وصراع فنزويلا بين طبقة الفقراء ومَن يريد بيع البلاد للأجنبي، وذكّرتنا وعرّفت البعض منّا بمواقف رئيسها الراحل (هوغو تشافيز)، دعماً للعرب وفلسطين في وقت يتكالب بعض العرب لتصفية عروبة فلسطين، وسير الرئيس الحالي(نيكولاس مادرو)، على ذات النهج، فحب الميادين لأميركا اللاتينية انتقل للكثير من الشباب العربي وحدّد العدو من الصديق بطريقة مهنية وصادقة.
وتبقى ميزة الميادين أنها لاتمتلك هوية طائفية أو مذهبية أو مناطقية في وقت باتت أغلب القنوات تتورّط بإثارة النزعات الطائفية والتمسّك بهوية واحدة والعمل على نبذ الآخر.