عن الميادين في عيدها السادس

في عالم متغير ومتسارع الأحداث وفي ظل تطور تكنولوجي يساهم في بروز منصات إعلامية بديلة تفرض أسلوبها على العمل الإعلامي وتغير المزاج العام للمتلقي، لا يمكن الاستمرار في اجترار الأساليب التقليدية. وهذا يضع الميادين أمام تحدٍ جديد في ذكرى انطلاقتها السادسة لتعزيز النهج الإبداعي ليتحول من الأسلوب الهرمي إلى ثقافة مؤسساتية تصاعدية لينطلق الإبداع من القاعدة.

الميادين في ذكرى انطلاقتها السادسة أمام تحدٍ جديد لتعزيز النهج الإبداعي

تأخذ الأعراف والنظم المتبعة في المهن شكلاً من أشكال المقدسات لا سيما في إدارة المؤسسات الإعلامية ليصبح التفكير خارج الأطر المعهودة نادراً. ويلتبس الأمر على غالبية العاملين بهذا الحقل فيحسبون الأفكار الإبداعية خروجاً عن المهنية أو ضرباً من السذاجة والجنون.
دأبت الميادين منذ تأسيسها عدم الالتزام بالأطر الموروثة، واتخذت من كسر الأطر التقليدية نهجاً دون المسّ بالضوابط والأصول المهنية. فأدخلت أنواعاً مبتكرة من النشرات والبرامج المتخصصة التي لاقت في بداياتها انتقادات كثيرة كونها شكلت سابقة في الإعلام العربي، لكن أثبتت مع مرور الوقت جدواها وفعاليتها حتى تحولت إلى فترات رئيسية عند مشاهدي القناة، إذ لبّت حاجة لم تكن مشبعة عند الجمهور.

واستعرض هنا بعض النماذج المبتكرة.
1) كرست الميادين نشرة يومية فريدة من نوعها تعنى بتطورات الميدان تحت عنوان "الميدانية" تضمنت تقارير ورسائل من المراسلين، بالإضافة إلى خبير عسكري في الاستديو. وأطلقت برنامجاً استثنائياً بعنون "بين عواصم القرار" حيث أطل مدراء مكاتب الميادين من العواصم العربية والعالمية لمناقشة القضايا الساخنة، ولشرح المعطيات لدى صنّاع القرار في عواصم القرار.
2) اقتصرت مشاركة الميادين في تغطياتها الخارجية على المشاركة بنوافذ إخبارية يقدمها مذيعوها كحال قنواتٍ أخرى، لكن في الآونة الأخيرة شرعت في تقديم نشرات كاملة ومتنوعة من أماكن تغطياتها في الخارج لا تختلف بشيء عن النشرات اليومية، وتستضيف المراسلين والخبراء. هذا تطلب جهداً مضاعفاً من فريق العمل التحريري والتقني والفني، عوضاً عن الحاجة إلى التنسيق الدقيق مع العاملين في المقر.

في تغطيتها الأخيرة للانتخابات التونسية والعراقية قدمت الميادين نشراتها الرئيسية تارةً من مقرها (بيروت) وتارةً من تونس والعراق، مما جعلها تخرج من رتابة الاستديو وأظهرت لا محدودية في أماكن تقديم وإعداد النشرات.
3) تتفاعل الميادين مع الأحداث بالسياق الذي يراعي تطلعات جمهورها، فلا تجد حرجاً في تعديل برمجتها وفقاً للأحداث. فقد تجمدت إحدى نشراتها لأيام أو لشهور لصالح برنامج معين مختص بشأن حدثي ما. وخير مثال على ذلك الانتخابات اللبنانية حيث أفردت القناة ثلاث فترات لتحاور مرشحين على حساب تغطيات ونشرات أخرى. وبعيد انتهاء الانتخابات عادت إلى برمجتها المعتادة.

قد يشتبه البعض ويحسب تعديل البرمجة ميوعة لا توحي بالثبات، لكن ازدياد المتابعين يثبت أن المرونة مجدية  في عالمنا الحالي لتتماشى مع الأحداث.
4) عمدت الميادين إلى نقل التغطية في بعض الأحيان من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة، حيث غطت معارك الموصل مباشرةً على وسائل التواصل، وأتاحت لجمهورها طرح الأسئلة بشكل مباشر على مراسليها في الميدان الحربي، دون وجود محاور وسيط. وهذا ما أدى إلى تعزيز علاقة القناة بجمهورها على وسائل التواصل الاجتماعي.
في عالم متغير ومتسارع الأحداث وفي ظل تطور تكنولوجي يساهم في بروز منصات إعلامية بديلة تفرض أسلوبها على العمل الإعلامي وتغير المزاج العام للمتلقي، لا يمكن الاستمرار في اجترار الأساليب التقليدية. فقد بات لزاماً ايجاد قوالب جديدة ومبتكرة من خارج الصندوق الكلاسيكي. وهذا يضع الميادين أمام تحدٍ جديد في ذكرى انطلاقتها لتعزيز النهج الإبداعي ليتحول من الأسلوب الهرمي إلى ثقافة مؤسساتية تصاعدية لينطلق الإبداع من القاعدة وهذا يتطلب تأمين كافة مستلزمات بيئة العمل التفاعلية والمحفزة والمندفعة.