مسؤولة بحرينية تتوعّد الشيعة.. بالسوط الأميركي!
نقول للمستشارة «الثائِرة» إن الشيعة العرب يموتون في سبيل قضايا ومطالب وطنية وقومية مُحقّة؛ وهم مُكوّن أساسي من مكوّنات هذه الأمّة، حيث لم يبخلوا يوماً في بذل دمائهم وأغلى ما يملكون للدفاع عن حدود وسيادة واستقلال أوطانهم التي يعيشون فيها منذ مئات السنين؛ وليس للدفاع عن إيران كما تزعمين، مقابل تجاهلك المُهين للدماء السودانية والإماراتية والسعودية التي تُسفَك في اليمن بشكلٍ يومي ، على مذبح الأطماع الامبراطورية لمحمّد بن سلمان.
توعّدت مستشارة وزارة الإعلام في البحرين "سوسن الشاعر" أبناء الطائفة الشيعية في البلدان العربية بأيامٍ سوداء وحربٍ عسكرية واقتصادية في الأيام المقبلة!
وقالت «الشاعر»، في تغريدة لها على «تويتر» "يومياً شيعة عراقيون ولبنانيون ويمنيون وبحرينيون وسعوديون يموتون دفاعاً عن المصالح الإيرانية، قبل أن يتشكّل التحالف الدولي لمواجهة إيران؛ فماذا سيحدث بعد أن يتشكّل هذا التحالف الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الأميركية؟ ذلك يعني أن أياماً سوداء قادمة في الطريق لخَدَم إيران في المنطقة"!
وتابعت: «العقوبات الاقتصادية على إيران، وتصنيف حَرَسها الثوري الإيراني كمنظمّة إرهابية، سيحدّ كثيراً من قدرة إيران على تمويل وكلائها في المنطقة؛ وهم المقصودون في المرحلة القادمة؛ هم وقودها؛ هم ضحاياها؛ هم مَن سيسقطون فيها»[1]!
للوهلة الأولى، قد يلتبس الأمر على القارئ في تحديد هوية مُطلِق هذه المواقف النارية والحاقِدة، سواء ببُعدها السياسي أو الطائفي. وهو سيجد صعوبة في تصديق صدور مثل هكذا تصريح عدائي سافِر عن «مسؤولة» موجودة في أدنى سُلّم هيكلية القرار داخل النظام السياسي في «مملكة البحرين العظمى»!
والمقصود هنا أن هذه المستشارة، وإن كانت تُعبّر بشكلٍ صلفٍ عن مكنونات الأسرة الحاكِمة في البحرين، وعن هواجِس تلك الأسرة تحديداً من الخطر «الشيعي» المُتفاقِم، داخل المملكة وفي المنطقة عموماً، إلاّ أن «استقواءها» بتهديدات وعنتريات وزير الخارجية الأميركي الجديد، مايك بومبيو، تجاه إيران وأصدقائها وحلفائها، يظلّ (هذا الاستقواء) موضع استهجان واستنكار شديدين، لأنه يشكّل خروجاً فاضحاً عن الأُطُر الدبلوماسية المُتعارَف عليها في العلاقات الدولية، من جهة؛ وكونه يعني استدعاء مباشراً (ولو من قِبَل دولة صغيرة لا تملك زمام أمورها) لغزو أو احتلال أجنبي مباشر لبعض الدول العربية، والتي لا تزال مُمثّلة داخل الأُطُر السياسية والإدارية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ فضلاً عن وجودها الثابت داخل المؤسّسات الدولية الكبرى، مثل هيئة الأمم المتحدة وغيرها.
في الواقع، ومن منظار التحليل السياسي الهادئ، نقول إن ما صدر عن هذه المستشارة يُعبّر عن عمق أو شدّة الصدمة التي تلقتّها الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، ومن ثمّ أدواتها من الإمارات والممالك النفطية المُتخَمة في المنطقة، على خلفيّة التحوّلات الاستراتيجية الأخيرة في المنطقة (في سوريا والعراق خصوصاً)؛ وبالتوازي يمكن فَهْم الحال الهستيرية التي وسمَت ردود فعل قادة سياسيين وعسكريين في الكيان الإسرائيلي، بعد اقتراب النظام السوري من تحرير معظم الأراضي السورية من الجماعات الإرهابية، والتي تلقّت كلّ أنواع الدعم من قِبَل "الاتحاد التدميري" - الذي يضمّ السعودية ودول الخليج الدائرة في فلكها، ومنها بالطبع مملكة المستشارة المذكورة - والذي تترأسه الإدارة الأميركية، منذ بدء الحرب في سوريا وعليها" في العام 2011.
وبالتالي، فإن تهويلات المستشارة سوسن الشاعر حول إنشاء تحالف دولي جديد لمواجهة إيران «وأدواتها» في المنطقة لن تُغطّي على تقدّم المسار التاريخي الذي انطلق في المنطقة منذ مرحلة ما بعد انتصار الثورة الإيرانية في العام 1979؛ وهو المسار الذي تبلور لاحقاً في لبنان والعراق وسوريا واليمن، بغضّ النظر عن المُسمّيات التي أُعطِيت له، أو التباينات الموجودة بين الدول والحركات المنضوية في أُطُره المختلفة.
وعليه نقول للمستشارة «الثائِرة» إن الشيعة العرب يموتون في سبيل قضايا ومطالب وطنية وقومية مُحقّة؛ وهم مُكوّن أساسي من مكوّنات هذه الأمّة، حيث لم يبخلوا يوماً في بذل دمائهم وأغلى ما يملكون للدفاع عن حدود وسيادة واستقلال أوطانهم التي يعيشون فيها منذ مئات السنين؛ وليس للدفاع عن إيران كما تزعمين، مقابل تجاهلك المُهين للدماء السودانية والإماراتية والسعودية التي تُسفَك في اليمن بشكلٍ يومي، على مذبح الأطماع الامبراطورية لمحمّد بن سلمان.
ولا ننسى أيضاً، الدماء العربية والإسلامية "النقيّة" التي سُفِكت - ولا تزال - على الأرض السورية، والتي لم توفّر الشيشاني والآذري والقوقازي، فضلاً عن المغربي والتونسي والأردني والسعودي؛ ولا نعتقد أنها سُفِكت في سبيل الدفاع عن سيادة سوريا وحريّة شعبها، أو في إطار «التمهيد» العربي والإسلامي لتحرير فلسطين وإنقاذها من براثن العدو الحقيقي لدول وشعوب هذه المنطقة، منذ 70 عاماً، أي الكيان الإسرائيلي، الذي لم تعد إدارة ترامب تخفي «ذوبانها» الكامل في منظومة الدفاع عنه، حسبما كشف مايك بومبيو مؤخّراً، وهو «الصقر» الأميركي المُشبَع بالكراهية لكلّ العرب والمسلمين، وليس للشيعة وحدهم، كما تزعم أو تتمنّى المستشارة البحرينية.
[1] مسؤولة بحرينية تتوعّد الشيعة في الدول العربية بأيام سوداء، موقع الخليج الجديد، 22/5/2018.